إذا كانت القاهرة عاصمة مصر، فالزمالك عاصمة القاهرة، هناك مطرب اسمه ميكا أو ميكي غنى «عادي في المعادي.. وكذلك في الزمالك.. والبنات جديدة في مصر الجديدة.. والبنات حلوين في المهندسين»، لم تعجبني الأغنية رغم حيويتها، الزمالك منفردة تستحق أغنية، تستحق رواية وفيلماً ومسرحية وأكثر، لأن الزمالك من عواصم الحياة.
أسامة أنور عكاشة اختار ضاحية قاهرية ليكتب رائعته «ليالي الحلمية»، ثم مسح الإسكندرية شبراً شبراً ليكتبها في عمل تلو عمل، أين هو عن الزمالك وأين نجيب محفوظ؟ لماذا هذا التعالي عن عاصمة القاهرة وربما عاصمة شمال أفريقيا كلها؟ الصديق طارق التلمساني حقق فيلمه «ضحك ولعب وجد وحب» ليؤرخ ذاكرته في مصر الجديدة، أين أبناء الزمالك عنها؟ لست أدري.
كتب وجيه وهبة أخيراً حزيناً بسبب التلوث البصري والسمعي والعضوي الذي شوه الزمالك، وكأنه نسي أن روح الزمالك وجمالها الداخلي فوق أي تشوه، لا طعم لكتاب لم تشتره من الديوان أو الشروق فرع الزمالك، لا يرويك المشروب إلا من «ديل»، أبوالسيد تنتشر فروعه في مصر لكن فرع الزمالك له نكهته الخاصة، حتى عصير القصب من الزمالك له معنى.
تمشي في الزمالك بصحبة التاريخ، تخطو على الأرض التي احتضنت نخب الثقافات، وتستنشق هواء الفنانين، والمبدعين، والفلاسفة، وكلما شوهها الحاضر ظهر التاريخ، وكأن بشاعة الواقع تريد استصدار اعتراف صريح بعظمة الذاكرة.