تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



مصرع التنين | الأمير كمال فرج


أنا متعصب، نعم متعصب، لسبب بسيط ، فأنا عربي، ولدت على هذا الثرى، وتنفست هذا الهواء، أنا جزء من هذه الأرض المعجونة بالخوف،  وهذا الطين المبلل  بالأساطير، جسدي جسر في قرية منسية، وذراعي غصنان للطيور، رأسي برج حمام، وقلبي ساقية بحرية. أنا عربي في صدري ينام الجرح العربي النحاسي الموشوم بالعذاب.

 أنا متعصب، وكيف لا أتعصب، وأنا نتاج بيئة تحتفي بالصحراء، وثقافة كتبت على وقع حداء الجمل،  وتناصب العصافير العداء، أمة لم تعرف على مر تاريخها إلا الحاكم الواحد والقبيلة الواحدة، وترفع الحكام والوزراء والقضاة وحتى رؤساء المدن إلى مرتبة الآلهة،  أمة تحتفي بالحسب والنسب، وتتجاهل جوهر الإنسان.

وعندما جاء الإسلام الجميل ليلغي الجهل والعنصرية والعبودية، أسلمنا ووحدنا وكبرنا، وتطهرنا كما يتطهر الثوب الأبيض من الدنس، ولكن بقيت جرثومة  التعصب كامنة داخلنا تتوارثها الأجيال.

 أنا متعصب، والتعصب يسري في دمي كما تسري المخدرات في الجسد البائس النحيل، أتمدد في العراء أهذي كالمحموم، وفي قدمي قطعة حديدية كبيرة كالتي تستخدم لمنع هروب المساجين، اسمها "العادات والتقاليد، وأكوام من المأثورات التي ترسخ الأنانية والفردية، وتختصر الفخر والمجد والسلطة والمال والجاه والمعرفة والحل والربط في شخص. وتتعامل مع الناس بمنطق الأبيض والأسود، البندر والقرية، القبيلي وغير القبيلي، العاصمة والأقاليم. الثري والمعدم، الرجال والحريم، السلطة والشعب المتعب المغروس في الفقر والجهل. السادة والعبيد.

 التعصب آفة عربية قديمة تتجسد في كل مكان، ففي مجال العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة، هناك تعصب للجنس من خلال التعصب للذكر ضد الأنثى، وهناك تعصب للرجل ضد المرأة، وعلى مستوى الاجتماعي، هناك تعصب للغني ضد الفقير، وابن العائلة وابن البواب، وعلى مستوى الدولة هناك تعصب للون والعرق والدين والنادي الكروي والطبقة الاجتماعية، وعلى مستوى الدول هناك تعصب للجنسية والدين والمذهب نراه في المباريات الكروية التي تحفل بالبلطجة والجنون والشغب الرياضي، وفي معاملة مسؤولي الجوازات في المطارات، وهكذا يتفشى التعصب في حياتنا الاجتماعية، ويتسبب في إشاعة الكراهية والفشل والصراع  بين المجتمعات.

 أنا متعصب، ولكني حاربت للتخلص من الغربان التي تريد أن تأكل من رأسي، ووحش التعصب البغيض، ثابرت وناضلت وصبرت وجاهدت كالصوفي الذي يسكن الجبل ويعتزل الحياة لتتطهر روحه، وتتسامى جوارحه، وقرأت لأن المعرفة سلاح فعال ضد الجهل والتعصب والكراهية..

أغلقت على نفسي كما يفعل المدمن الذي يبحث عن الخلاص، تعبت وصرخت وبكيت، حملت صخرة سيزيف، وصارعت طواحين دونكيشوت، نهضت وسقطت،  وتعثرت ألف مرة، لكني أخيرا نجحت،  وخرجت من الكهف المظلم  ليصافح وجهي المعروق أخيرا الهواء النظيف، نجحت في التغلب على التنين الأسطوري الذي يلفظ ألسنة اللهب، وتخلصت من القطعة الحديدية الكبرى المعلقة في كاحلي، وتحركت بحرية لأول مرة.

 والآن تعافيت وتخلصت من فيروس التعصب الخطير، وأصبحت إنسانا جديدا، والآن وأنا على منصة الانتصار أعترف أن  للصحافة دور مهم في انتصاري، لأن الصحافة لا تعرف التعصب، فعندما يمسك الكاتب أو الصحفي بالقلم فإنه يتقمص روح الداعية، وأمانة العالم، وحكمة العارف بالله، وروح الشرطي، وضمير القاضي الذي يجب أن يكون حكمه عادلا حاسما منزها عن الغرض.

 بالطبع لدى رأيي، ولي أهوائي وأخطائي، وذوقي الخاص، ولكني عندما أكتب أتخلى عن كل ذلك، وأشعر بمهابة الأمر، وأستحضر الآية الكريمة التي تقول "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد".

 ولكني عندما أنظر إلى بلادي من المحيط إلى الخليج، وأشاهد الرجال والنساء والأطفال في الشوارع وفي البقالات والمدارس والمصانع وفي محطات القطارات .. كل منهم يجر قطعة الحديد الكبرى المربوطة بقدمه. أحزن وأبتئس.

 نحن بحاجة إلى ثورة توعوية شاملة ضد التعصب، تعلي من قيمة الإنسان، أيا كان جنسه ولونه ودينه وعرقه، وتؤكد على جوهر الإسلام العظيم الذي يساوي بين الجميع، ويؤكد أنهم سواسية كأسنان المشط، ولا فرق بين عربي أو عجمي إلا بالتقوى، ثورة تجعل الأداء هو المعيار الأساسي والوحيد لتقييم الفرد. حملة تشجع على المجاهدة والمقاومة والمثابرة  للتخلص من تنين العنصرية البغيض.


تاريخ الإضافة: 2014-04-15 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1073
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات