تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



ملف | التنمية هدف إستراتيجي لمنتدى الإعلام العربي في دبي


دبي : الأمير كمال فرج .

تحت شعار "تحوّلات إعلامية مؤثرة"، وهدف إستراتيجي وهو "تحقيق إعلام التنمية" بدأت أعمال منتدى الإعلام العربي الذي ينظمه نادي دبي للصحافة في دورته السابعة عشر، بحضور أكثر من 3 آلاف مدعو من القيادات والرموز الفكرية في المنطقة ، وفي ظل اهتمام رسمي وإعلامي كبير .

شهد الافتتاح نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ، بحضور ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ، ونائب حاكم دبي الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم.

وحضر الافتتاح، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم،، وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، ووزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل محمد بن عبدالله القرقاوي،  ووزير دولة "رئيس المجلس الوطني للإعلام  الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، " ورئيسة نادي دبي للصحافة رئيسة اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربي منى غانم المرّي،  وحشد من القيادات الإعلامية العربية والأجنبية والمعنيين بالشأن الإعلامي في المنطقة.


العلاقات الإماراتية البحرينية

تحدث خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الإعلام العربي الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وزير خارجية مملكة البحرين وحاورته الإعلامية بقناة "العربية" منتهى الرمحي، حيث تطرق إلى عمق ومتانة العلاقات البحرينية الإماراتية، مشيداً بالتطور الكبير الذي حققته دولة الإمارات وجعل منها مصدراً يتعلم منه الجميع كيفية صناعة المستقبل بالعمل الجاد والالتزام اللذين كانا سبباً في تحقيق هذا النجاح.

وتناول وزير خارجية البحرين في حديثه حركة التطوير القوية التي تشهدها المملكة العربية السعودية، وقال إنها تحمل معها الخير للمنطقة كلها، منوهاً أن علاقات البلدين تؤطرها المصلحة المشتركة والتنسيق والتشاور المستمران، في حين تحدث أيضاً عن الأزمة الراهنة في المنطقة مشدداً على أنه لا مجال للتقارب مع النظام القطري الحالي في ظل مواقفه الصادمة، مستبعداً فرص المصالحة في ظل النظام القائم.

وتطرق الحوار إلى علاقة مملكة البحرين بإيران، حيث قال وزير الخارجية البحريني أن "النظام الإيراني الحالي يشكل تحدياً كبيراً للمنطقة بكل ما يتبعه من سياسات التدخل في شؤون دولة المنطقة، وأن الشعب الإيراني يعاني هو الآخر من هذا النظام".

ووصف العلاقات الأمريكية الخليجية بأنها قديمة، وتصل إلى مستوى التحالف القائم على أساس استقرار المنطقة، وقال إن هذه العلاقة لا ترتبط بأشخاص بعينهم، ووصف العلاقات الأمريكية الخليجية في الوقت الراهن بـأنها في أحسن حالاتها وتبشر بالخير.

الإعلام والتنمية

 

كانت رئيسة نادي دبي للصحافة، الجهة المنظمة لمنتدى الإعلام العربي منى غانم المرّي، ، قد ألقت كلمة رحبت خلالها بضيوف دورته السابعة عشرة نوهت خلالها بالموضوعات المطروحة على طاولة النقاش والتي تدور حول علاقة الإعلام بالمتغيرات الحاصلة في محيطنا العربي والتي كان الإعلام حاضراً فيها تأثيراً وتأثّرًا.

وأشارت منى المري إلى محاولة المنتدى التوصل إلى تصورات واضحة لأبعاد علاقة التأثير والتأثر بين الإعلام ومجريات الأحداث في عالمنا العربي، حيث ساهم الإعلام في أوقات كثيرة في تحديد مسار تلك الأحداث بما لها من تبعات كانت هي الأخرى ذات تأثيرات عميقة في صفحة الإعلام، لافتة إلى الحاجة أصبحت ملحة اليوم لإيجاد صيغ جديدة يمكن بها صون دور الإعلام كأحد محركات الدفع الرئيسة لحركة التطوير والتنمية، ويعزز مساهمته في تثقيف العالم عما تحمله المنطقة بين ثناياها من معطيات التميز.

وأكدت منى المري أن الوصول بالإعلام العربي إلى منتهى الإبداع والتميز كان هدفا أصيلاً للمنتدى منذ انطلاقه وقالت: "الهدف الاستراتيجي الذي سعينا إليه منذ البدايات الأولى لمنتدى الإعلام العربي هو كيفية الارتقاء بالدور البنّاء للإعلام وتهيئة البيئة التي تضمن مشاركته في دعم مسيرة التنمية العربية".


أفكار جديدة

أكد الكاتب والناقد السعودي الدكتور عبدالله الغذامي أن الخوف الثقافي هو أخطر أنواع الخوف، مشيرا إلى أهمية العمل على تقديم أفكار جديدة تسهم في دفع المجتمعات العربية للأمام بعيدا عن الشعارات البراقة المضللة.

وأوضح الغذامي ـ في جلسة بعنوان "أفكار جديدة... لماذا الخوف؟" ـ أن الخوف الثقافي هو بمثابة فيروس إعلامي يحمل اضرارا ثقافية تعوق انطلاق الأفكار الجديدة، ويدفع إلى التمسك بالماضي على حساب الحاضر والمستقبل.

وأشار الغذامي إلى أهمية تعدد الأفكار والآراء التي تثري المجتمعات، وضرورة التعامل مع هذا الخوف ومواجهته، ضاربا مثالا بمظاهرات وقعت مؤخرا في العاصمة البريطانية لندن، إحداها لمؤيدين لبقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي، حيث رفعوا شعارات تحذر من دفع فاتورة تقدر بالمليارات في حال الانفصال، فيما رفع المعارضون للبقاء داخل الاتحاد الأوروبي لافتات أخرى توضح المكاسب البريطانية التي قدروها هي الأخرى بالمليارات في حالة مغادرة الاتحاد. 

وقال الغذامي إن "الذاكرة العربية تحمل مغالطات ثقافية عديدة، أبرزها المفهوم الخاطئ للأفكار القومية، مشيرا إلى أن تلك الأفكار نتجت عن الاستعمار وما تولد عن ذلك من لحظات انكسار  ومفاهيم مغلوطة، ضاربا مثالا على ذلك بما حدث خلال هزيمة عام 1967، عندما تجاهل حزب البعث السوري الهزيمة في ذلك الوقت، معلنا أن إسرائيل فشلت في إسقاط حزب البعث والثورة البعثية، أي أن الإسرائيليين فشلوا في إسقاط الرمز الثقافي والسياسي البعثي".

وأضاف الغذامي ان الأفكار القومية انحسرت لتأتي بعدها الأفكار المتطرفة التي تتخفى في عباءة الدين، ومنها ما روجت له جماعة "الإخوان المسلمين" الإرهابية، والتي أطلقت أفكارا مضللة مسمومة لخدمة أهداف سياسية بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة.


لماذا نخاف التغيير

اعتبر سلطان السعد القحطاني، رئيس تحرير صحيفة «الرياض بوست» أن الإعلام الرقمي يهدد بقوة الصحافة الورقية، التي تشهد أزمة حقيقية في عصرنا الحالي، تتجسد يوما بعد يوم، في ظل التطور الذي يشهده الإعلام الرقمي وانتقال القراء إلى المحتوى المجاني الأكثر سرعة وتطورا على شبكة الانترنت.
 
وطرح القحطاني، خلال جلسة بعنوان "لماذا نخاف التغيير الإعلامي" التي عقدت ضمن فعاليات اليوم الأول من الدورة الـ 17 لمنتدى الإعلام العربي الذي ينظمه ناديي دبي للصحافة مجموعة من التساؤلات حول ماهية العلاقة بين الصحافة المطبوعة والرقمية، ورهانات التغيير في مضمار الصحافة في ظل التحولات الإعلامية.

واعتبر القحطاني أن الخوف من التغيير الإعلامي هو الشعور السائد حاليا بين مؤيدي بقاء واستمرار الصحافة الورقية، غير أن ما وصفه بـ "قطار التغيير السريع" سيسحق أي خوف أو تردد نحو التطور والتكيف مع آليات وأدوات العصر الإعلامي الحديث.

وقال إن "قطار الإعلام الرقمي والالكتروني لا يتعين الوقوف أمامه وعرقلته"، مشيرا إلى أن القارئ لا يستطيع الان الانتظار 24 ساعة كاملة حتى يعرف من خلال الصحافة الورقية التطورات العالمية التي تتسارع من حوله، مؤكدا أن الصحافة الورقية أمام تحدٍ حقيقي إذا لم تكن لديها القدرة على مواكبة التطور الرقمي الإعلامي، وتطوير المحتوى اعلامي الذي تقدمه للقارئ.

واعتبر المتحدث أن الصحافة الورقية على وشك أن تنتهي من الوجود، مشيراً إلى أن صحافة الإنفوجرافيك والانترنت هي القادرة على البقاء والاستمرار، غير أنه أكد أن المحتوى هو الأهم سواء كان من خلال الصحافة الرقمية أو المطبوعة.

وأكد رئيس تحرير "الرياض بوست" أن الإعلام الرقمي يعيش فورة كبيرة مع ظهور مواقع الكترونية إخبارية جديدة ، في الوقت الذي تشهد فيه المواقع الإلكترونية والصحافة الرقمية توسعاً مستمرا في ظل الإقبال الكبير الذي تشهده، مشيرا إلى أن كل هذه المعطيات والأرقام تطرح سؤالاً بديهياً: هل ما زالت الصحف الورقية قادرة على الاستمرار على رغم ارتفاع كلفة الطباعة وتراجع أعداد القراء والمعلنين؟ والى متى ستصمد في مواجهة الإعلام الإلكتروني؟

وتوقع القحطاني زوال الصحافة الورقية في المستقبل لتحلّ المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي مكانها بشكل كامل، إن لم تكن قادرة على تطوير المحتوى الإعلامي.
 وأشار إلى أن هناك ما يسمي بـ "معركة الوجود" بين الصحافة الورقية والإعلام الإلكتروني عالمياً، غير أن التغيير هو كلمة السر التي ستحدد مصير "معركة البقاء"، في حين أن الإعلام الإلكتروني والرقمي يخطو خطوات كبيرة نحو حسم تلك المعركة، بما في ذلك إتاحة خدمة مقاطع الفيديو التي تنقل المشاهد مباشرة الى موقع الحدث، إضافة إلى خدمات الانفوجرافيك وعرض الأخبار الجديدة لحظة بلحظة، ما يحقق أفضلية «السبق الصحافي» على حساب الصحف المطبوعة التي تضطر للانتظار لطبع الخبر اليوم التالي.

وأشار الإعلامي السعودي إلى أن ثمة إمكانات تقنية أخرى تخدم الإعلام الرقمي، كقدرة المستخدمين على الوصول الى أرشيف المحتوى الإعلامي من خلال كبسة زرّ، وكلّ هذه المقومات تعطي المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي الأولوية على الساحة الإعلامية اليوم.

وفي ختام حديثه، تطرق القحطاني للقنوات التليفزيونية، التي تنبّأ بأنها ستواجه ذات التحديات التي تعترض الصحافة المطبوعة إذا لم تطور نفسها وتواكب التغيرات الإعلامية، حيث لن تكون تلك القنوات قادرة على البقاء حيث سيكون "التليفزيون حسب الطلب" هو التطور الطبيعي مستقبلا.

قصص إعلامية

في جلسة بعنوان "قصص إعلامية كبرى"، أكد زميل معهد السياسة الخارجية بجامعة جون هوبكنز للدراسات الدولية، افشين مولافي، أن القصص والموضوعات التي تناولتها الوسائل الإعلامية في المرحلة الراهنة تعبر عن الواقع العالمي بكل تفاصيله كما توفر صورة واضحة عن مستقبل العالم بصورة عامة، فضلاً عن تقديم تصور متكامل عن مستقبل مختلف المجالات والقطاعات.

وأشار مولافي أن المنصات الإعلامية المختلفة رصدت التغيرات التي حدثت على الساحة العالمية خلال الفترة الماضية بغض النظر عن مستوى المهنية والحرفية المتبع، حيث استطاعت في بعض الأحيان أن تعبر عن آلام وأحلام الجمهور وتطلعاته، فيما أخفقت في احيان أخرى في أن تكون مرآة معبرة عن واقع الناس.

وأوضح مولافي أن تحليل المشهد الإعلامي العالمي ورصد القصص الإعلامية الأكثر تداولاً يُمثل توثيقاً صحافياً وإعلامياً لتاريخ العالم، لافتاً أن أهمية القصة الإعلامية تتحدد بناءً على عدد المتابعين والمهتمين بالموضوع محل الرصد، وضرب مثالاً بالانتخابات الامريكية والأوروبية والتي تحظيان بأهمية كبيرة انطلاقا من تأثيرهما المهم على الساحة الدولية.

وعلى عكس القصص أو الأحداث التي ترتبط بوقت معين، أكد مولافي أن بعض القصص الإعلامية تتصدر وسائل الإعلام بشكل دائم لما تتسم به من جاذبية لدى شرائح كثيرة من الجمهور، كما هو الحال مع نهوض الصين والهند، وتحوّل ميزان القوى الاقتصادي من الغرب إلى الشرق، فضلاً عن النمو السكاني المستمر لآسيا وأفريقيا في مقابل انكماش سكان أوروبا.

ورصد مولافي دور الإعلام الإيجابي في رصد التحديات والأزمات التي شهدها العالم في الأعوام الماضية والتي جاء في مقدمتها الازمة السورية ومشكلة اللاجئين وتنظيم "داعش"، موضحاً أن التغطية الإعلامية ساهمت بالإيجاب في إلقاء الضوء على زوايا وأبعاد مختلفة لهذه الاحداث بما يلفت الانتباه إلى العقبات التي قد تحدث في المستقبل.


وأكد مولافي أن رصد الإعلام لمعدلات النمو في آسيا وافريقيا شكّل توجه عالمياً جديداً مفاده أن موازين القوى لا سميا الاقتصادية سوف تشهد تغيرات حادة في المستقبل القريب حيث ستشرق شمس دول جديدة وتغرب أخرى، لافتاً أن ذلك النمو مثّلَ انذاراً للقادة وصناع القرار ذلك النمو يعني مزيداً من الاحتياجات ومزيداً من الضغط على البنى التحتية.

وأوضح مولافي الحدة التي تتسم بها عملية انتشار المعلومات في الوقت الحالي بحيث أصبح من الممكن أن يروج الإعلام لفكرة أو منتج بما يسبب انتشارها بشكل كبير خلال وقت قصير جداً مقارنة بمعدل الانتشار في الماضي، ضارباً مثالاً باختراع الراديو والذي تتطلب عقوداً حتى وصل لمليار منزل، في حين أن بعض التطبيقات والألعاب الالكترونية وصلت لهذا الرقم خلال فترة تناهز شهر.

وأكد مولافي أن دور الإعلام وأهميته خلال المرحلة المقبلة سوف تشهد ازدياداً ونموا كبيرين وذلك بسبب الانتشار الكبير للهواتف الذكية التي أصبحت من الوسائل الأكثر استخداماً لتصفح الوسائل الإعلامية ومواقع الأخبار، مشيراً أن عدد الهواتف الذكية ارتفع ليصل إلى 3 مليار هاتف حالياً بعد إن كانت غير موجودة في العام 2007، مع توقعات بأن يصل الرقم إلى 6 مليار هاتف بحلول العام 2021.


تحولات سياسية

ضمن أعمال منتدى الإعلام العربي، عقدت جلسة تفاعلية لمدة 20 دقيقة تحدثت فيها الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات بعنوان "تحولات سياسية غيرت المشهد الإعلامي" أكدت خلالها أن المشهد الإعلامي العربي أصبح متشعبا سياسياً لدرجة لم يعد واضحاً هل الإعلام يؤثر على السياسة أم أن السياسي يفرض نفسه على المشهد الإعلامي.

وأشارت إلى ان التحولات هي جزء من الطبيعة الكونية في العالم وسرعة حدوثها هو جزء من المستقبل المنشود في المنطقة، وقالت ان أبرز التحولات السياسية في المنطقة العربية والتي انعكست على المشهد الإعلامي هما: "المشروع الإيراني" و "المشروع التركي"، مؤكدة أن الإعلام العربي وسط الازمات الموجودة في المنطقة نجح في ابراز تأثير الأزمة السياسية مع قطر ولكنه فشل في تحليل حقيقة الخطر الإيراني، مع انعكاس تدخلات طهران في شؤون البلدان العربية ولا سيما محاولاتها المستمرة لتصدير أفكار ثورتها الإسلامية إلى المنطقة الخليجية.

كما وصفت د. ابتسام الكتبي الإعلام العربي بالمنقسم اتجاه "المشروع التركي في المنطقة" بين مدافع عنه بكونه يتبنى مشروع الإسلام السني المعتدل وبين معارض له كونه مشروع يتقارب ويتحالف استراتيجياً مع إيران.

وأوضحت د. الكتبي أن هذا التقارب هو ايضاً احد التحولات التي لم ينجح الإعلام العربي في تحليله لشعوب المنطقة، قائلة ان توافق إيران وتركيا في الآونة الأخيرة إزاء عدد من القضايا السياسية الحالية، مثل دعم قطر سياسياً واقتصادياً، والتنسيق فيما يخص الصراع في سوريا، لا يرقى إلى مستوى التحالف استراتيجي طويل المدى، وهو ليس إلا زواج مصلحة ستنتهي صلاحيته مع انتهاء طموحات الدولتين، فإيران بالنهاية تسعى إلى هيمنة شيعية، بينما تركيا تسعى إلى زعامة سنّية.

ولفتت المتحدثة إلى أن الإعلام العربي اثبت عدم قدرته على تحليل أزمات المنطقة وبينما يعود ذلك إلى سبع سنوات مضت لم يتمكن فيها من تحليل حقيقة الازمة السورية، كما هو عاجز اليوم عن تفسير حقيقة القرار الأمريكي الصادر منذ أيام حول انسحابها من سورية.

وأكدت الكتبي أن من أبرز التحولات السياسة التي غيرت المشهد الإعلامي هو ما يحدث اليوم في السعودية من تطور إيجابي كبير، مشيرة أن العالم العربي مقبل نحو تقاسم الأدوار في المنطقة، حيث ستعوض السعودية اليوم الفراغ الإقليمي الذي استمر لمدة طويلة.

وأشارت خلال حديثها أمام المنتدى إلى ان مواقع التواصل الاجتماعي تقف وراء اختفاء التحليل من المشهد السياسي والإعلامي العربي، وغياب هذا التحليل هو أحد اهم التحولات الخطيرة التي يجب الانتباه لها، كما كانت تلك المواقع السبب الحقيقي وراء ظهور "الفاشينستا السياسية" إلى سطح الإعلام العربي، واصفة الإعلامي الحقيقي بانه من يقف وراء التحليل وليس الخبر.

مفهوم الشرق الأوسط

أشاد المحلل السياسي الدكتور مأمون فندي، مدير برنامج الشرق الأوسط وأمن الخليج بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، بالتجربة الإماراتية لاسيما في بعدها التنموي، واصفاً أياها بالواقعية حيث نجحت الإمارات في صياغة واقع خاص بها دون الالتفات إلى المصطلحات البراقة بل صبت جل اهتمامها على تحديد وتنفيذ خطط التنمية في مختلف المسارات بما يحقق الرؤية الأشمل للدولة ويلبي تطلعاتها للنمو ورغبتها في المساهمة بشكل فعال في صياغة المستقبل ومواكبة التطور الحاصل في مختلف المجالات.

من جهة أخرى، أكد فندي أن مصطلح أو مفهوم "الشرق الأوسط" ليس وصفاً لواقع بل هو نتاج للغة إعلامية عربية غير دقيقة ينبغي العمل على تغييرها لسد الفجوة بين يقال عبر وسائل الإعلام وبين ما هو كائن بالفعل، حيث تناول خلال جلسة "شرق أوسط برؤية جديدة" التي عقدت ضمن فعاليات اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي في دورته السابعة عشرة مفهوم "الشرق الأوسط" من مختلف الوجوه سواء الثقافية أو الجغرافية، معتبراً أن الإعلام العربي لم يقدم رؤية واضحة عن هذا المفهوم، على عكس مفهوم العالم العربي الذي يعد وصفاً دقيقاً لكيان قائم بالفعل يضم مجموعة من الدول التي تتحدث لغة واحدة ولها ثقافة واحدة.

وشدد فندي على ضرورة تبني المؤسسات الإعلامية العربية للغة جديدة أكثر تحديداً وأقل مواربة عند توصيف الأمور لسد الفراغ الذي قد ينتج عن استخدام التعابير والكلمات الفضفاضة، مشيراً أن الإعلام العربي لم يقدم للمتلقي تعريفاً واضحاً عن مفهوم "الشرق الأوسط" والكثير من المفاهيم التي يتم استخدامها دون التحقق منها، ضارباً مثالاً بمفهوم "صراع الحضارات" الذي تصدّر العناوين والحوارات بين العامة والخاصة على مدار أعوام طويلة، وصولاً لمفهوم "صفقة القرن" الذي يلقى رواجاً في الفترة الحالية بين العديد من الفئات من دون أية معايير واضحة عن ماهية المصطلح ودقة ما يصفه.

ولفت مدير برنامج الشرق الأوسط وأمن الخليج بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن أن الإعلام العربي لم يتمكن من تطوير مفردات جديدة تصف بدقة ما يجرى على أرض الواقع من أحداث ما يعني أن هناك انفصالاً بين اللغة الإعلامية العربية والواقع الذي تعيشه شعوب المنطقة، لافتاً أن مصطلح "العالم العربي" أكثر وضوحاً مقارنةً بمصطلح "الشرق الأوسط" ومن شأنه أن يملأ الفراغ الجيوستراتيجي الناتج عن قصور اللغة الإعلامية في توصيف مصطلح "الشرق الأوسط".

وأوضح فندي أن بعض المؤسسات الإعلامية العربية نجحت في خلق لغة ومفاهيم جديدة، إلا أنها جاءت لغة منحازة واستقطابية فضلاً عن كونها هوت في كثير من الأوقات بعيداً عن المعايير والقيم الصحافية المتعارف عليها لتحقيق مصالح وأجندات خاصة، وعبر المتحدث عن رغبته في تطوير مفهوم "الشرق الأوسط الجديد" ليصبح كياناً عربياً يراعي البعد الاقتصادي لفكرة القومية العربية دون الايغال في معناها السياسي، مشدداً أن هذا من شأنه أن يمنع دخول دول وقوى مجاورة وغير مرغوب فيها ضمن هذا الحيز.

وتسأل فندي في نهاية الجلسة عن قدرة الإعلام العربي في المرحلة القادمة على خلق وعي جديد ولغة جديدة تصف الواقع بمهنية وحرفية لا سميا في ظل ما يشهده العالم والمنطقة من تحديات أفرزت تداعياتها حرباً كلامية يحاول أطرافها الحصول على أكبر قدر من المكاسب وإلحاق الضرر في ذات الوقت بالأطراف الأخرى.

واختتم فندي بمقارنة دور الشعر العربي في إثراء اللغة العربية والوعي العربي بما حققه الإعلام العربي حيث اعتبر أن الشعر منذ العصر الجاهلي يقدم للجمهور علاقات لغوية جديدة تسلب الألباب وتعمل العقل، في حين جاء دور الإعلام العربي باهتاً من خلال اللغة التي تبناها والتي تتسم بقدر كبير من الخجل والمواربة.


التحول الإعلامي

استعرضت جلسة "التحول الإعلامي"،  الذي قدمها  بيتر بيل رئيس تحرير موقع "ويكي تريبيون"،  خلال فعاليات اليوم الأول من منتدى الاعلام العربي في دورته السابعة عشرة ،  المعايير والخطوات التي يتبعها الموقع في صياغة ونشر واستقاء الاخبار التي يقوم بتغطيتها، والتي تشمل استعراض الآراء المتنوعة  ووجهات النظر المختلفة لوضع سياق  متكامل للتغطية الإخبارية للحدث،  والنظر الى أهمية الحدث  ومدى تجاوزه لنطاقه المحلي وصولا للعالمية، بالإضافة إلى أهمية وجود حقائق تعزز تفاصيله.

وأوضح بيل أنهم يركزون في تناولهم للمحتوى المعلوماتي ومراقبته على  معرفة الدورة أو المدة الزمنية لهذا الحدث أو الموضوع في إطار القصة الصحفية، أو أنه  ضمن الأخبار الطارئة أم لا ، ومن ثم إجراء تحليل واقعي وموضوعي للقضية التي يتم تناولها، وأنهم يحاولون باستمرار البحث عن متابعة مقنعة وصحيحة لأي حدث اخباري، بعيدا عن الادعاءات والاكاذيب التي أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع تحاول تمريرها، لاجتذاب قراء واعلانات.

ولفت إلى أن تداول الاخبار اصبح سريعا بشكل كبير وأن الجمهور أصبح فاعلا في تداول الاخبار وبثها، معتبر ذلك أمرا غير صحي لما يسببه من اضطراب في كيفية التأكد من المعلومة ومصدرها حتى يمكن السماح بنشرها وتداولها على نطاق واسع، مفيدا أنهم في موقع "ويكي تريبيون"  ينشرون الاخبار المتداولة ، لكن لا يمكن لهم التعقيب أو التعليق عليها لوجود نسبة شك في عدم صحتها، مشيرا  لحوالي 300 تغريدة تم تداولها عن الانتخابات الامريكية وكثير منها حملت مغالطات،  فيما  يسعى الموقع  في الوقت ذاته لكسب ثقة قطاع كبير من الجمهور وإيجاد نوع من الشفافية والمصداقية بينه وبين القارئ.

وقال إنه قد يوجه اليه بعض الأشخاص اللوم في التعامل مع بعض الاخبار ، مشيرا إلى ان ذلك يسبب له سعادة كبيرة  لأنه يؤكد أن أداءه كان جيدا في التناول لهذه القضية أو ذاك،  وأنه يرى ان العمل الصحفي ليس عملا وصفيا بقدر ما يعتمد على المراقبة ونقل الاحداث بحيادية، وأن الموقع  إذا تسبب بخطأ ما في إيصال  المعلومة، فيجب عليه الاعتذار فورا احتراما لمتابعيه.

وأوضح أن فريق عمله يتكون من 12 صحفيا ينتشر 6 منهم حول العالم،  وأنه يعمل على اتباع معايير معينة في التعامل مع الاخبار، ولذلك فهم مطالبون بتطبيقها في كافة المهمات الموكلة اليهم،  والتي تشمل الموضوعية ومتابعة مدى استمرارية الحدث ، فضلا عن  استقاء حقائق تعزز من كشف تفاصيل أي خبر يتم تناوله، وأنه إذا كانت هناك أي مشكلة في تحديد أهمية معلومة من عدمها فإنه يتم العودة لهذه المعايير واعتمادها، فضلا عن أنه في هذه الحالة فإنه يمكن الاعتماد على الوكالات والمحطات الإخبارية العالمية للتأكد من صحة أي خبر.

وتطرق بيتر الى أهمية وجود معلنين بالمواقع الاخبارية، وأن ذلك قد يمثل تحديا كبيرا له، فيما يخص اختيار القصص الإخبارية التي يراها مناسبة لعرضها، لافتا إلى انه لا يغطي اخبار الكوارث العالمية  كحوادث الطيران مثلا، أو قصص المشاهير إلا إذا حققت الأهداف الخاصة بموقعه والتي يعمل على تعزيزها كأسلوب عمل.

وذكر أنهم في موقع "ويكي تريبيون" يسعون لإيجاد قنوات اتصال وحوار مستمر مع الجمهور الذي يتابعهم، بينما يسعى لأن يكون نصف محرري محتوى الموقع من الأفراد العاديين المتابعين له والذين يمدونه بالأخبار، وأن يكون النصف الاخر من الصحفيين المحترفين، وان عددهم الان 1500 عضو من خارج الموقع، آملا ان يصلوا إلى 8500 عضو خلال الفترة المقبلة.

وفي الختام، قال رئيس تحرير موقع "ويكي تريبيون"إن فريقه يركز على العمل الاستقصائي أكثر من التركيز على متابعة الاخبار العاجلة، وأنه رغم ذلك فقد عرضوا أخبار عاجلة في مرات كثيرة، وكانوا يتبعونها بتحليل جيد لمحتواها المعلوماتي، مشيرا الى ان العمل الصحفي التقليدي يختلف في التناول عن الاخبار العاجلة، وأنه في كل الحالات يجب أن يلتزم بالشفافية وأن يكون لديه المعلومات الوافية والموثقة.


القوة الناعمة

خلال جلسته ضمن فعاليات اليوم الأول من منتدى الإعلام العربي أكد فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، أن الإعلام العربي لا يتمتع بتأثير يذكر على الصعيد الدولي نظراً لفشله في تطوير نموذج جذاب من القوة الناعمة ووقوعه في فخ النمطية.

أوضح جرجس أن مصطلح "القوة الناعمة" من المفاهيم الحديثة نسبياً صاغه "جوزيف ناي" من جامعة هارفارد في الثمانينيات من القرن الماضي للتعبير عن القدرة على الجذب دون الإكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع، على عكس "القوة الصلبة" أو "القوة الخشنة" والتي يتم خلالها ارغام طرف معين باستخدام الضغط العسكري أو الاقتصادي من قبل طرف أقوى.

ويرى جرجس أن الإعلام يعد من الأدوات المهمة ضمن منظومة "القوة الناعمة" لما له من قدرة على الاقناع وإحداث التأثير الإيجابي دون اللجوء إلى العنف على عكس "القوة الخشنة" التي غالباً ما تلجأ إلى التهديد ويحد من تأثيرها وجدواها على المدى البعيد ما حدا بمُنظّر العلاقات الدولية الإيطالي الشهير أنطونيو غرامشي إلى الجزم بأن الهيمنة الثقافية والسيطرة على الأفكار أشد تأثيراً مقارنة بالقوة الخشنة أو حتى بالقوة الذكية تعد مزيجاً من "الخشنة، والناعمة".

وأوضح جرجس خلال الجلسة التي حملت عنوان "القوة الناعمة للإعلام العربي" أن العمود الفقري للقوة الناعمة يعتمد على ثلاثة عناصر هي الشرعية والمشروعية والنموذج، مؤكداً أن الإعلام العربي فشل في تطوير نموذج جذاب من القوة الناعمة وبات تأثيره على المستوى الدولي محدودا للغاية وشبه معدوم.

ووفقا لفواز جرجس، ترجع محدودية تأثير الإعلام العربي على الصعيد الدولي إلى أسباب عدة يأتي في مقدمتها حداثة عهده، فهو قد ظهر منذ نحو عقدين فقط كمنظومة متكاملة، فضلاً عن تدني هامش الحرية المتاحة أمام الإعلاميين في بعض البلدان، ومحدودية قدرات القطاع، والوقوع في فخ النمطية ما جعل المنظومة الإعلامية العربية تبدو كصورة مصغرة للأوضاع المتردية في العديد من بلدان العالم العربي.

ولفت جرجس أنه في الوقت الذي عانى فيه الإعلام العربي من عدم القدرة على خلق نموذج مؤثر من القوة الناعمة، استطاعت دولة الإمارات أن تبني نموذجاً يعلي من قيم التعددية والتسامح والانفتاح ويقف وراءه اقتصاد قوي متنوع المصادر ومستدام، مشيراً أنها نجحت من خلال استخدام منظومة القيم الانسانية والثقافية التي تتبناها فضلاً عن السياسات الداخلية والخارجية المعتدلة والتي تروج لمعانٍ وأفكار تعلي من قيمة الإنسان، في تكوين جاذبية وتأثير كبيرين دعماً لتنامي سمعة واسم الإمارات كواحدة من الدول التي تُعني بالإبداع وتتطلع قُدماً إلي صياغة المستقبل.

وشدد جرجس على ضرورة العمل على تطوير منظومة إعلامية عربية تعلي من قيم التسامح والتعددية وتسهم ايجاباً في تكوين وعي القارئ العربي، مؤكداً أن المسئولية تقع على عاتق جميع العامليين والمعنيين بقطاع الإعلام وليس على القادة وصناع القرار فقط بما يسمح بتطوير الإعلام العربي وتعزيز قدرته على التعبير عن تطلعات ورؤى الجمهور بشكل واقعي يحترم عقل المتلقي.


أين أنتم؟


دعا محمد العرب الإعلامي في قناة العربية ـ
خلال جلسة بعنوان: "نحن هنا ... أين أنتم؟" ـ  إلى ضرورة إعداد جيل جديد مؤهل ومحترف من الصحفيين العرب المتخصصين في الإعلام الحربي والأمني وصحافة الكوارث والأزمات، يتمتعون بخبرات وخلفيات في هذه المجالات ليكونوا قادرين على نقل الاحداث بشكل موثوق من قلب الحدث، وتنقل الواقع والحقيقة للمشاهد العربي، لافتاً إلى أهمية - تدريب المراسلين الميدانيين بشكل عملي وإشراكهم في تغطية الأحداث الأمنية والعسكرية والكوارث. 

وأكد العرب أن مهمة المراسل الصحفي والحربي تفرض التواجد في قلب الحدث رغم المخاطر المحدقة، فالصورة لا تكذب، والإعلام المضلل يبث سمومه وأكاذيبه من بعيد، واستعرض تجربته في تغطية الحرب في اليمن مشيراً إلى تعقد المشهد على الأرض هناك، إذ ليس هناك فقط قوات الشرعية من جانب وميليشيات الانقلابيين من جانب آخر ، بل تتواجد على الأرض أيضاً الجماعات المتطرفة والقاعدة والتدخل القطري ومافيات السلاح وغيرها، ولفت إلى أن الإعلام الحربي المحترف في اليمن مستهدف من هذه الجماعات المناوئة للشرعية والتي تحاول طمس الحقيقة وتشويه الوقائع ضد مصلحة الشعب اليمني.

وأوضح العرب الدور الإنساني والإغاثي الذي يقوده التحالف العربي في اليمن بالرغم من التحديات والمؤامرات التي تحاك ضده، وتوجه بمجموعة من الأسئلة متحدياً قطر للإجابة عنها وذلك في إطار فضح الدور القطري المدمر والخبيث الذي يشن حرب إبادة ضد الشعب اليمني، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تعمل شركة الدوحة للصرافة في المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون، كما أن أكبر شركات السيارات العاملة في هذه المناطق مملوك من قبل قطريين.

وفي خضم تجربته في اليمن، تحدث العرب عن طفل يمني يبلغ من العمر 6 سنوات فقط ويحمل رتبة رقيب في المليشيات الانقلابية ويتولى نقل الألغام إلى نقاط متقدمة من الجبهات، ليكون بذلك أصغر مجند في العالم، مؤكداً أن الطفل يخضع الآن لعلاج وتقييم نفسي في أحد مراكز إعادة التأهيل التي تمولها الإمارات لمساعدة شعب اليمن.

وأشار العرب إلى أن الحسم في اليمن يواجه طعنات غدر  للشعب اليمني قبل أن توجّه لقوات التحالف العربي، لافتاً إلى المؤمرات الخبيثة التي يتعرض لها اليمن بتمويل قطري، وقال أن المليشيات الانقلابية لم تكتف باستخدام البشر كدروع بشرية فحسب، بل استغلت المهاجرين الأفارقة في اليمن واستعملتهم ككاسحات للألغام في أبشع عملية قتل جماعي، مؤكداً أهمية أن يقوم الإعلام بفضح وكشف هذه الممارسات وعدم التركيز فقط على الأوضاع الميدانية.


إعلام عربي

كشف الكاتب السياسي حسين شبكشي ـ
ضمن جلسة حملت عنوان "أزمة الإعلام العربي" ـ عن قناعته أنه لا يوجد في الدول العربية "إعلام عربي"، وقال إن لدينا إعلام "ناطق بالعربية" حسب تعبيره، معللاَ تلك القناعة الشخصية أن هذا الإعلام سواء المقروء أو المرئي أو المسموع يعاني من تشتت رسائله وليس على قلب هدف واحد ما يجعله يعاني أزمة هوية، مؤكداً أنه كي يكون هناك ما يمكن أن نسميه إعلاماً عربياً بالمعني الحقيقي فيفترض أن يكون لديه جميعاً هدف واحد.

وأضاف شبكشي أن الإعلام في الدول المتقدمة الديمقراطية يعد بمثابة السلطة الرابعة التي تقوم بدور الرقيب للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وتتناول مسؤولياتها بحيادية وموضوعية وتجرد، وهذا ليس موجوداً في أغلب الدول العربية بل هو إعلام بدون هوية، حيث أن هناك عوالم إعلامية وليس إعلاما واحدا.

وقال إن أحد أوجه أزمة الإعلام العربي أنه يخصص مساحات أكبر للقضايا السلبية كالإرهاب عنها للقضايا الإيجابية كالمشروعات التنموية الناجحة، وهذا ما يخيف المستثمرون الأجانب حينما يتم ترجمة هذه الأخبار لديهم، داعياً إلى أن يكون الإعلام العربي متوازناً في معالجته وتناوله للقضايا.

وأضاف أن وزارات الإعلام العربية تحولت من كونها صانعة أخبار إلى دور تفسير الأخبار المنشورة والاستفسارات التي تستفسر عن مغزى ما يُكتب ويُنشر والبحث عن نوايا الإعلاميين والتشكيك فيها أحياناً، واضمحل دورها في ظل تغير المفهوم السيادي للإعلام بفضل التطور التقني والسماوات المفتوحة، وفي نفس الوقت تحول المتلقي والقارئ للخبر إلى مساهم في صناعته من خلال إضافته لمحتويات أخرى مثل الصورة.

وأضاف أن الخطاب الإعلامي العربي حالياً في حالة ضعف وهوان لأنه لا يسمح له بحرية التنفس، مضيفاً أنه لا توجد في العالم كله محاكمات للإعلاميين مثلما هو الحال في العالم العربي. وتجاه هذه الأوضاع، قال إن الإعلام مطالب بأن يكون مبادراً وجريئاً، ومتوازناً في تناوله للقضايا.

وأشار إلى ان شركات الدعاية والإعلان في العالم العربي كان لها دور بارز في ظهور ما يسمى بالإعلام العربي العابر للحدود (Pan Arab Media) في الثمانينات لرغبتها في تسويق منتجاتهم من خلال الصحف والمجلات، وقال إن هذه الظاهرة تمثل أحد أسباب أزمة الإعلام العربي الراهنة.


تحولات إعلامية إماراتية

أكد المتحدثون خلال جلسة "تحولات إعلامية إماراتية" التي استضافها منتدى الإعلام العربي خلال يومه الأول ضمن دورته السابعة عشرة المنعقدة في دبي، نجاح الإعلام الإماراتي في التعامل مع التحديات والتحولات التي تمر بها المنطقة، وقدرته على توظيف أحدث التقنيات في مجال الطباعة والنشر، واستحداث منصات إعلامية جديدة تواكب سرعة الاستجابة لمختلف القضايا التي تمر بها المنطقة، مسلطين الضوء على عناصر القوة التي قامت عليها التجربة الإماراتية في مجال الإعلام، والمتمثلة في اتساع سقف الحرية الممنوحة للإعلاميين لمناقشة قضايا المجتمع، والتحلي بالصدقية والحياد دون انحياز لطرف على حساب الآخر ، وتحري الدقة في نشر الأخبار والمعلومات.

استضافت الجلسة التي أدارتها الإعلامية نوفر رمول، من مؤسسة دبي للإعلام، منى بوسمرة، رئيس التحرير المسؤول صحيفة "البيان"، ومحمد الحمادي، رئيس تحرير صحيفة "الاتحاد"، ورائد برقاوي، رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة "الخليج"، وسامي الريامي، رئيس تحرير صحيفة "الإمارات اليوم".

وخلال مداخلتها أكدت منى بوسمرة نجاح الإعلام الإماراتي بامتياز في التفاعل مع قضايا مجتمعه، وتحلي الصحافة الإماراتية بالمصداقية والمهنية التي عززت ثقة القارئ مع ما تطرحه من آراء وتعالجه من قضايا، مشيرة إلى قدرة وسائل الإعلام الإماراتية على مواكبة القضايا المحلية والتفاعل بقوة مع محيطه العربي والإقليمي.

وأشارت رئيسة التحرير المسؤول في صحيفة "البيان" إلى النقلة النوعية التي حققها الإعلام الإماراتي على صعيد الشكل والمضمون، ومواكبته للتطوّر الحاصل في مجال تكنولوجيا الاتصال وصناعة المحتوى الرقمي، مؤكدة أنه لا صحة لبعض الدراسات التي تؤكد اندثار الصحافة الورقية لصالح الإعلام الجديد، لعدم وجود مؤشرات واضحة في هذا الصدد، وإن وجدت فإن ذلك لن يؤثر على الصحف الإماراتية لأنها تمتلك من التطور والأدوات والكوادر ما يمكنها مواكبة أي تطور يطرأ في مجال الصحافة الإعلام بشكل عام.

من جانبه أوضح سامي الريامي أن الإعلام الإماراتي تميز بالمصداقية، وتمسكت وسائله بالمهنية العالية من خلال تحليها بالمسؤولية تجاه القارئ، وهو ما مكنها من المنافسة والتواجد بشكل قوي وسط هذا الكم الهائل من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي التي تقدم خدمة صحافية للجمهور.

ودعا الريامي الإعلاميين إلى تصحيح بعض المفاهيم التي أصبحت على حد وصفه من الماضي، مثل مفهوم الإعلام التقليدي، والاعلام الاجتماعي، مؤكداً أن تلك المجالات أصبح يطلق عليها اصطلاحا "الإعلام الجديد" الذي يضم بين جنباته كل القوالب الرقمية التي تتعامل مع الأخبار والمواد الصحافية، كما أشار إلى أنه لا يوجد مجال إعلامي أو وسيلة ستقضي على الأخرى بينما يوجد تكامل يحمل محتوى جيد للجمهور، وبدونه لن تستطيع الوسيلة الإعلامية الحفاظ على مكانتها ومصداقيتها أمام الجمهور.

ونوه رئيس تحرير صحيفة "الإمارات اليوم" بضرورة التدريب المستمر للكوادر الإعلامية، ومواكبتهم للتطور المتسارع في عالم تكنولوجيا الاتصال وصناعة المحتوى الذي يتناسب مع مختلف الوسائط، مشدداً على ضرورة إعداد جيل مزوّد بتلك الأدوات وقادر على اللحاق السريع بركب التطور.

أما رائد برقاوي فلفت إلى تكامل الجهود الإعلامية مع جهود الحكومة، ومواكبتها لحركة التنمية ضمن مختلف قطاعاتها، ومساندة وسائل الإعلام المختلفة إلى المبادرات التي تطلقها الدولة، مشيراً إلى قدرة الإعلام على النقد البنّاء والتحليل المبني على مؤشرات واقعية، ومتابعة الدولة لكل ما يكتبه الإعلام ويثار في وسائله من قضايا وموضوعات، وهو ما يحسب للقيادة الإماراتية التي تسعى دائماً لرفعة المجتمع وسعادة افراده.

وأوضح رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة "الخليج" أن الإعلام الإماراتي أستطاع نقل التجربة الإماراتية وما تحقق من إنجازات إلى العالم، من خلال تأثيره في محيطه عربياً، وهو ما يتضح جلياً في استطلاعات الرأي التي تؤكد رغبة الشباب العربي في العيش والعمل في الإمارات.

وحول مواكبة الإعلام الإماراتي للتطور الحاصل في تكنولوجيا الاتصال وصناعة المحتوى أكد برقاوي مواكبة الصحف الإماراتية لكل ما هو جديد في هذا المجال، مشيراً إلى حالة التكامل بين عناصر إنتاج المحتوي الإعلامي في إطار من المهنية والصدقية المتراكمة عبر السنوات.

وفي تعليقه حول واقع الإعلام الإماراتي وملامح مستقبله، قال محمد الحمادي أن القيادة الإماراتية اعتبرت الإعلام شريكا في التنمية وحملته مسؤولية أن يكون على مستوى التحديات والتحولات التي تشهدها المنطقة منذ سنوات، وهو ما نجح في التعامل معه بالشكل المطلوب وبكل الوسائل والامكانيات.

وأضاف الحمادي أن ظهور مواقع ومنصات إخبارية لا يمثل تحدي كبير للصحافة الورقية بقدر ما هو إضافة مهمة لوسائل ومنصات التعبير الموجودة على مستوى الدولة، والتي تتنافس فيما بينها على ثقة القارئ، منوهاً بضرورة الاهتمام بجودة المحتوى وما تقدمه مختلف المنصات بما فيها مواقع الصحف للقارئ من مواد إخبارية سواء مرئية أو مكتوبة.

واختتم رئيس تحرير صحيفة "الاتحاد" حديثه خلال الجلسة بالتأكيد على ضرورة الاستعداد لموجة التطوير القادمة في عالم الإعلام والصحافة على وجه الخصوص من خلال الاستعانة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والذي من المتوقع أن يحدث نقلة نوعية في هذا المجال، مؤكداً في النهاية أن الفيصل في التميز هو المحتوى الإعلامي الجيد مهما تعدد قوالبه.


دور الإعلام المهني

 أكدت نايلة تويني، رئيسة التحرير جريدة "النهار" اللبنانية أن دور الإعلام المهني الآن بات أهم أكثر من أي وقت مضى في ظل تزايد الأخبار الكاذبة والمُختلقة وسرعة انتشارها في وسائل التواصل الاجتماعي، موضحة أن مهمة الصحافة الاحترافية يتجسد في نقل الأخبار بدقة ومصداقية دون تحيّز مع تقديم صورة واضحة ومتكاملة للوقائع والأحداث الجارية.

وأوضحت أهمية مواكبة الصحافة للتقنيات الحديثة وما تفرضه من تغيرات في سلوك القرّاء والمتابعين، وخاصة من خلال توفير محتوى صحفي متميز يمتع بالمصداقية والشفافية والمسؤولية.

 وأكدت رئيسة تحرير جريدة "النهار" اللبنانية أن الصحافة، وخاصة الورقية، لن تموت بالرغم من التحديات والمصاعب التي تواجه الصحف في ظل التراجع الحاد في الإعلان وتحول القرّاء نحو الوسائط الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، ولفتت إلى أن النسخ الورقية للصحف اليومية ستركز على التحليلات المعمقة وقراءة ما بعد الأخبار وما بين سطورها، فيما تركز عبر الوسائط الرقمية على نقل الخبر والأحداث بشكل دقيق وموضوعي.

واستعرضت المتحدثة تجربة "النهار" في تطوير آليات عملها عبر مختلف القنوات الرقمية مع فرض اشتراك شهري بسيط جداً لفئات محددة من المحتوى وتوفير فئات مجانية أخرى.

وأكدت تويني أهمية نموذج الاشتراك المدفوع لدعم استمرارية الصحافة واستقلاليتها، حيث يأتي دور القرّاء للاقتناع بدور الصحف ومصداقيتها وبالتالي دعمها مادياً من خلال دفع الاشتراك.

ولفتت إلى أن الصحف، وعلى غرار "النهار"، بدأت بالفعل بالتحول إلى الوسائط المتعددة ومن ضمنها مقاطع الفيديو والمواقع الالكترونية والتطبيقات الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، مشيرةً إلى أن "النهار" اللبنانية بادرت أيضاً إلى إطلاق حزمة من المبادرات للتواصل عن قرب مع المجتمع.

يذكر أن منتدى الإعلام العربي ستتواصل يوم الأربعاء 4 أبريل في مدينة جميرا بدبي، بمشاركة صنّاع القرار الإعلامي في المنطقة، وكبار مسؤولي المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية، ضمن أكبر تجمع سنوي للإعلام العربي بمشاركة نحو 3000 شخصية من القيادات والرموز الإعلامية العربية والعالمية.

 

الصورة الصحافية

أكد فيليب شيتويند، رئيس تحرير وكالة الأنباء الفرنسية "AFP"، أهمية الصورة الصحافية والتي باتت اليوم من أهم العناصر التي فرضت نفسها مؤخراً على صناعة المحتوى الخبري ونقله عبر مختلف المنصات الإعلامية، لاسيما مع الانتشار الهائل للمواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي، والارتفاع المطرد في أعداد مستخدمي الاجهزة الذكية حول العالم، ما دفع بالكثير من وكالات الانباء إلى تطوير محتوى رقمي سريع ومكثف تلعب الصورة الدور الرئيس في تكوينه.

وأشار شيتويند خلال جلسة الــ20 دقيقة التي استضافها منتدى الإعلام العربي ضمن دورته السابعة عشرة بعنوان "الصورة مستقبل يغير العالم"، إلى التغيُّر الذي أحدثته منصات التواصل الاجتماعي وما أصبح يعرف بالإعلام الجديد في منظومة عمل وكالات الانباء، لاسيما في الشق المتعلق بنقل الخبر وسرعة وصوله إلى أكبر شريحة من المتابعين.

وأوضح رئيس تحرير وكالة الأنباء الفرنسية "AFP" أنه على الرغم من تواجد الفرق الصحافية المحترفة في كل مكان من العالم، إلا أنه لا غنى عن الصورة التي يلتقطها المواطن العادي، وشاهد العيان في قلب الحدث، مستشهداً بالعديد من الصور التي التقطت بواسطة أشخاص عادية خلال تواجدهم في الشوارع أو حتى في أماكن عملهم، ومنها على سبيل المثال الصورة التي ألتقطها مدرس أفغاني لإحدى تلميذاته وهي تحصل العلم، والتي أحرزت نسب متابعة عالية بينما كان العالم يمر بأحداث سياسية مهمة ولكن الملايين تعاطفت مع تلك الفتاة التي حرصت على التعلم رغم ما تعانيه من ظروف استثنائية.

كما عرض شيتويند صورة لحريق لندن ألتقطها أحد المواطنين من غرفته في المبنى المقابل للحريق، مشيراً إلى أن تلك الصورة كانت الأكثر تداولاً على منصات التواصل الاجتماعي، واعتمدتها الكثير من الوكالات في تغطيتها المباشرة للحدث، لأنها كانت الأقرب والأوضح بحكم تواجد الشخص في الجوار، ما يعزز فكرة تكامل عمل المصورين الهواة مع المحترفين في عمل المؤسسات الصحفية العالمية.

وشهدت الجلسة كذلك عرض بعض الصور التي التقطت في غوطة دمشق بسوريا خلال العام 2018 عن طريق فرق من الهواة تم تدريبها في وكالة الأنباء الفرنسية لتصوير صور أكثر احترافية تعكس القصص الإنسانية التي تمر بها سوريا منذ اندلاع أزمتها، لا سيما تلك الصور التي تعكس معاناة النساء والأطفال وكبار السن.

ولفت شيتويند إلى تركيز وكالة الانباء الفرنسية على الجانب البصري في التعامل مع الاخبار، وتنوعه بين الصورة الخبرية التي تحمل جوانب متعدد، وخرائط البيانات، والفيديوهات التي تعالج الحدث وتتناسب مع كل المنصات الإلكترونية إخبارية كانت او اجتماعية، مشيراً إلى قدرة ذلك التطوير المستمر يحتاج بصفة دائمة لتدريب فرق العمل على التعامل مع مختلف الوسائط المنتجة للخبر بكافة عناصره، لا سيما فريق التصوير الذي يلتقط الصور ويسجل الفيديوهات في آن معاً.

وحول أحدث التقنيات المستخدمة في عالم التصوير، ذكر رئيس تحرير وكالة الأنباء الفرنسية ان الوكالة تستخدم أحدث التقنيات في عالم التصوير، والتي من بينها الطائرات من دون طيار والتي يمكنها التحليق على مسافات بعيدة لتسجل القصص الخبرية من موقع الحدث، لاسيما المناطق المضطربة من العالم، إضافة إلى استخدام تقنيات التصوير 360 التي تظهر الكثير من الجوانب التي قد لا يراها المتابع في الصحف العادية.

كما أستعرض بعض المجالات التي تم تطويرها في تغطية الفعاليات الرياضية، مثل التصوير تحت الماء، وتصوير الأهداف سريعة الحركة خلال رياضة الجري، والتصوير من زوايا متعددة وصولاً إلى صورة واقعية تضع المتابع في عين الحدث.

وأختتم فيليب شيتويند الجلسة بالتأكيد على ضرورة التحقق من الصور الملفقة عبر الانترنت، وهو ما تعمل عليه الوكالة عند نشرها لأي صورة عبر منصاتها المختلفة، من خلال استخدام التقنيات الحديثة والاعتماد على مصادر الوكالة في مكان الحدث، والمقارنة بين العديد من الصور لإثبات دقة الصورة وتوافقها مع القصة الخبرية. 

تنويع مصادر الدخل

قال الباحث والمحلل السياسي الدكتور عايد المناع إن دول الخليج شهدت تغيرات اقتصادية هامة خلال السنوات القليلة الماضية، أبرزها الاتجاه نحو تنويع مصادر الدخل بدلاً من الاعتماد على مصدر واحد هو النفط وتعزيز التنمية المستدامة، مؤكداً أن دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تقدمان نموذجاً معبراً لهذا التوجه، وضرب مثالا بالطاقة الشمسية التي أصبحت تستخدم على نطاق واسع في كل من البلدين.

وأضاف أن هناك عدداً من المشاريع الجديدة بدول المنطقة، منها مشروع منطقة "نيوم" العملاق الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية ويمتد بين ثلاث دول هي السعودية ومصر والأردن، ومشروع "مدينة الحرير" في الكويت واتجاهها للتحول بقوة إلى مركز مالي، كما قطعت الإمارات خطوات متقدمة للغاية ورائدة في تنويع مصادر الدخل، وازدهار قطاعات أخرى حيوية غير النفط كمصادر للدخل، كالصناعة والسياحة والخدمات المالية، ما أدى إلى وجود اقتصاد قوي مستدام.

وحول العلاقات مع إيران، قال المناع:" نأمل أن تعي إيران أن مصلحتها الإيجابية معنا وتتفهم ذلك من خلال السير بخطوات عملية في التعاون الجاد مع دول المنطقة والإلتفات إلى مصلحة شعبها عبر جهود تنموية وسياسات مسالمة مع دول الجوار العربي".

وأكد المناع إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان يقودان تحولات مجتمعية وسياسية حيوية وهامة في المملكة تلقى قبولاً واستحساناً وترحيباً من الشعب السعودي، مؤكداً أن هذه التحولات المتقدمة في حاجة إلى إبرازها من قبل الإعلام العربي.

وأشار الكاتب والمحلل السياسي إياد أبوشقرا إلى تأكيدات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن المملكة لن تعود لفترة ما بعد عام 1979، وهو العام الذي حدثت فيه الثورة الخومينية في إيران، وتسببت في ردة فعل لتيارات فكرية في المملكة زايدت على الدولة وعملت على الانكفاء بالمجتمع باسم الإسلام بعد أن كانت المملكة منفتحة اجتماعياً، مؤكداً أن بالمملكة حالياً رؤية جديدة، رؤية بنيوية ونهضوية وتنموية يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأنها رؤية تعبر عن تطلعات الشباب والمواطن السعودي.

وأكد الدكتور عايد المناع إن المملكة العربية السعودية قوة كبرى وقائدة بالعالم العربي، لكن هناك جهات إقليمية وعربية ذات نوايا سيئة لا تريد للعرب أن يتفاعلوا مع هذه التحولات الهامة التي تشهدها المملكة وعدد من الدول العربية كمصر، لأن هذه الجهات ليست من مصلحتها أن تنمو دولنا العربية، مشيراً إلى ادعاء إيران، رغم ما تعانيه من أزمات عديدة، بأنها تسيطر على عواصم عربية، ومستمرة في تغلغلها وتدخلها في شؤون دول عربية أخرى، بحجة مناصرة المستضعفين في كل مكان.

وتساءل الدكتور المناع: من هم المستضعفين؟ مجيباً بقوله:" هم من تراهم إيران تابعين لها لتحقيق أطماعها وأغراضها بالسيطرة على بلدانهم باستخدامهم كأداة لهذه الأطماع، ولهذا نجدها تستخدم العرقيات المذهبية والطائفية في كل من لبنان واليمن والعراق وسوريا، رغم أن القاعدة الشعبية العريضة بهذه البلدان ليسوا مع إيران ولا يؤيدون تدخلاتها، وشدد على ضرورة أن يقوم الإعلام العربي بمسؤوليته تجاه هذا التوجه التوسعي الإيراني الذي يعبر عن أيديولوجية قديمة تعود إلى ما قبل الإسلام، كون الإعلام جزءاً مهماً من المجتمع، مضيفاً:" نتيجة لسياساتها وتدخلاتها فإن هناك أكثر من 20 مليون مسلم مهجرين حالياً من مناطقهم في العراق وسوريا، حيث حجبت تلك الأزمات القضية الفلسطينية ولم تعد القضية المحورية للعرب على حد تعبيره.

واستنكر المناع حالة البهجة والنشوة التي عبرت عنها تيارات طائفية ومذهبية ووسائل إعلام عربية جراء إطلاق الصواريخ الإيرانية الصنع من جانب الحوثيين تجاه المملكة العربية السعودية، مضيفاً أن هذه التيارات الطائفية ووسائل الإعلام تعمل لصالح إيران ومن لا يريدون الخير للعرب، مؤكداً أن لدى المملكة من المقدرة العسكرية التي تمكنها من مسح المناطق التي تطلق منها هذه الصواريخ في صعدة لكنها تجنبت ذلك حفاظا على أرواح المدنيين، متسائلاً بقوله إن المملكة منذ عام 1962 تقدم الدعم لليمن، فما سبب هذا التحول من قبل الحوثيين تجاه المملكة؟ وأجاب بقوله إن السبب في هذا هو المشروع التوسعي والحقد الإيراني واستخدامهم لأتباعهم باليمن وكذلك البلدان العربية كإيران وسوريا والعراق.

من جانبه، أشار الكاتب والمحلل السياسي إياد أبوشقرا إلى مشروعين توسعيين آخرين يحدقان بالمنطقة العربية، إلى جانب المشروع الفارسي الذي يستخدم اسم المستضعفين ستاراً لتحقيق أهدافه التوسعية، هما المشروع التوسعي الاسرائيلي الثابت منذ سنوات، والمشروع التوسعي التركي الذي يطمع في استعادة الإمبراطورية العثمانية بالتوسع والهيمنة على دول الجوار العربي باسم نصرة وحماية طائقة معينة، مشدداً على مسؤولية الإعلام العربي في التوعية بهذه الأخطار ، حيث تقع عليه مسؤولية وطنية وقال:" يجب أن يكون الإعلام مسؤولاً متجرداً يعمل للصالح العام، وليس لطائفة أو مشروع توسعي خارجي"، وأضاف: "للأسف يوجد في المنطقة العربية إعلام كيدي ومزايد خاصة في التعامل مع الأزمة الخليجية الأخيرة"، مؤكداً أن دور إيران كان رئيسياً في صنع الأزمة الخليجية الحالية التي ترى فيها خدمة لمشروعها التوسعي.

 

كيف يتشكل الجمهور?

ضمن أعمال اليوم الأول من منتدى الإعلام العربي، عقدت جلسة تفاعلية لمدة 20 دقيقة مع بيتر جرينبرجر، المدير العالمي للأخبار في تويتر، تحت عنوان "كيف يتشكل الجمهور في العصر الرقمي" أكد فيها أن صناعة الجمهور الذي يتشكل أمامنا بشكل كبير عن المتعارف عليه أختلف خلال العاميين الماضيين، فقد أصبح هناك شاهد عيان في مكان حدوث كل خبر مهما كان صغيراً في العالم، ومنصة عالمية مثل "تويتر" تعي تماماً كيفية الوصول إلى الأشخاص في المكان والزمان الأكثر أهمية.

ولفت جرينبرجر ان الأشخاص المستخدمين لتويتر ينشدون اكتشاف ما يدور في العالم، ومشاركة المعلومات على الفور، وكذلك للتواصل مع الأشخاص والشركات والمؤسسات حول العالم، مشيراً أن "تويتر" ليست منصة لجمهور السياسة فقط كما يروج له البعض، لأنه هناك الكثير من الشخصيات الرياضية ولمهتمي بالأزياء والسفر والادب يستخدمون حساباتهم للتواصل مع جمهور عريض يشاركهم ذات الاهتمامات.

وأضاف المدير العالمي للأخبار في تويتر خلال الجلسة، أن تويتر تواكب التحولات الإعلامية العالمية، فقد حققت 330 ألف بث مباشر خلال أشهر قليلة في العام 2017 وكيفية تحويل المحتوى الإعلامي الى محتوى رقمي من التحولات المهمة في المنطقة.

وألمح جرينبرجر إلى وجود إيقاع منتظم للمحادثة حيث يتبادل الأشخاص الحديث حول حياتهم، واحتياجاتهم، وآمالهم، والأشياء التي يقومون بها في ذات الوقت. وتعدّ كل تغريده على حدة بمثابة مؤشر على نية المستخدم، حيث تُنشئ قصة مدهشة حول حياة المستهلك واهتماماته، والأشياء التي يقوم بها، والأمور التي يبحث عنها في حياته في تلك اللحظة.
وقال خلال العقدين الماضيين لم يبق نموذج العمل المدفوع بعائدات الإعلانات على حاله، وإعلانات تويتر تُنشئ زيادة في المبيعات والتوغّل في السوق تضاهي ضعفين، وأضاف أن تويتر من ضمن التحولات الإعلامية المقبلة غير العبارة الرئيسية من "ماذا تفعل الآن" إلى "ماذا يحدث الآن" مما يؤكد على الطبيعة الإخبارية لموقع تويتر وأن الصحافيين يعتمدون على هذه المنصة كمصدر رئيسي للأخبار وللاطلاع على أهم المستجدات عالمياً.

ونوه المتحدث في ذات السياق أن تويتر هي واحدة من أبرز المنصات وأكثرها متابعة في المنطقة العربية، ففي المملكة العربية السعودية حقق هاشتاق "النساء بإمكانها القيادة" على أكثر 1.5 مليون متابعة، مشيراً إلى ان 55% من مستخدمي تويتر هم أقل من 25 سنة.

 

مستقبل أفضل للأخبار

خلال أول أيام الدورة السابعة عشرة من منتدى الإعلام العربي، تحدث كارلو بيوندو، رئيس الشراكات الإعلامية والاستراتيجية لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بجوجل، في جلسة بعنوان "بناء مستقبل أفضل للأخبار" أكد فيها أن الشركة تبذل جهوداً متواصلة لدعم قطاع الصحافة من خلال التعاون مع مجموعة واسعة من الشركاء العاملين في مختلف التخصصات الصحافية في شتى أرجاء العالم.

ونوه بيوندو بأهمية العمل الصحافي التي تتمثل في دوره المهم كجسر للتعريف بالحقائق من خلال نشر الأخبار الصحيحة ومحاربة الشائعات، لافتاً أن الشركة تحرص على تطوير التقنيات والسياسات التي من شأنها أن تعرقل انتشار الأخبار الكاذبة، وتعمل في ذات الوقت مع الشركاء الاستراتيجيين لتطوير القطاعات الصحافية المختلفة لاسيما الإعلانات بوصفها معامل مهم في معادلة العمل الصحافي بشقيه المهني والتجاري.

وأشار رئيس الشراكات الإعلامية والاستراتيجية لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بجوجل أن نموذج العمل المستخدم في إدارة مجال الإعلان يشهد تطوراً متواصلاً لمجاراة التغيرات الحاصلة في المشهد الصحافي بالشكل الذي يوفر للمؤسسات الصحافية مزيدا من الدخل، وذلك عبر تبني أساليب متطورة لإدارة عملية "الاشتراكات" في المنصات الإخبارية وتعديلها بما يحقق مصلحة الجمهور والمؤسسات الإعلامية.

وصرح بيوندو أن جوجل تتعاون مع المؤسسات الصحافية من خلال تزويدها بمعلومات وبيانات موثوقة حول توجهات الجمهور بغية تحديد القطاعات والاهتمامات الخاصة بكافة الفئات العمرية للمتابعين ما يعين بدوره المؤسسات على انتاج أخبار مخصصة تلبي تطلعات الجمهور وتوفر له نوعية المعلومات التي يسعى إليها أو التي يهتم بها.

وضمن جهود الشركة لمحاربة ظاهرة الأخبار الكاذبة، تبنت جوجل خلال المرحلة الماضية خاصية "التثبت من الأخبار" وذلك بإضافة علامة معينة على الأخبار التي تم التحقق منها وتوثيقها بشكل منهجي، وفي الأسبوع الماضي أطلقت الشركة في نيويورك "مبادرة الاخبار العالمية" بهدف التصدي لظاهرة الاخبار المزيفة على الإنترنت، والمساهمة في تقديم أخبار صحافية تنتمي لما يمكن أن نطلق عليه "الصحافة الراقية"، مؤكداً أن المبادرة تشكل التزاما جديدا من جوجل بالعمل على تحسين جودة الصحافة عبر التواصل مع الشركاء لتحديد المناطق والمجالات التي ينبغي تطويرها.

وأوضح بيوندو أن المبادرة ترمي إلى تدريب 4000 صحافي بنهاية العام 2019 على استخدام التقنيات الحديثة، فضلاً عن استشراف مستقبل القطاع وتحديد مناطق النمو، ودارسة الشق التجاري من العمل الصحافي لتعريف الصحافيين بالعلاقة المعقدة بين الصحافة كمهنة نبيلة والدخل المالي للمؤسسات الصحافية في إطار يقدم "صحافة جيدة" للجمهور ويضمن في نفس الوقت للمؤسسة الصحافية القدرة على المنافسة والاستمرار في تحقيق أهدافها التجارية.

وأعلن بيوندو الذي يحظى بخبرة عميقة في المجال الصحافي، أن جوجل ستقوم خلال المستقبل القريب بالتعاون مع مجموعة كبيرة من الشركاء في منطقة الشرق الأوسط كجزء من المبادرة العالمية لتوحيد الجهود في مكافحة الظواهر السلبية التي أفرزتها الاحداث المتعاقبة على الساحة الدولية ما أدى إلى ظهور موجات متتالية من الاخبار الملفقة والكاذبة بما يضر بمستقبل القطاع ويهز ثقة الجمهور في جدوى ومصداقية الاخبار المنشورة على شبكة الإنترنت.

واستطاعت شركة جوجل من خلال محرك البحث الخاص بها أن تعزز وجودها كلاعب محوري في قطاع الصحافة الالكترونية حيث قامت الشركة بتطوير العديد من البرامج والخصائص التقنية التي ترمي في المقام الأول إلى مساعدة الصحافيين بما يشمل خاصية "أخبار جوجل" التي تعد برنامج مبني على الإنترنت لتجميع الأخبار باستخدام خوارزمية متطورة يمكنها ترتيب الاخبار وتحديد أهميتها واستحقاقها للعرض.

ومع نهاية الجلسة عبر بيوندو عن سعادته بزيارة دبي التي تحظى بمكانة خاصة في نفسه بسبب التطور المستمر للمدينة والناتج عن قناعة راسخة بضرورة تبني نهج التفكير المستقبلي، لافتاً أنه يلحظ مع كل زيارة لدبي التطور المستمر في الإمارة التي باتت من مدن المستقبل.

 

صناعة التحريض

 تحدث الإعلامي الكويتي الدكتور فهد الشليمي ، رئيس منتدى الخليج للأمن والسلام في جلسة بعنوان "صناعة التحريض والتضليل" عن كيفية مواجهة الإعلام المضلل والتحريضي عبر التوعية الإعلامية وسن القوانين الرادعة للحيلولة دون وصول  خطاب الكراهية والعنف إلى المجتمع.

ودعا الشليمي، في الجلسة التي حضرتها منى المري، المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، رئيسة نادي دبي للصحافة، إلى نشر التوعية الإعلامية بين فئات المجتمع وخصوصا بين الشباب من خلال تعليم النشء وطلبة المدارس كيفية التعامل مع الخبر الإعلامي والتمييز بين الأخبار الصحيحة والأخبار الكاذبة والمضللة وكذلك التمييز بين القنوات والمصادر الموثوق بها وتلك الوسائل الإعلامية ذات الأهداف التحريضية والمضللة.

وأشار الشليمي على سبيل المثال، إلى أن تنظيم "داعش" كان يستغل تلك القنوات والوسائل الإعلامية التحريضية لبث ما يقرب من 90 ألف رسالة تحريض على الإرهاب يومياً، مؤكدا أن هدف هذا الإعلام المضلل هو التأثير على العقول والعواطف وإحداث حالة من الإرباك والفوضى والتشويش والتشكيك في المجتمع، مؤكدا أن الإعلام المضلل يقوم بتزييف الحقائق وخدمة الأجندات الخاصة والتهويل والتضخيم والتخويف والإرجاف وإضعاف المعنويات.

وقال الشليمي إن الإعلام المحرض والمضلل يستند في بث سمومه الإعلامية إلى خطاب الكراهية والعنصرية والشعبوية والمظلومية وتجييش العواطف وتغييب العقول ونشر الفوضى من خلال استخدام وسائل نشر متنوعة وبشكل متزامن من خلال الإعادة والتكرار وذلك من أجل إيهام المتلقي بأن الخبر صادق.

وعرض الدكتور الشليمي نماذج من أبرز الأخبار الملفقة والتحريضية والمضللة التي يتم نشرها عبر وسائل الإعلام والجهات التي فقدت مصداقيتها وموضوعتيها بين المشاهدين في كافة البلدان العربية مثل قناة الجزيرة القطرية. كما عرض نماذج للشخصيات التحريضية الإعلامية التي تبث سمومها عبر القنوات التحريضية.

وقال إن وسائل الإعلام التحريضية تعتمد أيضا على الإعادة والتكرار والإحصاءات المشبوهة غير المدققة، مطالبا باستحداث منهج دراسي في المدارس والجامعات لتعريف الطلاب بالتوعية الإعلامية الصحيحة والتحقق من مصادر الأخبار .  وأشار في هذا الصدد إلى أن المتلقي يحتاج إلى مؤهلات وأدوات منهجية جديدة يجب عليه امتلاكها لكي يستطيع الحد من الرسائل الإعلامية المضللة.ويشارك في الدورة الحالية من منتدى الإعلام العربي نحو 3000 من القيادات الإعلامية والخبراء والمختصين والأكاديميين وطلاب وطالبات والإعلام، في حوار مفتوح يسعى إلى استكشاف مستقبل القطاعات الإعلامية ورفدها بالعوامل اللازمة لتطورها ومواكبتها للمتغيرات السريعة على الساحتين العربية والعالمية، ومواجهة التحديات المصاحبة لتلك المتغيرات.

 

الروبوتات ومستقبل الصحافة

قدمت ليزا جبس، مسؤولة استراتيجية الذكاء الاصطناعي في وكالة أسوشييتد برس "AP"، خلال جلسة "ثورة الروبوتات ومستقبل الصحافة" التي عقدت ضمن فعاليات اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي في دورته السابعة عشرة، عرضاً لتجربة الوكالة في مجال "أتمتة" الصحافة وطرق الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تطوير العمل الصحفي، من خلال تطوير برمجيات الارشفة والتعرف على الصور، ونشر مقاطع الفيديو، واستخدام الذكاء الاصطناعي في التحقق من المعلومات وتحديد أهم الأخبار والاطلاع على آخر المستجدات.

وذكرت جبس أن الوكالة تعمل مع خبراء صناعة الذكاء الصناعي والشركات الناشئة في هذا المجال، لتطوير تطبيقات ذكية ونظم حديثة للاستفادة منها في العمل الإعلامي كإنتاج الآلاف من قصص التجارة والأعمال، والقصص الرياضية، وإيجاد طرق سريعة لأرشفة الصور  باستخدام علامات محددة وكلمات رئيسية قابلة للبحث، علاوة على استخدام التعلم الآلي لتحديد المعلومات الغير دقيقة على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات في إنتاج المزيد من الفيديوهات القابلة للمشاركة، وقدرته على تفريغ النصوص الموجودة على مقاطع الفيديو بشكل آلي.

وحول استراتيجية وكالة "أسوشييتد برس" للذكاء الاصطناعي وتوظيف تقنياته في المجال الصحفي، أوضحت جبس أن الوكالة تعتمد في ذلك على عدة أقسام أهمها قسم الأتمتة والذكاء الاصطناعي في الوكالة، وما يقدمه منتجات تم تطويرها من قبل العاملين فيها، والمحفظة الخاصة بالوكالة والتي تحوي العديد من التطبيقات، كما تعتمد الاستراتيجية على مد جسور التعاون مع الشركات الناشئة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، والعمل معها بشكل مكثف على تطوير غرفة الأخبار التي تنتج كافة القوالب الإخبارية وتقدمها للجمهور بالكفاءة والسرعة المطلوبين.

ونوهت المتحدثة بأن الذكاء الاصطناعي يحمل الكثير من التطوير لعالم الصحافة على صعيد الكم والكيف، حيث يمكن استخدامه لإنتاج كم هائل من القصص الإخبارية، مقارنة بما تنتجه وكالات الأنباء اليوم، من خلال تحويل البيانات والأرقام إلى نصوص، وكذلك تحويل النصوص إلى فيديوهات تلخص الحدث، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لعمل قوالب متعددة تعالج نفس الخبر جوانب متعددة، كعمل تغريدات، وعناوين، وتلخيص مختصر للقصة الخبرية، وكتابة نبذه عن أبطال الحدث، مشيرة إلى دخول الذكاء الاصطناعي بقوة في عالم الترجمة من خلال ترجمة الفيديوهات والنصوص إلى أكثر من لغة، وانتاجها بوسائط متعددة لتناسب كافة المنصات والأجهزة الذكية، ومساعدة الصحافيين على التعرف على أسماء المسؤولين من خلال تقنيات التعرف عبر الصور.

وأضافت أن تطور استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال الصحافة بحاجة مستمرة إلى تدريب مستمر للعاملين في هذا المجال، حتى يتمكنوا من مواكبة هذا التطور منذ البداية، وهو ما يساعد على تطوير منظومة الذكاء الاصطناعي في أي مؤسسة صحافية، ويساعدها على مضاعفة انتاجها الصحفي.

وحول تأثير استخدام الذكاء الاصطناعي على نسب الوظائف المتاحة للعاملين في مجال الصحافة والإعلام، أوضحت جبس أن وكالة "أسوشييتد برس" لم تستغني حتى اليوم عن أي صحافي يعمل ضمن كوادرها، مؤكدة أن تلك التقنيات تم ابتكارها بالأساس لتسهيل عمل الصحافيين وتوفير الوقت والجهد، وإتاحة المجال للقصص التي بحاجة إلى مجهود إبداعي بشري كالصحافة الاستقصائية والتحقيقات الميدانية.     

وأكدت مسؤولة استراتيجية الذكاء الاصطناعي في وكالة أسوشييتد برس "AP"، أنه في ظل التقدم الذي يشهده قطاع الأتمتة ودخول الروبوتات في المجال الإعلامي يجب ألا يغفل القائمين على عمليات التطوير المبادئ الأخلاقية للإعلام كاداه مهمة للتثقيف وإعلام الناس بما يدور حولهم من قضايا، مشيرة إلى ضرورة مراعاة معايير الصحافة وصدقية المواد المنشورة، وأن عمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي عرضة للخطأ مثلها مثل البشر، وأنها ليست الحل السحري الذي يمكنه فعل كل شيء في مجال الإعلام.

واختتمت جبس الجلسة بالتأكيد على ضرورة العمل على تعظيم فوائد الذكاء الصناعي في مجال الصحافة، والاستفادة منه في مضاعفة الإنتاج الصحافي وفق معايير مهنية وأخلاقية مناسبة، لافتة إلى ضرورة إتباع مبدأ الشفافية وإخبار المتلقيين أن بعض المواد التي يقرؤونها تم تحريرها بواسطة الذكاء الاصطناعي حتى تعميم تلك التجارب واستخدامها من قبل مختلف المؤسسات والوكالات الإعلامية.

 

فيسبوك يغير المشهد

 ناقشت جلسة بعنوان "فيسبوك يغير المشهد الإعلامي" حاضر فيها باتريك ولكر، مدير الشراكات الإعلامية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في فيس بوك ، أهمية  التأثير الإيجابي للمحتوى الذي يشارك به مستخدموه، وكيفية التأكد من عدم التأثير السلبي في المتلقين، أو أنه يخدم أهدافاً معينة لفئة ما خاصة السلبية منها، فضلا عن استعراض التقنيات والأساليب الحديثة التي يستخدمها القائمون على الموقع لاجتذاب شرائح أكبر، وتفعيل صلاتهم فيما بين مجتمعاتهم، ومن ضمنها تقنية "فيسبوك ووتش".

وبدأ ولكر بالتعريف بنفسه كونه كان صحافياً في قناة "بي بي سي" الإخبارية، منذ أكثر من 20 عاماً، مستعرضاً المعاناة التي كانوا يعانونها الصحفيون في إرسال أخبارهم عبر الأقمار الصناعية،  فضلا عن الصور التي كانت تأخذ وقتاً طويلا للوصول للمتابعين في كل أنحاء العالم، لافتاً إلى أن الهاتف النقال كان حينها لا يعدو كونه وسيلة اتصال فقط.

وتابع أنه مع التطور التكنولوجي الكبير والذي حدث خلال السنوات الماضية أصبح للهاتف النقال فائدة عظيمة، بحيث أصبح أداة إخبارية يمكنها إيصال المعلومات في اللحظة ذاتها، ومن ثم بدا التعامل مع صياغة الأخبار التي تنتقل عبره أمراً حتمياً، بحيث تكون رسائل قصيرة ومعبرة فضلاً عن أهمية اتسامها بالدقة التي ستؤثر بالتأكيد في المتابعين لها من حيث صدقيتها من عدمه.

وأفاد أن الفيسبوك أصبح واحداً من أهم المنصات الإخبارية حول العالم، بما يمثله من شبكة ربط مجتمعي عالمي كبيرة جداً، مفيدا أنه بناء على ذلك فقد كان الهاجس الأكبر بالنسبة لهم كقائمين على الموقع، هو كيفية تعزيزه بكل الإمكانات التقنية والفنية التي تلبي رغبات كافة المستخدمين، وعكس وتلبية رغباتهم فيما يقدم لهم أو يشاهدونه، مستشهداً في الوقت نفسه بتقنية رؤية الصور بزاوية 360 درجة التي تتيح رؤية واضحة للحدث.

ولفت ولكر إلى أهمية التصدي لمن يتلاعبون بمصداقية الأخبار المتناقلة وبث السلبيات التي قد تضر مجتمعات بعينها، خاصة أنه قد يصل عدد المتابعين لبعض الأخبار لملايين، ما يعكس أهمية مراقبة المحتوى المقدم، مؤكداً أنهم يسعون بكل قوة لمحاربة القوى صاحبة الأغراض الضارة التي تريد سوءاً لمجتمعات بعينها، وهذه رسالة يعتزون بها كثيراً.

وأفاد أن رسالتهم في "فيسبوك" تخطت كونها وسيلة لتقريب الناس فقط، بل وتأكيد تعزيز قيم وإيجابيات تنقل المجتمعات لآفاق أرحب وأفضل، مشيراً أنهم بدأوا في تغيير وتطويع الخوارزميات الرقمية التي يستخدمونها بحيث يمكن من خلالها معرفة اهتمامات كل الأشخاص في المعروض على الصفحات الخاصة بهم، وترشيحها لهم بشكل دوري، كونها أصبحت ضمن اهتماماتهم، وأنهم بذلك يكرسون فكرة أن يكون الفيسبوك منصة اجتماعية عائلية والعمل على تحفيز أفرادهم للتفاعل الجيد فيما يشتركون فيه من اهتمامات.

وأكد على أهمية الربط بين أفراد مجتمع معين وتعزيز قيمة الوقت لديهم، ولذلك فإنهم كمسؤولين آثروا أن يكون لأدوات مثل استخدام التعليقات أو الترشيح لمشاهدتها لأشخاص آخرين، فضلا عن إبداء الإعجاب بها، حتى تكون مؤشرات لربط مجموعات مشتركة في الاهتمام والتوجه ذاته، وتوقع أن ينخفض التلقي السلبي بعد هذه الخطوة المهمة ومن ثم ترتقي المعارف والفائدة .

ونصح مدير الشراكات الإعلامية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في فيسبوك المستخدمين، للتركيز على ما هو مهم بالنسبة لهم وعدم إهدار الوقت فيما لا يفيد، والتركيز على أهمية المحتوى الذي تطرحه الصورة أو المعلومة في القصة أو الخبر، فضلاً عن التفكير جيداً قبل ارسال أي مشاركة للآخرين ومعرفة أهميتها ومنفعتها من عدمه بالنسبة إليهم.

وقال ولكر إن هناك أكثر من مليار شخص يتفاعلون على صفحات الفيسبوك كل شهر على الأقل بكل المجالات، وهذا يعكس بقوة التفاعل الكبير بين جميع المجتمعات حول العالم، ضارباً مثلاً بالعديد من القضايا التي أثارت الرأي العام العالمي، ومن ضمنها على سبيل المثال خروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبي، والتي أحدثت ردة فعل هائلة في هذا العالم الافتراضي.

وأوضح أنهم بدأوا في فيسبوك قبل عام تقديم منتجات عدة بالتعاون مع عدة شركات عالمية للتأكد من أن القصص والاخبار التي ينقلونها نزيهة وصادقة وموثوقة المصدر، لافتاً ان هذه الخطوة سيكون لها تأثير إيجابي في المستقبل بشكل كبير ولافت، حتى أن هناك الكثيرين من الصحفيين والمهتمين حول العالم أصبحوا شغوفين بمعرفة كيفية طريقة عملهم هذه نظرا لأهميتها وموضوعيتها.

وتطرق إلى تقنية "فيسبوك ووتش" والذي يريدون من خلالها أن يكونوا منصة تفاعلية عالمية ، وأن هناك إقبالاً على المقاطع التي لا تتخطى مدتها 10 دقائق، وأنهم بصدد النظر  في كيفية تأثيرها إذا ما زادت مدة هذه المقاطع مستقبلاً، داعياً في الوقت ذاته الجميع لتحميل ما يرغبون في نشره لأهمية ذلك وتأثيره في محيطهم، خاصة إذا كانت هذه المقاطع إيجابية ومؤثرة، وأنهم أوجدوا تقنية لإشعار كل الأعضاء على الصفحة بتحميل هذه المقاطع الجديدة للتفاعل معها.

وذكر تجربته مع أحد الشباب الإماراتيين النشيطين في  تحميل هذه المقاطع التصويرية، مبدياً إعجابه الشديد به، خاصة أن هذا الشاب  يحمل رسالة وقيماً أخلاقية، يريد من خلالها عكس المجتمع الذي يعيش فيه ونقله للعالم أجمع.

وأوضح أنهم كمسؤولين يدعمون مثل هذه النماذج الإيجابية التي تستخدم المعلومات الصحيحة والتحليلات المبنية على وثائق ومعلومات حقيقية، والتي تعكس القيم الخيرة والبناء على مجهوداتهم لإيجاد مجتمعات إيجابية تحمل معايير أخلاقية ومثالية فيما بينها، ما ينعكس على كافة الشرائح المجتمعية الأخرى.


تحولات فنية

قالت الفنانة نجوى كرم ـ في جلسة "تحولات فنية" ـ  إن وسائل التواصل الاجتماعي أحدثت تحولاً لافتاً ومهماً في علاقة الفنان بجمهوره، حيث جعلت الفنان أكثر قرباً منهم وتفاعلاً معهم، ومن خلالها يظهر الفنان على طبيعته ويكون أكثر تلقائية في التحدث عن حياته ومشروعاته الفنية ويتعرف على ردود الفعل المباشرة والسريعة لهذا الجمهور.

وعن كيفية تعامل الفنان مع الانتقادات أو التجريح الشخصي الذي يتعرض له من الآخرين، قالت إن هذا يتم مثلما كان يتم التعامل مع هذا التجريح بالصحافة الصفراء، إذا اضطر الفنان للرد، لكن عليه أن يحافظ على شخصيته وصورته لدى محبيه باعتباره شخصية عامة وجزء من المجتمع، وقالت إنها لا ترد في كثير من الأحيان على رسائل التجريح الشخصي لها.

وأشارت إلى أنه لا يمكن قمع الناس ومنعهم من التعبير عن آرائهم ، لكن ما يؤسف له أن البعض ينشئ حسابات شخصية مزيفة على منصات التواصل الاجتماعي لاستخدامها في توجيه السباب والتجريح الشخصي للفنان ومحاولة التقليل من شأنه لدى الجمهور، معتبرةً أن هؤلاء لا يمتلكون الجرأة والشجاعة، وإلا كانوا قد أنشأوا حسابات حقيقية يبثون من خلالها رسائلهم ويعبرون عن آرائهم بكل واقعية وشجاعة، وقالت إنه لا يصح إلا الصحيح ولا تُزعجها مثل هذه الأمور .

 ووجهت نجوى كرم عتاباً للمؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذين يؤثرون سلباً في الجمهور  لأغراض شخصية، معربةً عن شكرها لأصحاب الموضوعية والمصداقية ذوي التأثير الإيجابي، لكنها قالت إن أهم معيار للحكم على هؤلاء المؤثرين هو موقع كل منهم في المجتمع، وما قدمه له وهل له وزن في مجال معين أم مجرد شخص لديه متابعين كثيرين، وقالت إن بعض هؤلاء المؤثرين يرغبون في استدراج الفنان لمنطقة معينة لا تتناسب وقناعاته، وهنا يجب أن يكون الفنان حذراً وعلى درجة من الوعي لعدم  الانسياق في هذه "المهاترات".

وقالت نجوى كرم إن "تويتر" هو أكثر وسائل التواصل الاجتماعي التي تستخدمها، فمن خلاله تستطيع التفاعل مع جمهورها. وعما إذا كانت تقوم بحذف بعض المتابعين من الذين لا تعجبها آراؤهم، قالت :" لا أقوم بذلك لكنني أزيد من عدد الأشخاص الذين أتابعهم وليس العكس".

ووجهت نجوى كرم رسالة من خلال منتدى الإعلام العربي للأباء بقولها :" كل منا مسؤول عن التوجه المستقبلي للطفل بأن نكون قدوة لهم ونتحاور معهم ونرشدهم للطريق الصحيح، ولا نتركهم فريسة التشتت الذهني لوسائل تلقي المعرفة والمعلومات حيث تحمل بعضها معلومات خاطئة ومضرة بالطفل".

وقال علي جابر إن وسائل التواصل الاجتماعي أحدثت تحولاً كبيراً في علاقة الإعلاميين بالقراء والمشاهدين، حيث صار الهيكل الإعلامي مفتوحاً لكل الناس، ومن خلالها يعبر الجمهور عن رأيه ويشارك في صنع الرأي بما ينشره من صورة ومعلومات بصرف النظر عن صحتها.

ووصف علي جابر تغريدات "البلطجة" عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنها أمراض العصر الراهن، معتبراً أن هناك أمراضاً في كل عصر إعلامي، وقد ظهرت في الصحافة وفي التليفزيون ونعيشها حالياً في ساحة التواصل الاجتماعي، لكن لا يجب أن نستسلم لهذه الظاهرة والتعامل معها وتصحيحها رغم صعوبة وقفها.

وأكد علي جابر أن التليفزيون ووسائل الإعلام المختلفة – رغم ما فيها من سلبيات – ليست المسؤول الأول أو الوحيد عن وجود مجتمع صحي، حيث لديها قدرة معينة لذلك، لكن صحة المجتمع مسؤول عنه المؤسسات التعليمية والحكومة والأسرة.

 

الأخبار الكاذبة

 

أكدت الإعلامية نشوى الرويني خطورة الأخبار الكاذبة، ونشر المعلومات المضللة من قِبل وسائل إعلام موجهة، تسعى لتحقيق مصالح محددة اعتمادا على محتوى وهمي يستهدف وحدة الشعوب ونشر التعصب والإرهاب، مشيرة إلى قدرة الجمهور على الفرز والتعرف على المحتوى المفتعل والغير حقيقي، وهو ما يفسر التراجع الحاد في شعبية القنوات الإخبارية التي تبث الكذب والتحريض، وصعود قنوات أخرى اتخذت من المصداقية سبيلاً للوصول إلى عقل المتلقي.

كما أكدت الرويني خلال إحدى جلسات الــ 20 دقيقة ضمن منتدى الإعلام العربي وحملت عنوان "بروز الوهمي وسقوط الموثوق" إلى شروع بعض الدول وفي مقدمتهم دولة الإمارات العربية المتحدة في سنّ تشريعات لمكافحة ظاهرة الأخبار الملفقة، واستشهدت بأمثلة من العالم حيث طالبت القيادات الإعلامية في انجلترا مجلس العموم البريطاني بالتصدي لتلك الظاهرة، وفي فرنسا قالت وزيرة الثقافة الفرنسية فرانسواز نيسن أنه سيتم اتخاذ إجراء قضائي لوقف نشر الاخبار المزيفة، مشيرة إلى عمل بلدان أخرى مثل الفلبين وألمانيا والبرازيل وماليزيا على محاربة تلك الظاهرة من خلال إطار قانون يحكمها ويعاقب مروجيها.

وعرضت الرويني نتائج دراسة أمريكية حول تعامل الجمهور مع الأخبار المزيفة، والتي حللت 126 ألف خبر على "تويتر" من عام 2006 حتى العام 2017 وتم بثها عبر منصات التواصل بواسطة ثلاثة ملايين شخص، وأوضحت الدراسة أن تلك الأخبار يعاد تغريدها بنسبة تزيد 70% عن الأخبار الحقيقية، وأن القصة المزيفة تصل إلى 1500 شخص بمعدل ستة اضعاف القصة الحقيقية، كما أظهرت النتائج أن الجمهور يعتبر الأخبار المزيفة أكثر "عاطفية" عن الأخبار الحقيقية.

كما أوضحت الدراسات أنه يتم البحث عن مصطلح "أخبار مزيفة" ما بين 70 ألف إلى 180 ألف مرة في الشهر الواحد، وأن شهر الانتخابات الرئاسية الامريكية في العام 2016 شهد تسجيل أكثر من 159 مليون زائر لمواقع إخبارية مزيفة نصف اخبارها غير حقيقية.

وأشارت إلى حاجة الجمهور إلى تعلّم التحليل النقدي والتأكد من مصداقية الاخبار من خلال التحقق من الموقع الناشر للخبر، وتوجه القائمين عليه، وما إذا كانوا يطبقون المعايير المهنية أكاديمياً وصحافياً، إضافة إلى ضرورة معرفة مصدر محتوى الخبر عند نشره لأول مرة، وهل يعكس جهد في البحث والاستشهاد بحقائق وأسماء وأرقام، أم أنه مجرد معلومات ملفّقة.

وذكرت الرويني بعض الأمثلة لقصص إخبارية مزيفة أنتجتها بعض القنوات بهدف التضليل والخداع وفي مقدمتها ما قمت به قناة الجزيرة من تحريف لتصريحات قائد القيادة المركزية الامريكية، فيما يتعلق بحرب اليمن وبعد اكتشاف القيادة للتحريف وضعت تصريح الجزيرة المفبرك وأرفقته بالتصريح الصحيح ما دفع بمدير القناة إلى الاعتذار بشكل رسمي متعللاً بأنه خطأ في الترجمة.

وأشارت إلى معاناة قناة "بي بي سي" البريطانية من تزييف موقعها باللغة الفارسية من قبل إيران، ما دفع هيئة الإذاعة البريطانية من تقديم شكوى رسمية للأمم المتحدة حول هذا الأمر، وما ينتج عنه من تحريف للحقائق والاخبار التي لا تمت للقناة بأية صلة.

ولفتت الرويني إلى بعض المواقع المضللة التي تستغل حاجة الناس لتبث سمومها في إطار خبري معلوماتي يستهدف مصالح خاصة وموجّهة، عبر استخدام أسماء وإصدارات مشابهة لمواقع عريقة مع تغيير بسيط قد لا يلحظه المتابعون العاديون، وهو ما يدعو الإعلام إلى العمل على توعية الجمهور للتحقق من تلك المواقع قبل تداول ما تبثه من أخبار.
وأشادت الرويني ببعض التجارب العربية الناجحة في مجال مكافحة الأخبار الكاذبة، مثل مركز "صواب" في دولة الإمارات، و"هيئة مكافحة الشائعات" ومركز "اعتدال" السعوديين، وموقع "ده بجد" الذي يشرف عليه شباب مصريون.

 

الإعلام والتجارة

 

أكد روبرت برادلي، نائب الرئيس للاستراتيجية التجارية الرقمية - "CNN"، خلال جلسته في ثاني أيام منتدى الإعلام العربي، أن المؤسسات الإعلامية الكبرى تسابق الزمن من أجل مواكبة التطورات التكنولوجية ذات الوتيرة السريعة مع الحفاظ على مبادئ ومعايير العمل الإعلامي المتعارف عليها من خلال تطوير استراتيجية متكاملة توازن بين الشقين المهني والتجاري للعمل الإعلامي وتسمح بتعزيز تواجد الفكر الابتكاري في كافة جوانبه.

وأضاف برادلي المتخصص في الشق التجاري من العمل الإعلامي، أن مؤسسة بحجم وقيمة "سي إن إن" تبذل جهوداً دؤوبة لتحقيق التوازن بين الرسالة الإعلامية كمفهوم نبيل ينبغي الالتزام به وبين الدافع التجاري المتمثل في تحقيق الإيرادات والارباح، مبيناً أن المؤسسة طورت 60 منصة مختلفة لتقديم المحتوى وعلى الرغم من ذلك تواجه صعوبة في تحقيق أرباح.

ويرى برادلي أن إصرار "سي إن إن" على مواصلة جهودها الهادفة إلى ترسيخ ثقافة الإبداع وتشجيع الابتكار في مختلف المجالات الإعلامية، يعد العامل الرئيس في نجاحها وتبوؤها هذه المكانة على المستوى العالمي، فضلاً عن كونه الضامن لاستمرار هذه الريادة، مشدداً على أن إدارة تدفق وتداول الأخبار عبر أكثر من 60 منصة هي عملية معقدة للغاية على كافة المستويات.

وأقر برادلي بأن تقنيات مثل الواقع المعزز والواقع الافتراضي والفيديو البانورامي تعد مثالاً واضحاً للتدليل على قدرة الابتكار في دعم القطاع الإعلامي عبر رفده بخدمات وخواص تقدم قيمة مضافة عالية، موضحاً أن بعض الأفكار والوسائل المبتكرة التي ظهرت خلال الأعوام القلية الماضية شكلت دعماً كبيراً لعمليات التسويق والإعلان في المؤسسات الإعلامية ما سمح لها بزيادة العوائد وكسب شرائح جديدة من العملاء الراغبين في الإعلان عبر المنصات الرقمية.

وقال برادلي بوجود مجموعة كبيرة من التحديات التي تواجه القطاع الإعلامي في الوقت الراهن موضحاً أن مواكبة السباق التكنولوجي وترويض التقنيات الحديثة لخدمة منظومة العمل بات الشغل الشاغل لكافة المؤسسات الإعلامية لا سميا في ظل التطورات السريعة، ضارباً مثالاً بما تم الكشف عنه مؤخراً بأنه سيتم بناء جسر في هولندا باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

وأردف أن استكشاف مجالات جديدة حول الاستخدامات المثلى لحزم البيانات الكبيرة أصبح حالياً من القطاعات الواعدة لما يقدمه من فرص لتنمية مدخول المؤسسات، موضحاً أنه من خلال دراسة هذه البيانات وتحليها يمكن التعرف على توجهات الجمهور وسلوكياته المختلفة وبالتالي التواصل معه بشكل إيجابي وتقديم المحتوى الذي يناسب متطلباته إذ يوفر لكل متلقي على حدا تجربة خاصة.

ومن واقع خبرته المهنية، أكد روبرت برادلي أن عملية تحليل البيانات حتى وإن تمت باستخدام خوارزميات حسابية وتكنولوجيا رقمية، ينبغي أن تراعي الجانب الإنساني بحيث يتم التعامل مع البيانات على أنها مؤشرات لرصد السلوك البشري وفهمه وتأطيره وليس كمعاملات رقمية او حسابية فحسب، لافتاً أن عمليتي التسويق والإعلان من الممكن أن تستفيد بشكل كبير من نتائج هذه البيانات إذ يمكن تطوير أفكار غاية في الابتكار لاستهداف شرائح بعينها من الجمهور.

وأضاف برادلي أن مفهوم "الاستهداف في الوقت المناسب" الذي ظهر مؤخرا يعد شكلاً من الأشكال التسويقية التي نشأت في الأساس اعتماداً على نتائج تحليل البيانات الكبيرة وهو يعني التواصل مع فئة معينة من العملاء خلال وقت احتياجهم الفعلي لمنتج أو خدمة معينة ما يعزز من احتمالات الاستجابة للإعلان.

 وصرح برادلي أن استراتيجية "سي إن إن" لتعزيز الابتكار في كافة منصاتها تدور حول عنصرين اساسين فهي من ناحية تسعى إلى تدريب العنصر البشري بشكل مستمر لصقل قدراته وملكاته المهنية والسعي إلى تبني التقنيات الحديثة ومزجها ضمن منظومة العمل، مشدداً بأن القدرة على استيعاب وقبول التغيرات أمر لا مفر منه في عالم تتوالد فيه المعلومات بسرعة لا تصدق.     

واختتم برادلي حديثه بالتنويه إلى الأهمية المتزايدة لمنطقة الشرق الأوسط بالنسبة ل"سي إن إن" في ظل ما يشهده موقع "سي إن إن عربي" من نمو متواصل، فضلاً عن ارتفاع عوائد الإعلانات التجارية عاماً بعد عام.


تاريخ الإضافة: 2018-04-04 تعليق: 0 عدد المشاهدات :2435
6      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات