تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



اللغة الشاعرة | الأمير كمال فرج


اللغة أداة معرفية تحدد الهوية، بصمة لا تتكرر، مخزون ثقافي يشكل الشخصية، ولأن التعبير هو جوهر التواصل الإنساني، كانت اللغة مفتاح النجاح في الدراسة والعمل والاقتصاد والسياسة والعلاقات الاجتماعية، اللغة مصدر أساسي لثقافة الإنسان وعلمه، وبالتالي هي من يحدد مستقبله.

وتتميز اللغة العربية بمزايا كثيرة قل أن تجدها في اللغات الأخرى، فهي تتضمن العديد من الوسائل والأدوات التي تكفل التعبير الدقيق عن النفس الإنسانية بأحوالها وأطوارها المختلفة، لذلك ليس غريبا أن يكون المنجز الحضاري العربي في الأساس ثقافيا، وأن تنير شمس الحضارة العربية الطريق للعالم، وهو ما عبر عنه كتاب "شمس العرب تسطع على الغرب" للمستشرقة الألمانية سيغريد هونكه.

إذا أردت التأكد أنظر إلى علوم البلاغة التي تشمل فنون الخطاب، البديع والبيان والمعاني والمجاز، والاستعارة والتشبيه، والفصاحة التي تؤكد على الحديث بوضوح وطلاقة وقوة وإقناع، والمحسنات البديعية التي تضمن قوة التأثير : الجناس، والسجع، والطباق، والمقابلة، والتورية، وحسن التعليل، والمبالغة.

الكلمة في اللغة العربية ذات دلالة صوتية، تتميز بالجزالة والرقة والعذوبة، لا تجد كلمتين متطابقتين في المعنى، إذا بحثت عن كلمة في القاموس ستفاجأ بعدد من الاشتقاقات ولكل منها معنى، قد تتطابق الكلمة في الحروف، ولكن تختلف في النطق، وبالتالي يختلف المعنى، وهو ما يساعد الإنسان على إيصال أفكاره بسرعة وبدقة متناهية.

اللفظة في اللغة العربية لا تنقل المعنى فقط، ولكنها تنقل حالة شعورية كاملة، تختزن موسيقى داخلية تخاطب النفس، فيكون لها تأثير طربي أشبه بالسحر، لذلك كانت العربية مادة مثالية  لصياغة الشعر، والسرد وفنون الأدب، ولذلك تستحق لقب اللغة الشاعرة.

واللغة العربية مصدر غني بالجمال والأخلاق والحكم، لذلك يمكن أن تكون وسيلة للتربية والتعليم والتهذيب وغرس السلوكيات الحميدة، وترقيق المشاعر، وتطوير العلاقات الاجتماعية، وهي أيضا مصدر للمتعة، وصناعة الجمال. 

لا يخدعك الحديث بالعامية، فالفصحى تهيمن على حياتنا، فهي هي لغة القرآن الكريم، والعبادات والآداب الإسلامية، وهي لغة الثقافة والدراسة والشعر والنثر والأدب والصحافة والتاريخ والتعاميم والدعاوى القضائية، لغة الدراسات والبحوث التي تسبر أغوار المستقبل، لذلك كانت الفصحى تمتلك كافة مقومات صناعة الحياة.

واللغة العربية تملك مقومات الخلود، والدليل على ذلك التراث الشعري الضخم الذي كتب منذ أكثر من 1400 سنة، ومازلنا نردده حتى الآن، ونتمثل به في حياتنا اليومية، وهي أيضا قادرة على التكيف والتطور، قال عميد الأدب العربي طه حسين "لغتنا العربية يسر لا عسر، ولنا أن نضيف لها كلمات لم تكن مستعملة في العصر القديم".

لا نقلل من أهمية اللغات الأخرى، في عالم تبرز فيه أهمية مواكبة التقدم العلمي، والاطلاع على تجارب الأمم، والعلوم الإنسانية، وتلاقح الثقافات، ولا نقلل أيضا من أهمية العامية التي تعبر عن الوجدان الشعبي بخصوصيته، ولا اللهجات المستمدة من العادات والتقاليد، ولكن تظل الفصحى هي مجرى النهر الرئيسي الذي يغذي كل الفروع.
 لذلك كله يجب أن نهتم باللغة العربية اهتماما خاصا، ليس على سبيل الواجب والإنتماء والتعصب، ولكن حتى نستفيد من مزاياها الكبيرة، ولتحقيق ذلك هناك سبل كثيرة.

أتمنى أن تكون اللغة العربية هي المقياس الأول في التقييم والتحصيل والتوظيف والترقي، وأن تدخل في العلوم الحديثة كالطب، والاستفادة منها في برامج عدة بدءا من التدريب والإدارة، وريادة الأعمال، وتطوير الذات، والقيادة وبناء الشخصية، وانتهاء بفنون التفاوض، والأتيكيت.

أتمنى أن تعود الأغنية الفصيحة التي كان يتفاعل معها الفلاحون، والحرفيون والصنايعية في حفلات أم كلثوم، ترتقي بالوجدان، وتزيل التلوث السمعي الذي أحدثته الأغاني الهابطة.

لا يمكن تجاهل الدور الذي يمكن أن يقوم به الاستماع إلى أغنية فصيحة مثل "سلو قلبي" التي كتبها أحمد شوقي، ولحنها ياض السنباطي، وغنتها أم كلثوم في التدريب على استقامة اللغة، وحسن التعبير، وجودة الخطابة.  

والأهم في رأيي الكشف عن المزيد من الكنوز الكامنة في اللغة العربية، لأني أعتقد أن اللغة التي نتداولها الآن ليست إلا جزء من كنز كبير مليء بالجواهر والفرائد والدرر، وهو كشف يحتاج إلى جهد مضاعف من الكتاب والباحثين.

يقول الشاعر حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية :

"أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ
 فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي"

تاريخ الإضافة: 2024-01-21 تعليق: 0 عدد المشاهدات :179
2      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات