تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



فوات الحقبة الرقمية | الأمير كمال فرج


اليوم وبعد مرور 32 عاما على ظهور الإنترنت (6 أغسطس 1991)، يمكنني القول بكل أسى أن العرب فاتتهم الحقبة الرقمية، والنتيجة المزيد من العزلة عن العالم، والمزيد من الخسارة الإنسانية.

قد يبدو ذلك أمرًا صادمًا، وقد يتهمني البعض بالتشاؤم، ولكن هذه الحقيقة، فبدلًا من أن نستغل الإنترنت في نشر ثقافتنا ومعارفنا، والوصول إلى الآخر، ومعالجة الخلل التاريخي والذي جعلنا أمة تابعة تكتفي بالاستيراد، وتوسيع مساحتنا المؤثرة في العالم، تشبثنا بالماضي، وأضعنا فرصة تاريخية في التواجد تحت الشمس.

الدليل على ذلك أن المحتوى العربي على الإنترنت من 1٪ : 3٪، رغم أن عدد المتحدثين بالعربية أكثر من 422 مليونًا، ففي النشر الإلكتروني لا وجود لنا، عدا محاولات قليلة ونادرة، أما الصحافة الرقمية فهي غير موجودة عمليًا.

معظم المؤسسات العربية الحكومية والخاصة لا وجود لها على الشبكة العنكبوتية، وإن وجدت فمواقعها ضعيفة متهالكة ينعق فيها الغربان، كالمنازل المهجورة التي تعبث بأبوابها الرياح،  بعضها لم يُحدث منذ سنوات.

المؤسسات الصحفية الكبرى التي طالما تصدّرت المشهد، وتحدثت باسم الصحافة لعقود، تأخرت كثيرًا في التحول الرقمي، واستسلمت للنهاية المتوقعة منذ سنوات وهي الموت، وبعد خراب مالطة، بدأت في تدشين مواقعها عبر الإنترنت، فكانت النتيجة مواقع إلكترونية هزيلة من حيث التصميم والبرمجة والمحتوى، "خايسة" على حد تعبير أحد رؤساء التحرير.

أما المواقع الإلكترونية الجيدة فقليلة، بل نادرة، وهي مواقع إخبارية سياسية أبعد ما تكون عن الصحافة الرقمية المهنية بمعناها الصحيح والشامل.

البعض يعتقد أن الصحافة الألكترونية مثل المطبوعة، بينما الفروقات هائلة، كالفرق بين الغزالة والفيل، والغريب أن المسؤولين عن الصحف الورقية الذين قادوا الصحافة التقليدية نحو الخراب، هم أنفسهم من يرأسون المواقع الإلكترونية الآن!

ليس ذلك فقط، ولكن المواقع الحالية تدار بنفس عقلية الصحافة المطبوعة،  حيث تكتفى المؤسسة بنشر محتوى العدد الورقي، أو نشر نسخة الـ PDF  الخاصة بالعدد، أول الشهر على الموقع، بينما النشر الرقمي أو الإلكتروني شيء مختلف تمامًا . الصحافة الرقمية تعني النشر والخلق والتطوير والتحديث كل دقيقة وكل ثانية. لذلك فإن محاولات اللحاق بالركب التقني كانت فاشلة.

على سبيل المثال، إذا كان رئيس التحرير  في قمة الهرم الوظيفي في الصحيفة المطبوعة، فإن الأمر يختلف في الصحافة الرقمية، حيث الرئيس الحقيقي في الرقمنة هو الفني القادر على تقديم المحتوى الذي يحقق ملايين المشاهدات.

حتى على المستوى المهني، لا أحد يعرف المقومات الحقيقية للصحافة الرقمية، والأدوات والأساليب، والهيكل الوظيفي المناسب لها، كذلك التصميم والبرمجة، هذه صناعة حديثة يغلب عليها الكثير من الجهل وعدم المعرفة. لذلك فالخبرات في هذا المجال نادرة.

حتى التجارب الرقمية المعدودة التي قيّض الله لها النجاح، واستمرت مثل موقع "جهة الشعر" الذي كان يصدره الشاعر قاسم حداد وهو من التجارب الرائدة في هذا المجال، اضطر بعد عشرين عاما إلى التوقف بسبب التمويل.

هناك محاولات جادة لدعم النشر الإلكتروني، حكومية وخاصة، ولكن رغم جديتها جاءت في الوقت الضائع، وتحتاج إلى معجزة لكي تؤتي ثمارها.

والمشكلة بالطبع ليست مالية، فالعرب يمتلكون المال والإمكانات اللوجستية، والأهم الشريحة العريضة من القراء، ولكن المشكلة كانت دائما في الموهبة والرؤية والاستباقية والإبداع.

وفوات الصحافة الرقمية سلسلة جديدة من الأفوات التي تصيبنا دائما. لن أتطرق إلى الأسباب التي قد يرجع بعضها إلى ثقافة اجتماعية تتوجس دائمًا من كل جديد، أو قصر في الرؤية، أو مجتمع ينبذ الكفاءات، حتى في صناعة تعتمد كليّة على الكفاءات مثل الصحافة.

ولكن ما يعنيني هنا ظاهرة الفوات التي تتكرر، والتي ينتج عنها المزيد من التأخر والتخلف عن الركب العالمي، خاصة وأننا على أعتاب فوات جديد، وهو فوات الميتافيرس، الذي يعتبر التطور التالي للإنترنت. فبينما تتسارع الدول لحجز أماكنها في هذا العالم الذي سيسيطر على العمل والاتصال والتعليم والطب وغيرها في الأعوام المقبلة، لا زال الكثيرون لا يعرفون ما هو الميتافيرس؟.

والفوات الأكبر سيكون في الذكاء الاصطناعي الذي سيأخذ الأخضر واليابس، ويفرض واقعًا جديدًا، وسواء اتفقنا مع هذا الواقع أو اختلفنا معه يجب أن نتكيف معه، لأن الواقع يثبت أن من يقف أمام قطار التطور يدهسه.

التأخر في التقنية ساعة يعني التأخر سنة، ونظرًا لأن الموقع الإلكتروني نفسه أصبح موضةً قديمةً بعد ظهور الأشكال التقنية المدهشة مثل الواقعين الافتراضي والمعزز، والميتافيرس، وأخيرا الذكاء الاصطناعي. بيننا وبين العالم سنين ضوئية.

لقد فاتتنا حقبة الصحافة الرقمية، وذلك بالطبع له نتائج كارثية، ولكن المهم أن لا تفوتنا الحقب المقبلة، وحتى لا نقع في المزيد من التخلف عن مسيرة النهضة العالمية.
 

تاريخ الإضافة: 2023-07-30 تعليق: 0 عدد المشاهدات :957
9      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات