تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



الحي الميت | الأمير كمال فرج


المقابر أو الجبَّانَة كما يطلق عليها أحيانا ، أو المدافن بلغة أهل البندر، و"التُرَبْ" بلهجة أهل الريف مكان يخصص لدفن الموتى الذين يتوفاهم الله، لذلك فإن المقابر هو مكان الموتى، ولا يسمح بدفن الأموات في مكان عداه، وإن كان الأحياء قد نازعوا الأموات مكانهم نظرا لمشكلة السكن الطاحنة التي يعاني منها الشعب المصري، فوجد البعض في أحواش المقابر أمكنة مثالية للسكن، والتمتع بالهدوء النادر.

 الموتى هم من توفاهم الله، وانقطعت أعمالهم من الدنيا، وغالبا ما يحزن الناس الذين يفقدون عزيزا في البداية، ولكن سرعان ما ينسى الناس الراحلين، وإن كانت عادة زيارة المقابر مازالت موجودة في الأعياد.

 ورغم عدم مشروعية دفن الموتى في المناطق السكنية، فإن الواقع يقول أن هناك موتى آخرون لا يسكنون المقابر، فبالنظر إلى تعريف الميت الذي ينص على أنه من ينقطع عمله في الدنيا، فإننا يمكن بناء على هذا التعريف أن ندرج الكثيرين ضمن الموتى.

 الكثير من الأحياء وصلوا لمرحلة اليأس، فأصبحوا ينامون ويستيقظون ويذهبون إلى أعمالهم.. نعم ، ولكنهم في الحقيقة يشبهون الموتى، لا أمل أو عمل أو سعى في الحياة، يقضون أيامهم كالمريض الميؤوس من شفائه، وأكد الأطباء أن أيامه في الحياة معدودة ، فجلس القرفصاء شاخصا للفراغ مسلوب الإرادة ينتظر الموت.

 الإنسان الحي ليس فقط من يتنفس وينبض قلبه، .. ليس فقط من يتحرك ويذهب إلى عمله ثم يعود، الحي الحقيقي هو من يتفاعل مع الحياة، بحلوها ومرها، يعمل ويكد ويسعى للأفضل، لقد خلق الإنسان ليعمل ويسعى ويعمر الأرض، ولكن الكثيرون لا يعملون، ولا يسعون، ولا يعمرون حتى بلكونة.

 نعلم أن الحياة مليئة بالصعاب، والكثير من الناس يعيشون تحت خط الفقر لا يجدون حتى حاجاتهم الأساسية، ولكن ذلك لا يجب أن يكون مبررا لليأس، قال تعالى "لقد خلقنا الإنسان في كبد" ، أي تعب ومشقة، ومن المؤكد أن ذلك تم لحكمة يعلمها هو تعالى، والإنسان المسلم أمر بإحسان الظن بالله، ولم يؤمر بالاستسلام والخوف واليأس.

 أمرنا الله تعالى بالصبر والاحتساب، والسعي لتغيير الواقع السيء، ودعانا إلى عدم اليأس عندما قال "قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله"، وأكد لنا أن رحمته ضافية شاملة عندما قال "ورحمته وسعت كل شيء"، ووعد خيرا عباده الصابرين المحتسبين، وليس ذلك فقط، ولكنه تعالى بشرنا باليسر بعد العسر، عندما قال "إن بعد العسر يسرا .. إن بعد العسر يسرا".

 ولأنه تعالى يعلم بحجم الصعوبات التي يمكن أن يلاقيها الإنسان في الحياة، فقد زودنا بالعديد من السمات كالنسيان والصبر ، ولولا ذلك لما نسى فرد مأساته ، وتوقفت الحياة حزنا ووجلا من مصائب الدهر.

 أمرنا الله تعالى بالصمود أمام الشدائد والصعاب، واللجوء إلى الله، ، لم يمنعنا الله من الحزن، لأنها صفة إنسانية، ولكنه نهانا عن اليأس والبقاء أسرى للحزن ، ودعانا إلى الرضا بقضاء الله، عن أم سلمه رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ما من عبد تصيبه مصيبة ، فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون : اللهم أجرني في مصيبتي ، واخلف لي خيرا منها، إلا أجره الله تعالى في مصيبته، وأخلف له خيرا منها . قالت : فلما توفي أبو سلمة ، قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم .
ولنا في رسول الله أسوة حسنة عندما فقد ابنه الوحيد إبراهيم ، فرغم تأثره صلى الله عليه وسلم إلا أنه احتسبه عند الله، وقال "إن العين لتدمع وإن القلب لتحزن وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون".

 والإنسان بطبيعته معرض للابتلاء، في المال أو الولد أو الصحة، أو في قريب أو عزيز، وهذه سنة الحياة، قال تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين).

 اليأس أخطر مرحلة يمكن أن يصل إليها الإنسان، وهي المرحلة التي يصل اليها المنتحرون، فيضعون حدا لحياتهم، وهو مرض يشبه مرض الشلل الرباعي، إذا أصيب به الإنسان تشل جميع أطرافه، فلا يستطيع التحرك.

 وأخطر أنواع البشر هو اليائسون الذين يتحركون في شوارع الحياة، ولكنهم موتى خلت عقولهم من النبض،وخلت قلوبهم من الأمل، والمشكلة أن هؤلاء لا يتوقف خطرهم عند اليأس، ولكنهم ينقلون يأسهم إلى الآخرين، فإذا تحدثوا فإن كل شيء ظلام، التعليم منهار، والحكومة فاسدة، والحكم ديكتاتوري، واليهود قادمون، والأغاني هابطة، المياة غير نظيفة، والفساد عم الديار، وكل شيء يعمه الخراب ، والمستقبل حالك السواد، أو كما يقول البعض "أيام مايعلم بيها إلا ربنا".

 اليأس مرض يمنح العجز الشرعية، فيفقد الانسان قدرته على الفعل والإصلاح، ويصبح كالميت الحي، إن أسرع وسيلة لتحطيم أمة هو أن تزرع اليأس في نفوس أبنائها، وهذه أحد بنود الحرب النفسية التي يجيد الأعداء إدارتها .
 ولا أدري هل نتعامل مع اليائسين بالعزل، حتى لا ينقلوا العدوى إلى الآخرين، أم ندرج اليأس على قائمة الأمراض النفسية التي تستلزم العلاج، ونبحث عن لقاح جديد يمنح المرء مناعة ضد اليأس مثل لقاح أنفلونزا الخنازير؟.

 اليأس مرض أخطر من الإيدز والسرطان والتصلب المتعدد ، وهو مرض شديد العدوى ينتقل بمخالطة المريض، عبر الرذاذ وبكتيريا الهواء، وأحيانا ينتقل عن بعد بالإيحاء، فإذا تمكن اليأس من فرد لا يتبقى له سوى الانتحار، وإذا تمكن من وطن قل عليه "يارحمن يارحيم".
 




تاريخ الإضافة: 2014-04-16 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1055
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات