تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



السيدة الأخيرة | الأمير كمال فرج


في العالم العربي يتعاظم دور زوجة الرئيس، ويكبر نفوذها لدرجة أنها تكون في بعض الأحيان الحاكمة الحقيقية، وحكاية نفوذ زوجة صاحب العمل حكاية قديمة، وقد رصدت الأعمال السينمائية كثيرا نفوذ زوجة المعلم، والسلطة التي كانت تمثلها في المقهى، أو الوكالة، أو المصنع، الكل يضرب لها تعظيم سلام، ويوسع لها المجال لكي تمر، فنفوذها كان دائما من نفوذ المعلم، حتى ولو لم يكن لها أصلا صلة بالعمل، ولا تفهم شيئا به.

 سلطة المرأة قضية تضرب بجذورها، ليس على المستوى الشخصي فقط، ولكن على مستويات عدة، فرغم دلالها ونفوذها على الرجل بشكل عام، إلا أن هذا الدلال سرعان ما يتحول إلى رأي، ثم نفوذ، ثم يصبح للمرأة دور في تكوين رأي الرجل، ليصل الأمر في النهاية إلى أن تكون المرأة هي المحركة الأولى له، والمتحكمة في قراراته، ونتذكر هنا الراحل عبدالفتاح القصري في فيلم "ابن حميدو" الذي كان يقول بلهجتة الطريفة "كلمتي ما تنزلش الأرض أبدا"، فتطلق زوجته الحيزبون صيحة تذكير، فيرد قائلا "تنزل المرة دي".

  والأمر ليس سلبيا كما نتصور للوهلة الأولى، ففي بعض الأحيان يكون تأثير المرأة على الرجل إيجابيا، فالمرأة الصالحة تؤثر على الرجل، وتصلحه، والعكس صحيح، فالمرأة الفاسدة يمكن أن تفسد زوجها، إن قوة المرأة تكون في كثير من الأحيان عاملا إيجابيا على صعيد الأسرة والمجتمع، فالمرأة القادرة على تربية ابنها ـ في حقيقة الأمر ـ تكون قادرة على تربية زوجها.

يجب أن نعترف بسلطة المرأة على الرجل، .. الأمر يحدث شئنا أم أبينا، حتى لو رفض البعض، واستنكروا، وغضبوا،  وزعموا أن لا أحد يؤثر في قراراتهم، .. السلطة جزء تاريخي من مهارات المرأة، وأحد مصادر أسلحتها الأنثوية، ورغم أننا ظاهريا نقمع المرأة، ونمارس التسلط عليها، ونسرق حقوقها تحت مسميات عدة، إلا أن المرأة تنتقم، وتحصل على حقوقها بطرق أخرى، وذلك بترويض الساحر والتأثير عليه.

 في كثير من الأوقات نأخذ الأمر على سبيل الفكاهة، ونعترف بالتأثير الكبير للمرأة، ونسميها "الحكومة"، وفي بعض الأحيان نتعامل مع هذا التأثير بتفهم، حبا أو تقديرا لدورها، أو على سبيل الرفق بالقوارير اللائي أوصانا الدين بهن، ونحن لا نرفض كل ذلك، فالتعامل مع المرأة يحتاج أحيانا إلى التدليل والتفهم، ولكن الأمر يتخطى أحيانا وضعه الطبيعي ليصل في حالات مؤلمة إلى تحكم المرأة الكامل في تصرفات الرجل.

 وقد تكون الآثار السلبية محدودة لو كانت في نطاق الزوجية، ولكن في بعض الأحيان يكون لهذا التأثير آثار كبيرة، خاصة إذا كان الزوج رئيسا لدولة، وكانت الزوجة هي السيدة الأولى في هذه الدولة.

 بعد سقوط النظام التونسي عقب الثورة الشعبية التي أشعلها الشاب التونسي محمد البوعزيزي بجسده، تكشفت الكثير من الوقائع ، حيث تبين الدور الكبير الذي كانت تلعبه ليلى بن علي، والنفوذ الكبير الذي كانت تملكه، ليس على الصعيد الشخصي كزوجة المعلم أو زوجة رئيس الجمهورية، ولكن على صعيد الحكم، فقد اتضح أنها كانت تتحكم في تعيين الوزراء، وعزلهم، كما تتحكم في تعيين السفراء والمسؤولين، وتتلقى بنفسها التقارير الأمنية حول كافة قطاعات الدولة.

 بعد سقوط الرئيس اكتشفت السلطات أن زوجة الرئيس ذهبت قبل السقوط بأسابيع إلى البنك المركزي، واستلمت طنا ونصف الطن من الذهب، وعندما اعترض رئيس البنك، استلزم الأمر مكالمة من الرئيس، اضطر رئيس البنك عندها للتنفيذ، وأخذت زوجة الرئيس الذهب الذي يملكه الشعب التونسي وطارت.

 في بعض الدول تظهر زوجة الرئيس علنا، وتمارس السياسة وتفتتح المشروعات، وينحني لها الوزراء، وتمارس سلطة أخرى موازية لسلطة الرئيس، حتى يبدو أحيانا  أن هناك رئيسين للدولة، هما رئيس رجل ورئيس امرأة، وفي دول أخرى تكتفي زوجات الرؤساء بالتأثير من وراء الستار، وتأسيس المشاريع التجارية، وتعظيم ثروتهن المالية.

 في الدول الدكتاتورية لا يكون لزوجة الرئيس فقط مثل هذا النفوذ، ولكن يكون هناك نفوذ لسائق الرئيس، وطباخ الرئيس، وابن عم الرئيس، وجيران الرئيس، والغريب أن ذلك لا يحدث في المجتمعات الحرة، فزوجة الرئيس أو رئيس مجلس الوزراء أو المستشار في الغرب امرأة عادية، بالطبع تحظى بالتقدير والشهرة باعتبارها زوجة الرئيس، ولكن ليس لها نفوذ، على العكس يمكن أن تتضرر من كونها زوجة للرئيس، فيرميها المتظاهرون بالبيض الفاسد كما يرمون زوجها.

 في الدول الدكتاتورية لا يخرج الرئيس من الحكم إلا بالموت، وبالتالي تظل زوجته معه، فإذا ما غيب الموت زوجها، ولم تفلح محاولات التوريث، ـ توريث الابن أو الأخ أو الزوجة ـ تحولت إلى سيدة أعمال تدير أعمالا بالمليارات، ولكن في النظم الديموقراطية، يخرج الرئيس من الحكم، فيبحث عن وظيفة، فيلجأ إلى إلقاء المحاضرات في الدول المختلفة، وتلقى زوجته نفس المصير.

 قد يبدأ الرئيس طيبا لا يملك إلا راتبه، وتكون زوجته على نفس المنوال، ولكن غرور السلطة، وغياب النقد، والمعارضة والصوت الآخر، وتطبيقا للمثل الذي يقول "المال السايب يعلم الناس السرقة" يتحول الرئيس الطيب إلى ديناصور، وزوجته إلى ديناصورة.

 ولا أدري حقيقة ما هو التكييف القانوني لعمل زوجة الرئيس، هل هناك إشارة في الدستور إلى ذلك، هل عملها السياسي يندرج في إطار عمل الرئيس؟ أم أن زوجة الرئيس ـ وفقا للقانون ـ مواطنة تمارس العمل السياسي؟.

وحتى لا تكون الصورة قاتمة، فإن الأمانة تحتم علينا أن نقول إن السيدة الأولى تقوم  في بعض الأحيان ـ وبدون ذكر أسماء ـ بنشاطات إيجابية، وتقدم منجزات مهمة، حتى إنها في بعض الأحيان تفوق إنجازاتها إنجازات الزوج الرئيس. زوجة الدكتاتور تظل مهددة دائما؟ فهي رغم السلطة والجاه والمال، لا تنام، لأن لعنات الشعب تطاردها في كل مكان.

 ويمكن أن تأتي لحظة يثور فيها هذا الشعب كما حدث في تونس ومصر، فتحولت السيدة الأولى في لحظة إلى السيدة الأخيرة، وكما حدث في رومانيا عندما ثار الشعب ضد شاوشيسكو، ولم تشفع الكلمات الأخيرة لزوجته "إلينا" التي قالت للثوار "أنا أمكم" .. فأسكتتها هي وزوجها زخات الرصاص، أما زوجة العادل، فتتحول بعد انتهاء فترة حكم زوجها إلى مواطنة صالحة تعيش بحرية، تلاحقها ابتسامات الجماهير.
تاريخ الإضافة: 2014-04-04 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1067
0      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات