لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي مساحات للحوار والدردشة والتواصل بين الناس فقط، ولكن أصبح لها دور مهم في الثقافة والأدب، وذلك من خلال الوسوم أو الهاشتاجات.

والهاشتاج أو الوسم # علامة تصنيف تستخدم لتصنيف التغريدات أو الأخبار ذات الموضوع الواحد، بحيث يمكن قرائتها من قبل المستخدمين الراغبين في الاطلاع على موضوع محدد.

في عام 2021 أدى هاشتاج #BookTok   على تطبيق الفيديو تيك توك TikTok، والذي يركز على الكتب إلى قفزة في صناعة الكتاب، وفي هذا الوسم يقوم الأعضاء بتصوير مقاطع فيديو لمراجعة الكتب ومناقشتها، يسردون تجاربهم حول الكتب التي يقرؤونها، ويقدمون التوصيات. 

كشف تقرير نشرته مجلة Fast Company"أن "وسم # BookTok -  أدى إلى زيادة كبيرة في مبيعات بعض الكتب في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى ظهرت في قائمة أفضل الكتب مبيعا في نيويورك تايمز".

وفقًا لمجموعة NPD Booksca، التي ترصد معدلات البيع في سوق النشر، ارتفع عدد الكتب المباعة من 757.9 مليون كتاب عام 2020  إلى 825.7 مليون كتاب عام 2021، وتعزو المجموعة هذه الزيادة إلى  #BookTok   

وضرب التقرير مثلا بالروائية الصينية كلوي غونغ التي انضمت للوسم، وقامت بترويج كتبها عليه، حتى دخلت روايتها "المسرات العنيفة The violent delights " قائمة نيويورك تايمز لأفضل الكتب مبيعا The New York Times Bestseller، وتنسب غونغ ذلك إلى تيك توك.  نفس الأمر حدث مع رواية "أغنية أخيل The Song of Achilles  " للروائية الأمريكية مادلين ميلر، والتي وصلت إلى نفس القائمة بفضل وسم #BookTok .

على نفس المنوال ظهر على تطبيق إنستجرام Instagram وسم مشابه، وهو #Bookstagram، ينشر فيه الأعضاء صورًا للكتب الموضوعة بدقة على الرمال بجانب البحر الأزرق الكريستالي، أو يتباهون بأظافر مشذبة حديثًا تمسك بأحدث رواية.

هذا يؤكد الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي ليس في مجالات التواصل والتعارف والترفيه فقط، ولكن في الثقافة والنشر وصناعة الكتاب، وهو الدور الذي يمكن أن يتعزز، ليحقق للثقافة نقلة كبيرة للأمام .

إذا رصدنا عدد مستخدمي أبرز مواقع التواصل، (إحصاء تقريبية لـ 2021 ، 2022) سنجد الآتي : (2.91 مليار مستخدم في فيسبوك، 2 مليار مستخدم في إنستجرام، 1.2 مليار مستخدم في تيك توك،  727 مليون مستخدم لينكد إن،  350 مليون مستخدم في تويتر) .

وبالنظر إلى أن عدد سكان العالم يقدر بـ 7.9 مليار (إحصاء 2022) ، وبتجنيب الأميين أو تحت السن الملائم للاستخدام "المواليد والصغار" أو كبار السن "العجزة"، والمرضى وغيرهم، مع مراعاة الاستخدام المزدوج) سنكتشف أن معظم سكان العالم يستخدمون بشكل ما أحد مواقع التواصل.

عندما تطالع عدد مستخدمي هذه المواقع ستدرك معنى "النشر الفيروسي viral dissemination"، ـ وهو مصطلح منتشر في ثقافة مواقع التواصل ـ، وستعلم لماذا ربطت اللغة الإنجليزية النشر بالفيروس؟ .

وبالمقارنة بين النشر التقليدي وحتى النشر الألكتروني من ناحية، ومواقع التواصل الاجتماعي بإمكانياتها الهائلة وأهمها الانشار المذهل من ناحية أخرى، سندرك الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه المواقع في إنقاذ صناعة الكتاب.

آن الأوان لكي ندرك الأهمية القصوى لمواقع التواصل، حيث يمكن لهذه المواقع ليس فقط معالجة مشكلات الثقافة العربية التاريخية ومنها محدودية النشر، وتكاليف الطباعة، ومشكلات التوزيع، وضعف التأثير، ولكن تحقيق وثبة ماراثونية عالية للثقافة العربية، لتنتقل بها المبيعات من خانة المئات إلى خانة الملايين.