تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



أفلام عربية تجاوزت اللغة ووصلت إلى العالمية


عمر عبدالعزيز : قضية اللغة في السينما ليست إشكالية عربية ولكنها مشكلة عالمية
السينما العربية نشأت ضمن معايير موازية للسينما العالمية ثم انزاحت نحو الواقعية
الرد على الصورة النمطية لا يتم بالسجال ولكن بتقديم التاريخ العربي خاصة مع توفر قابليات الإنتاج
شادي عبدالسلام كان يجيد بناء المشهدية البصرية بروحية فنية تفاعلية
محمد شويكة : السينما لغة مستقلة لا تعنى بالدرجة الأولى باللغة المنطوقة
اللغات ليست مشكلة والدوبلاج يمكننا من رؤية الفيلم بعشرين لغة
السينما تنقل رؤى نقدية عقلانية تنور الانسان ركيزة بناء المجتمع الحديث  



 الأمير كمال فرج.

قال مختصون أن السينما مدخل أساسي لتقديم رؤى تساعد في جعل المجتمعات العربية في صفوف المجتمعات المتقدمة، مؤكدين أن السينما العربية تمر بلحظة تاريخية، وأنها تستطيع بشيء من التكامل والتضافر والقدرات أن تنتج دراما حقيقية من أقصى المغرب إلى  أقصى المشرق"، وقدموا نماذج لتجارب سينمائية عربية تجاوزت اللغة، وانتصرت للفن السابع.

جاء ذلك في جلسة حوارية نظمتها إدارة الدراسات في دائرة الثقافة في الشارقة عن طريق برنامج زووم حول كتاب  "السينما العربية : تجارب .. رؤى .. رهانات" للناقد السينمائي المغربي الدكتور محمد شويكة، ناقش الكتاب مدير إدارة الدراسات في دائرة الثقافة في الشارقة الكاتب والفنان التشكيلي الدكتور عمر عبدالعزيز، وأدارت الندوة عائشة آل علي. 

قال الأستاذ الدكتور محمد شويكة أن "السينما العربية سينما فسيفسائية، فعندما نقول العربية فمن أجل حصر السينما الدائرة في الوطن العربي، لأننا لا نستطيع لحد الآن ـ وهذا رأي كل من تناولوا السينما العربية وقضاياها ـ  أن نحصرها كمدرسة أو اتجاه، أو رؤية منسجمة، فالسينما العربية غير متكافئة من حيث الكم، فهناك فارق كبير فيما يتعلق ببداية الممارسة الفعلية للسينما، وعندما نتحدث عن ترسيخ هذا النوع من الفن في البلدان العربية، نجد عوائق ومشكلات ومبادرات غير متكافئة إلى غير ذلك، ولكن رغم ذلك تظل هذه السينما متميزة لانشغالها بأمور تخص العالم العربي، وتخص أشكال وأنماط، وآمال الانسان العربي". 

وأضاف أن "الكتاب خلاصة للتجارب التي وقفت عليها، من خلال مهرجانات السينما العربية،  أو من خلال الأفلام التي شاهدت، وتلك التي تراكمت معي منذ الطفولة، على مدى حوالي أربعة عقود، وأيضا الأفلام التي تركت في نفسي أسئلة حارقة، والقراءات جاءت منقسمة على أهم التجارب المؤسسة مثل تجربة المخرج المصري يوسف شاهين، وبعض التجارب المغاربية، فضلا عن تجارب أخرى في العالم العربي، وتناولت أيضا بعض التجارب العربية التي تأتي من بلدان المهجر، وخاصة التجارب المغايرة، والتي تحسب للسينما العربية، فعندما نتحدث عن الأفلام العربية فنصف الأفلام ناطقة بالعربية، السينما لا لغة لها، فلغة السينما هي لغة الصورة، والصوت لاحق، وبالتالي هناك نقاشات في الوطن العربي، حول بعض السينمات التي تدخل في سياق السينمات المغايرة أو المختلفة، وتصنيفها خارج الموضوعية، كالتجارب التي تقام في المغرب العربي خاصة بين تونس والجزائر والمغرب والسينما الأمازيغية، والسينما الكردية، وتجارب أخرى في سوريا أو العراق وفي أوروبا وألمانيا، أو دول أوروبية أخرى أو في أمريكا" .

وأوضح الدكتور شويكة أن "السينما العربية تهتم بهموم السكان الذين يعيشون داخل البلدان العربية، وهنا يكمن اختلافها وطابعها المميز باعتبار أنها تهتم بالدرجة الأولى بالانسان، بطموحاته وقضاياه والمحيط الذي يعيش فيه، وتفاعله مع المحيط القريب والبعيد بصفة عامة".

إشكالية اللغة

عن إشكالية اللغة في السينما العربية، قال الدكتور شويكة "عندما نتحدث عن السينما العربية هناك إشكالية رئيسية، فاللغة العربية لغة الثقافة، والدروس التي تقدم داخل المؤسسات التعليمية، لغة الإعلام، والكتابة في الصحافة، ولكن ليست لغة الحياة، فالناس يعيشون من خلال اللهجات، فكل بلد عربي فيه مجموعة كبيرة وغنية من اللهجات، بعضها قريب من اللغة العربية، وبعضها بعيد مستقى من لغات أخرى مثل التركية أو الأمازيغية ولغات أجنبية أخرى، وبالتالي فإن الفيلم العربي ينطق في الغالب باللهجة المهيمنة داخل البلد، أو اللهجة التي يميل إليها المخرج، ويتحدث بها".

وأضاف أن "هذا يدل على أن السينما العربية تعاني داخل الوطن العربي أولا، قبل أن تعاني خارجه، لأننا عندما نكون في المهرجانات نجد أن غالبية من يشاهد السينما العربية يشاهدها من خلال المكتوب على الشاشة، خاصة إذا كان الفيلم يعتمد على الحوار ، وهو جزء أساسي من الحكي والسرد الفيلمي، وهذا عائق أمام بعض السينمات العربية المهمة، كالسينما في بعض دول الخليج، والشام وسوريا، وفلسطين ولبنان والأردن، أو بعض التجارب النامية في الإمارات".

وأبان أن "هناك لهجة واحدة مهيمنة وهي اللهجة المصرية بصفة عامة ، لدرجة أن الشعب المصري خرج من السينما المصرية، لا توجد أي مشكلة عندما تسافر إلى مصر ، تجد نفسك وكأنك تشاهد فيلما داخل الواقع، بينما عندما تأتي إلى المغرب، تجد الناس يتحدثون اللهجات والدوارج، وهكذا عندما تذهب للإمارات أو السودان، أو أي بلد آخر تجد واقعا مختلفا عن الأدب الذي قرأته،  أو الأفلام التي شاهدتها، هنا تكمن بالدرجة الأولى إحدى الإشكاليات التي أعاقت رواج الفيلم العربي داخل الوطن العربي".

الظواهر اللهجوية

يرى الدكتور عمر عبدالعزيز إن "قضية اللغة في السينما ليست إشكالية عربية فقط، ولكنها مشكلة عالمية، بمعنى آخر أن الظواهر اللهجوية هي  ظواهر تاريخية توليدية من أصل لغة واحدة، بمعنى آخر أن اللهجات موجودة في كل العالم وكل اللغات الإنسانية، كما هو الحال مثلا في الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والإسبانية، حتى اللغات الشفاهية، فيها تعددية في اللهجات، بل أن بعض اللغات  الشفاهية الأفريكانية التي كتبت عما قريب مازالت تحتفظ بمسافة بين الأدب الصافي كما هو الحال بالنسبة للشعر وبين الكلام الذي يتحدث به الناس في المجتمع. بمعنى آخر إن ظاهرة اللهجات قريبة إلى ما يمكن أن يسمى بالتوليد المفاهيمي والصوتي للعديد من اللهجات النابعة من أصل واحد، وهي بهذا المعنى تعاضد الفصحى، أو تعاضد اللغة البيضاء، ومن هنا سنلاحظ في الدراما العربية على سبيل المثال أن الناس بقدر استيعابهم وتمثلهم الإدراكي للهجة المصرية أيضا يستوعبون إدراكيا ودلاليا اللهجة الشامية أو السورية تحديدا، وكذلك اللبنانية واللهجات الخليجية المختلفة، وخاصة الكويتية".

وأضاف "بمعنى آخر أن هذه الظاهرة أيضا مترافقة مع دراما الأطفال التي هي باللغة العربية البيضاء الفصحى، ودراما الأطفال منذ الثمانينات حتى اليوم لازالت في الغالب تدبلج باللغة العربية التي يستوعبها الطفل من المحيط إلى الخليج، وكل مكان في العالم العربي. مما يدل على أن هناك جسور تواصل بين الفصحى والعاميات المختلفة، فيما يمكن ان يسمى بالدربة السماعية أو الدربة الكلامية، وهذه المسألة يمكن أن تختزل سماعيا عن طريق الدراما إلى حد كبير ، وهناك أيضا ما يسمى بالتمثل الواقعي للدراما، بمعنى آخر أني عندما أعد على سبيل المثال فيلما له علاقة بالعرب ما قبل الاسلام، أستخدم اللغة العربية الفصحى،  الأكثر بيانية ، أو أستخدم لغة عربية أكثر رومانتيكية في العصر الأندلسي أو في المرحلة الأندلسية، وأستخدم اللهجة في أفق ما عندما تكون الدراما عن البادية، وهكذا دواليك، وهذا لا ضير فيه".

الترجمة الخطية

قال الدكتور عمر أنه "لا خصومة بين اللهجات والعربية الفصحى،  لأن هناك لغة ثالثة تنشأ هي اللغة البيضاء، وهذه لغة منفرجة ، والدليل على ذلك لغة الصحافة والكتاب والمدرسة وكل ما يمكن أن يتم في هذا الباب".

وأضاف أن "هنالك أيضا مستويان لمحاولة فض المنازعات الافتراضية، أو المتعسفة بين الفصحى والعامية، وهي الترجمة الخطية، والدوبلاج، للأسف في العالم العربي لم يتطور الدوبلاج ولا الترجمة الخطية كما ينبغي،  والشاهد على ذلك مشاهداتي ومتابعاتي للعديد من اللغات التي أعرفها، والتي أجد فيها أن كل بلدان العالم، بما فيها البلدان الصغيرة، قليلة السكان ولكنهم يحرصون على أن يكون هناك كتابة بنفس اللغة، مثلا يتحدثون بالانجليزية ويكتبون بها، أو يدبلجون بها، ومسألة الدوبلاج في بعض البلدان مؤسسة لدرجة أن لكل ممثل دوبلير، وبالتالي توجد بيئة إنتاج معرفي وثقافي يساعد على لملمة الصلات الحميدة بين اللهجات المختلفة من ناحية، وبين مستويات الإظهار من ناحية".

وأبان أن " بعض المخرجين أحيوا لغات كما هو الحال بالنسبة لميل جبسون في فيلم "آلام المسيح"  الذي أحيا اللغة الآرامية، وأنطق الممثلين بها، ولم تكن هناك مشكلة، لأن هناك ترجمة خطية، أيضا ميل جبسون في فيلم "أبوكاليبتو" حاول أن يحيي فيه المشهدية البصرية المقروءة بإشارات صوتية، وبكلمات بسيطة، بمعنى آخر أنه كلما كانت اللغة المستخدمة تعضد البنية المفاهيمية والنفسية والسيكلوجية كلما كانت عاملا مساعدا".

وقال الدكتور عبدالعزيز " نحن في العالم العربي لا نختلف عن بقية العالم، نفس القصة نواجهها في كل مكان، وعلينا هنا أن نسترجع ماحصل في المغرب العربي، على عهد الوجود الفرنسي، وكيف أن المغرب العربي الذي كاد أن يتفرنس تحول إلى مستوى إحيائي هائل للثقافة العربية القديمة، اليوم في المغرب والجزائر وغيرهما الثقافة العربية تتخطى في بعض المناطق المشرق العربي نفسه، لسبب بسيط هو أن التفاعلية الخوارزمية بين اللغات المتعددة وبين التمثل الإدراكي والمعرفي للفرنسية والإسبانية والبرتغالية والإيطالية أفضت إلى صقل العربية في المغرب العربي، الذي أصبح متميزا في الدراسات الألسنية الخاصة باللغة العربية منذ الجاهلية وإلى الآن"، مشيرا إلى أهمية الاستفادة من تدابير الآخرين في طرق التعامل مع هذه الحقائق من خلال تطوير أنظمة الدوبلاج أو الترجمة الصوتية .
 
البعد التجاري

تطرق الدكتور محمد شويكة إلى البعد التجاري في السينما، وقال أن "السينما العربية تعاني من مشكلة رواج الفعل التجاري، فإذا بحثنا في أي بلد عربي عن الأفلام الرائجة عدا الأفلام القطرية، سنجد أن الفيلم المهيمن ـ  مع استثنائات قليلة ـ هو  الأمريكي والهندي، وبعض الأفلام التي تأتي من سينمات أخرى كالإنجليزية . وأن الجمهور يقبل عليها سواء بلغتها أو عن طريق الدوبلاج، واللغات ليست فيه مشكلة، حيث يمكننا عن طريق الدوبلاج رؤية الفيلم بعشرين لغة".

وتساءل قائلا "في هذه الحالة، أية لهجة تهيمن؟، فمثلا الدراما التركية الرائجة في العالم العربي تدبلج في استديوهات لبنانية أو غير ذلك، أو كما نراه حاليا في المغرب بدراجة مغربية،  حتى ليست لغة بيضاء، واللغة البيضاء لغة تواصلية بسيطة أقرب للغة الاستعمال غير اليومي الغارق في المحلية أو الجهوية . لهجة ممنتقاه بعناية أقرب إلى الدارجة".

وأشار إلى مسألة أساسية وهي التمهيد لنشر لغة مكعبة وسيطة في مجتمع معين، وقال أن "اللهجات مشكلة عالمية، ولكن عندما يكون التعليم ناجحا يختار لغة يتواصل بها أبناء البلد للقضاء على النزاعات الأيدلوجية والعرقية والجهوية، حتى النزاعات اللغوية، فلدينا في العالم العربي تيارات تميل إلى الاحساس بنوع من الضيق نحو مجتمع معين  بالنظر إلى عدم الاهتمام بالثقافة بوجهها اللغوي، مثل القضية الأمازيغية في المغرب العربي، للمشكلة جانب عرقي بالإضافة إلى أصل بالإضافة إلى لغة".

وأوضح الدكتور شويكة أن "المهتمون بالسينما العربية طرحوا هذه المسألة في ندواتهم وكتبهم منذ ابراهيم العريس إلى سمير فريد، وتحدثوا عن بدائل وقدموا مقترحات، وأهم مقترح كان الحديث باللغة العربية الفصحى، وبالفعل بدأت هذه العملية من خلال برامج تلفزيونية".

وأضاف أن "البدائل الآن ميسرة، على أساس أن السينما لغة مستقلة، لا تعنى بالدرجة الأولى باللغة المنطوقة، وهي لغة تتصل بالفن والصورة ، والترجمة أو العنونة حلت هذه المشكلة"، مشيرا إلى دور الجميع ابتداء من أصحاب القاعات إلى الدول في دخول شراكات لترويج الفيلم العربي، حتى يتمكن المشاهد في المغرب العربي أو المشرق العربي بصفة عامة من مشاهدة التجارب الطليعية التي ينتجها الشباب العربي، سواء في الداخل أو الخارج.

وقال "في الفصل الأخير من كتابي "رؤى من الخارج" تناولت تجربة فيلم "ذيب" للمخرج الأردني المقيم في لندن ناجي أبونوار وهو إنتاج مهم جدا من الناحية الجمالية والفنية، نكاد نشاهده دون صوت، أو حوار، وهو يهتم بالمجتمع الشرقي بمخاضه ، بإشكالية الدولة والاستقلال، وقضايا الاستشراق التي تبلورت في بعض الأفلام الأمريكية المدبلجة والتي تتضمن كليشيهات وصور نمطية خاصة بالدول العربية، مشيرا إلى أن كثير من التجارب العربية تجاوزت قضية اللغة وانتصرت للسينما .

الحداثة والحرية

عن الحداثة والحرية، قال الدكتور شويكة "في الفصل الأول من كتابي تناولت قضية الحداثة والتنوير بصفة عامة، في العالم العربي، لأننا عندما نتحدث عن الحداثة نتحدث عن مداخل مهمة لتطوير المجتمع وتطوير الدولة بصفة عامة، وتطوير الانسان ، أن تكون حداثيا مسألة أساسية، والحالة العربية تتطلب هذه المداخل، والسينما فن ملائم لنشر رؤية حداثية . لكن الأمر يظل رهين أسئلة فلسفية عدة، هل هناك حداثة واحدة أم حداثات؟، هل يمكن للحداثة أن تجيب عن أسئلة اليوم أم أنه يجب أن نرتمي للمستقبل بما يتطلب ذلك من مجهود ومغامرة ومجهول وخسائر؟" .

وأضاف "عندما تكون حداثيا، تحدث قطيعة بينك وبين مضادات الحداثة، كالفكر الغيبي الذي يهيمن على المجتمع العربي، وعندما أتحدث ع الفكر الغيبي لا أقصد البعد التعبدي، ولكن أتحدث عن السحر الذي لازال يعشش في العقول المغاربية ، والغيب بالمعنى الفطري وغير عقلاني الذي يعشش في عقل الانسان العربي".

وأوضح أن "السينما كفيلة بنقل رؤى نقدية عقلانية، لمضادات الحداثة، وأن تنور الانسان، فالفرد ركيزة بناء المجتمع الحديث، والسينما تعطي للفرد من خلال شخصيات ومقولة البطل والزعامة والقيادة وطرح الأسئلة الحارقة أمام الذات والعالم أشياء أساسية . المراهق عندما يشاهد فيلما يندمج فيه ويحاول أن يقلد ويستضمر رؤى معينة وتجارب ويتعرف على أنماط عيش مغايرة للنمط المحلي الذي يعيشه، وبالتالي فإن تجربة المشاهدة السينمائية لا تمر على الإنسان بطريقة عادية، وتنتهي بمجرد انتهاء الفيلم ، فالفيلم تجربة انسانية عميقة تترك آثارا غير مرئية على المشاهد، خاصة الناشئة".

ذكر الدكتور شويكة أن "تجارب الشباب العربي تأتي من الصورة والمشاهدات المرئية، وبالتالي نجد الشباب اليوم مرتميا في الحضارة المرئية يستوعبها ويتأثر بها، ويجيب على أسئلته من داخلها. حتى أصبح يعيش نوعا من الازدواجية، بمعنى له نمط عيش محلي، يعيشه بكل مآذقه ومشكلاته، ولكنه يعيش منعزلا على شاشته الصغيرة، له حياة أخرى على الشاشة، خاصة وأن مشاهدة السينما تغيرت، فبدلا من أن يذهب المتفرج إلى السينما ويذهب إلى شباك التذاكر ويأخذ تذكرته ويقف في الطابور للدخول ، الآن أصبح يشاهد الفيلم على شاشته الصغيرة، وأصبح للمشاهدة الفيلمية طقوس أخرى".

انعتاق الشباب

أكد الدكتور شويكة أن الفيلم السينمائي أصبح فرصة للشباب للانعتاق من الإكراهات والضغوط التي تمارس عليه سواء كانت مجتمعية أو غيرها،  وقال أن "الفن بصفة عامة له دور في حياة الإنسان، فهو حلم الانسان وسفره داخل المخيلة، وانعتاق من الرقابة العقلانية الصارمة في علاقته بالحياة، يقول نيتشه "لولا الفن لقتلتنا الحقيقة"، بمعنى أني عندما أذهب إلى السينما أذهب لاقتناص لحظة انعزال، ليس هروبا، وإنما انعزال وجودي آخر، يجعلني أرقى إلى لحظة غير واقعية. تسمح لي بالاندماج مع ما أشاهد. ترحل بي وتطوف بي في مسارات خيالية مختلفة تماما عن الواقع الذي أعيش به، من هنا  تسربت للسينما بعض الرؤى الأيدلوجية التي جعلت السينما بمثابة أفيون أو تنويم، وإطالة لأشياء معينة تستفيد منها نخبة معينة سياسية ، اقتصادية، اجتماعية، إلى غير ذلك".

وضرب مثلا بسينما هوليوود، وقال "هي أعظم ما صنعت أمريكا، لأننا عندما ندخل إلى هوليوود ندخل إلى عالم سحري مليء بالفضاءات غير الواقعية، نندمج فيها، دائما هناك صورة لبطل معين، نمطية معينة، نفس الشيء في السينما الهندية، هي سينما الموسيقى والحلم وانتصار الخير على الشر، لذلك كانت السينما لا تنفصل عن الرؤى الأيدلوجية لصانعيها ، في مناطق عدة في العالم السينما مرتبطة بالدوائر الانتاجية الرسمية، ورغم وجود تجارب أخرى طليعية مستقلة فإنها لا تبتعد عن هذه المدارات".

وقال الدكتور شويكة "عندما أتحدث عن الحرية لا أقرنها دائما بالحاكم أو السياسي، الحرية تأتي من المجتمع|، لأن الرقابة الاجتماعية أكبر الرقابات، حيث يمكن أن نوجد حلولا للرقابة السياسية، فالفيلم اليوم يمكن أن ينتجه المخرج في دول أخرى وبأبطال آخرين، ويمكن أن يجسده بأشخاص غير واقعيين، مثل التحريك مثلا، لقد تحررنا بذلك من رقابة الدولة المباشرة، وأصبحنا نتحدث عن تحرير العقل، والخيال والرؤية"، مشيرا إلى أن السينما مدخل أساسي لتقديم رؤى تساعد الدول والحكام على زرع دول حدثية تساهم في جعل المجتمعات العربية في صفوف المجتمعات المتقدمة.

رؤية سينمائية

قال الدكتور عمر عبدالعزيز أن "السينما العربية نشأت تحديدا في مصر، عندما كانت أفلام الأبيض والأسود حينئذ مواكبة للأفلام الأوربية والأمريكية، ولكن من ناحية التزمين نشأت السينما العربية في ظل الحاضن المتوسطي العربي الأوروبي، وليست مصر فقط، كانت الشام موجودة، وكذلك إيطاليا ومالطا، بمعنى آخر  أن السينما العربية نشأت ضمن قواعد ومعايير موازية للسينما العالمية حينئذ، بعد ذلك انزاحت نحو الواقعية، والواقعية الجديدة، وقدمت محطات مهمة، وتسمت بالسينما العربية، وهي تسمية لها مغزى خاص، لأن الاسهامات الفنية كانت من مختلف الأقطار العربية من خلال الممثلين وكتاب القصص السينمائية".

وأضاف أن "السينما العربية إنزاحت بعد ذلك إلى الانتاج الملحمي، من خلال بعض المحطات التاريخية، منها ماكان يبدو بسيطا، وساذجا واعتياديا، ومنها ماكان فيه نوع من الاشتغال، كما هو الحال بالنسبة لفيلم "الناصر صلاح الدين" ، وفيلم "المصير" الذي قدمه يوسف شاهين، واشتغل فيه مع الفنان شادي عبدالسلام الذي كان من الفنانين الذين يجيدون بناء المشهدية البصرية بروحية فنية تفاعلية، وتبعا لذلك كادت السينما العربية أن تكون مجاورة للعديد من محطات الأفلام العالمية، وكانت تجربة مصطفى العقاد الهوليودية العربية ذات أهمية استثنائية، سواء في فيلم "الرسالة" أو فيلم "عمر المختار، وفي إطار الواقعية الجديدة التي ظهرت في سبعينات القرن المنصرم كان هناك المخرج المصري خيري بشارة الذي قدم سلسلة من الأفلام الواقعية،   التي تسمت حينئذ بالواقعية الجديدة".

وأوضح الدكتور عبدالعزيز أن "المعرفة بالتقنية وسهولة الإنتاج والقدرة على المناورات البصرية الجميلة والمتعددة، التي تتوفر اليوم تمكننا من تقديم أشياء مميزة، وأقف على تجربة المخرج السوري حاتم علي الذي استطاع أن يجسر العلاقة بين الدراما التلفزيونية والسينمائية، من خلال سلسلة من التجارب، ويمكن استخدام التطبيقات والبرمجيات العصرية بطريقة فعالة، لكن المشكلة تكمن في أن الأمر ليس فقط في استخدام هذه البرمجيات، والقدرات ولكن في وجود رؤية سينمائية، والقصة ذات المغزى الحقيقي، وهدف حقيقي من الانتاج".

وقال أن "هناك هوة سحيقة بين الرؤية الضعيفة الساذجة وغير التربوية أحيانا وبين قابليات الإنتاج، ولكن العرب يستطيعون أن يفعلوا ما يفعله الأتراك على سبيل المثال في الدراما التلفزيونية الطويلة، أو ماتفعله الكثير من البلدان، ولكن لازلنا واقعين في مصيدة التساهل، والبحث عن النجاح العابر الذي يستجدى عواطف الجماهير، ولكن في الوقت نفسه يقدم ماهو غير صحيح".

وأكد الدكتور عبدالعزيز "أننا في لحظة تاريخة، فالسينما العربية تستطيع بشيء من التكامل والتضافر أن تنتج دراما حقيقية عابرة للدراما التي عرفناها تاريخيا، لا تلغي الدراما التلفزيونية أو المسرحية أو السينمائية، ولكنها تستطيع تقديم فن الفنون على قاعدة تضافر العقول والقدرات والذائقة العربية من أقصى المغرب إلى  أقصى المشرق".

وقال أن "هوليوود متخصصة في التنميط، ليس للعرب فقط، ولكن لكل شعوب الأرض، وهي تلعب ولازالت على القدرات التقنية والإثارة والشد الدرامي، ولكن في المقابل تحاول أن تقدم صورة نمطية غير صحيحة، إلا ماندر في بعض الأفلام التاريخية. الرد على هذا الكلام لا يتم بالسجال، ولكن بمعرفة تاريخنا الخاص، وأن نغترف منه، ونعيد تقديمه سينمائيا ودراميا، خاصة واليوم نتوفر على قابليات الإنتاج أكثر من أي وقت مضى، فالآن يوجد الإنترنت، وهناك الشاشة الزرقاء والخضراء التي تعيد إنتاج المنتج بطريقة عجيبة، وأيضا التطبيقات الذكية التي تقدم قيما لونية وصوتية وتعبيرية وتكوينية متعددة ومؤثرة".

 

 


تاريخ الإضافة: 2021-09-05 تعليق: 0 عدد المشاهدات :550
1      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات