هذا الموسيقار العبقري هو مصر الذاكرة، فحين تسمع موسيقاه الرهيفة تتوالى الصور أمام المخيلة، كاشفة عن معنى مصر وتاريخها الحي، تتقافز في القلب أسماء هي التي أهدت إلينا مصر، كطه حسين، ومحمد فوزي، وأحمد لطفي السيد، وحسين بيكار وغيرهم.
وأنت تسمع موسيقى عمر خيرت في أي مكان كنت، ستمشي شئت أم أبيت في سان استيفانو الإسكندرية، تمر أمام نادي السيارات في قلب القاهرة، ترقص مع دراويش الحسين والسيد البدوي، تحضر مسرح الريحاني، وتدخل سينما أوديون، تجالس ظلال اليهود في مقهى استمبيلوس، ولا بأس بالسمر مع المهاجرين الشوام واليونانيين والأرمن وغيرهم، تتحدث مع مكرم عبيد من دون أن تعلم إن كان مسلماً أو قبطياً، ألم أقل لكم إنه مصر الذاكرة.
من أعماله الخالدة موسيقاه الإبداعية لمسلسل الخواجة عبدالقادر، التي شكلت ركناً يشبه الأساس في التوليفة الإبداعية التي صاغها عبدالرحيم كمال، وأخرجها شادي الفخراني، وصورها فيكتور كريدي، وجسدها بحرفية لا نظير لها يحيى الفخراني.
ومن أعماله المهمة أيضاً: قضية العم أحمد، العرافة والعطور السحرية، خلي بالك من عقلك، ليلة القبض على فاطمة. ومن أغانيه الرائجة والمؤثرة: تعرف تتكلم بلدي (يبقى أنت أكيد المصري)، فيها حاجة حلوة.
وجود عمر خيرت هو علامة أمل مصرية، صحيح أنها تعبر عن الماضي أكثر من الحاضر، لكن مثل هذه الومضات لا بد من البناء عليها لمستقبل مشع، فالشمعة قادرة على كسر الظلام.