الطبعة الأولى هي الإصدار الأول الذي تمت طباعته وتوزيعه من كتاب أو صحيفة، وعالميا يتم توضيح الطبعة من خلال مجموعة من الأرقام، من (1 ـ 10) موجودة في صفحة حقوق الطبع والنشر، والرقم الأقل هو الأقدم، وفي العالم العربي يتم ذلك بتحديد الطبعة كتابة مثال "الطبعة الأولى".
وقد يلجأ الناشر إلى إصدار طبعات أخرى من نفس العمل وفقا للحاجة، فيصدر الطبعة الثانية والثالثة والرابعة .. وهكذا ..، ويعتبر نفاد النسخ مبررًا أساسيا لهذه الطبعات. وقد يصدر الناشر "طبعة مزيدة ومنقحة"، وفي حالات قليلة "طبعة محققة".
ولكن في الغرب هناك طبعات أخرى تصدر لدواعى مختلفة، وقد وضعت جمعية بائعي الكتب الأمريكية المستقلة دليلًا للطبعات، وهي : "طبعة منقحة" وتطلق على الكتاب الذي تمت مراجعته أو تحديثه، و"طبعة منقحة ومحدثة" وتطلق على الكتاب الذي خضع لمزيد من البحث حول موضوعه، وأضيفت له معلومات جديدة، و"طبعة مشتركة" تصدر عندما تنشر داران للنشر نفس الإصدار من كتاب في وقت واحد أو شبه متزامن، عادة في بلدان مختلفة.
ومن الطبعات أيضا "طبعة المكتبة" التي تتميز بتجليد قوي لتكون أكثر قدرة عل تحمل التداول المتعدد في المكتبات، و"طبعة نادي الكتاب" يتم فيها إعادة إصدار كتاب مشهور تحت رعاية نادي الكتاب، وتُباع للأعضاء بخصم جيد، وفي النهاية توجد طبعة رخيصة "شعبية" وعادة ما يستخدم فيها ورق منخفض التكلفة، وصفحات أقل لتقليل التكلفة الإجمالية للكتاب. ومن الطبعات المستحدثة "طبعة ملخصة" وفيها يتم تلخيص كتاب معين.
وهذا الاهتمام بالطبعات في الغرب، لا نجده في العالم العربي، فعلاقة الكاتب ـ في الغالب ـ تنتهي بمجرد صدور الطبعة الأولى، روى كاتب كبير أنه كان في أحد الأيام في زيارة لإحدى الجهات، وعندما جلس لمح كتابًا على الطاولة، فتناوله، فلفت نظره غلافه المميز، فتناوله وراح يقرأ فيه، وبعد عدة صفحات توقف، وأدرك أنه هو مؤلف هذا الكتاب.
عدد غير قليل من الكتب الحديثة التي أقرأها روايات وقصص ودراسات، أفاجأ فيها بكم الأخطاء القواعدية والمطبعية، وأحيانا الفنية، وأحزن على هذا العمل الذي صدر للتو بكل هذه الأخطاء، وأقول لنفسي لو أصدر الكاتب طبعة ثانية لعالج كل هذه الأخطاء.
الطبعة الثانية يمكن أن تكون فرصة ذهبية للكاتب لتدارك المثالب، وتكملة النقص ومعالجة العَوَار، ليكون كتابه أقرب إلى الكمال، ويمكن أيضًا أن تكون فرصة لتجويد وتطوير العمل، وتحديثه وفق مستجدات العصر، وإضافة المعلومات والوثائق، خاصة وأن العلوم تتطور كل يوم، كما يمكن مدّ الفترة الزمنية التي يعمل عليها الإصدار لاستيعاب وقائع أحدث، وتقديم مستوى أعلى من الإبداع، وذلك كله في صالح الكتاب.
نحن بحاجة إلى تطوير نظام الطبعات، وتسهيل إصدار الإصدارات التالية، ووضع سجل إرشادي للطبعات ومواصفاتها، وتحديد الوضع القانوني لها، والقواعد التي تساعد المؤلف على تطوير كتابه من طبعة إلى أخرى.
وفي هذا الإطار يمكن استحداث دليل لوني، بحيث يكون لكل طبعة إشارة لونية محددة على الغلاف توضح نوعية الإصدار، لتسهيل معرفة القاريء بنوع الطبعة ومواصفاتها بمجرد النظر.
تطوير نظام الطبعات سيكون له فوائد جمّة، ليس على صعيد تطوير الكتاب المطبوع فحسب، ولكنه أيضًا على طريق مواكبة التطور الهائل في النشر الإلكتروني، وتضييق الفجوة مع الرقمنة التي تتيح تحديث الكتاب لحظة بلحظة.
قدمت التقنية إمكانيات مدهشة فيما يتعلق بالنشر الرقمي، فظهرت الرواية التفاعلية التي يقوم الكاتب بتحديثها تباعًا بالاستفادة من ميزة التحديث update، كما ظهرت الرواية التشاركية التي يشارك القراء في كتابة أحداثها فصلًا فصلًا، وهو ما يعتبر نقلة كبيرة في آليات الكتابة والنشر.
"الكتاب" عمل عظيم يستحق الجهد والعمل والمثابرة، لكي يكون إضافة قيمة للناس، عمل صالح للإنسان ينتفع به بعد الموت . قال النبي صلى الله عليه وسلم "إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". لذلك يجب أن يكون الكتاب مشرعًا للإضافة والتجويد والتطوير حتى آخر لحظة من العمر.
التحديث يجب أن يكون منهجًا أساسيًا في الكتب، ونظام الطبعات يحقق ذلك، .. "الطبعة الثانية" تعالج السلبيات وتضاعف الفائدة، وتجوّد الفكر، وتمنح الإبداع الإنساني مزيدًا من الجدة والتميز والحرية.