الشارقة: صحافة.
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، معرضاً فنياً بعنوان "مرايا صقيلة" لمجموعة من الفنانات هن: فاطمة الزهراء محمد، نرمين هاشم، هيا المغوش، نادية خرطبيل، بحضور الدكتور عمر عبد العزيز رئيس مجلس الإدارة النادي، وعلي المغني نائب رئيس مجلس الإدارة، ورئيس اللجنة الفنية الفنان الخطاط خليفة الشيمي.
في رحلة بصرية متفردة، عرضت كل فنانة تجربتها الفنية المتمايزة، حيث تعددت الاتجاهات الفنية من الانطباعية والتكعيبية إلى التجريد، مع لمسات شرقية، مع بروز تقنيات متنوعة تراوحت بين الرسم بالقهوة والمزج بين الفن والتصميم المعماري، وعكست الأعمال مزيجًا غنيًا من الأحاسيس والرؤى.

تكنيك القهوة
فاطمة الزهراء محمد مهندسة معمارية مصرية، درست في قسم الهندسة المعمارية أساليب الألوان، شاركت في معارض في مؤسسات إماراتية مثل جمعية الاتحاد النسائية، ومكتبة محمد بن راشد، وجامعة عجمان.
بدأت بالرسم الزيتي، حيث فضلت الألوان المائية والاكريليك، وجربت أكثر من تكنيك فني، لتحدد في النهاية هويتها الفنية الخاصة.
تعددت موضوعاتها، وكان المحور الرئيس المرأة، حيث تسعى في لوحاتها إلى تجسيد المرأة الحرة القوية، إضافة إلى رموز تراثية مثل الخيول، والصقور، والأعياد الوطنية.
تميل الفنانة إلى المدرسة التكعيبية ورائدها بيكاسو، لذلك جاءت عدة لوحات من هذه المدرسة، تناولت الخيول والصقور حاولت أن ترسمها برؤية خاصة، ونجحت في تقسيم مجسم الحيوان ليكون تكعيبيًا، وفي إحدى اللوحات قدمت تكنيكا جديدا، ورسمت الخيل بحبات القهوة، ودمجت هذا العنصر التراثي بالألوان الترابية، وهو ما أضاف لها بعدًا خاصًا.

اللون والحركة
المشاركة الثانية في معرض "مرايا صقيلة" كانت نادية خرطبيل، وهي فنانة تشكيلية سورية، شاركت في عدة معارض في الامارات منها بينالي عجمان.
تجمع لوحاتها بين التجريدي والتعبيري والرسم الطبيعي، مزجت فيها اللون بالحركة، باستخدام الفرشاة والسكين والدمج، حتى توصل الإحساس للمشاهد، فظهر لكل لوحة أكثر من تأويل، وبات بوسع كل انسان أن يراها بمنظوره الخاص.
تعددت موضوعاتها وعناوينها لتشمل السعادة في الامارات، وشرارة نور، وتغير الزمن، وبرزخ المشاعر، وخسوفة التركواز.
لا تركز نادية على مدرسة معينة، ولكن تفضل أن تتعلم من كل مدرسة جزءً، حتى تظهر شخصيتها الخاصة، وهي تستعد للاشتراك في معرض في مكتبة محمد بن راشد، يقدم فيه المشاركون لوحات بأسلوب الفنان الفرنسي كلود مونيه.

الفن والمعمار
أما نرمين هاشم فهي مهندسة معمارية مصرية، درست في قسم العمارة في كلية الفنون الجميلة في القاهرة، تنوعت أعمالها ما بين التأثيرية والتكعيبية، واستفادت من دراستها بالمزج بين الفن التصميم المعماري.
انبهرت بعالم الألوان، فاستخدمت ألوانًا متعددة مثل الإكريلك والزيتي والبانتون، لذلك تعتبر أن حياتها كلها كانت رفقة الألوان.
شاركت في عدد من المعارض في جمعية الاتحاد النسائية في الشارقة، وعملت في مركز التوحد في مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، ومن خلال هذا العمل استحدثت فعاليات مثل المعرض الفني الرقمي، والمعرض الفني المضيء، ومعرض الكارتون.
خصصت الفنانة جزءا من لوحاتها للزخارف وآخر للخط العربي، وحرصت في لوحاتها على أن تجسد التنوع بين الثقافات المختلفة مثل المصرية والإفريقية والفن الأوروبي والفن الشرقي.

التجريد والانطباعية
المشاركة الرابعة هيا المغوش فنانة سورية، درست في قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة في سوريا، دخلت عالم الفن في 2013، ومزجت بين الموهبة والدراسة، شاركت في عدة معارض في سورية، وفعاليات إماراتية مثل البينالي الثاني للفنون في جامعة عجمان ومعرض بالجامعة القاسمية.
تنتمي لوحاتها للمدرسة التعبيرية، وهي مزيج بين التجريد والانطباعية، حيث تناولت الموروث الثقافي وقضايا الانسان، وتسعى إلى أن تعبر عن العاطفة الداخلية للمرأة.
تمزج الفنانة بين الأساليب والمدارس المختلفة مثل الواقعية، وتشتغل بالألوان الزيتية، وتعتمد في الخامات على الملمس البارز والضربات القوية.
تحب رسم البورتريه، لأنه قريب من تخصصها الأساسي التصوير، وهي تستعد لدخول تجارب فنية جديدة، مثل تحويل القصائد إلى لوحات.

التحليل الفني
أوضح الدكتور عمر عبد العزيز، في تحليله الفني للمعرض أن هذا الرباعي الفني يزخر بالعديد من العناصر المتنوعة. مشيرًا إلى أن هناك تأثرًا أساسيًا بـالمدرسة الانطباعية التي نشأت في فرنسا في القرن التاسع عشر، وحاولت إحداث تحول نوعي من التصوير الفوتوغرافي إلى التعبير الفني المباشر.
وأضاف أن الحضور الانطباعي يتجلى أيضًا في إطار مدارس أخرى، سواء كانت المدرسة الوحشية أو التكعيبية، التي تعنى بتفكيك البنية الهيكلية للصورة إلى عناصرها الأولية. كما تبرز في المعرض أعمال تجريدية تقوم على قاعدة المرئيات غير المباشرة، حيث يتجلى فيها العمق الإحساسي.
ولفت الدكتور عبدالعزيز الانتباه إلى أن بعض موضوعات البورتريه تنتمي إلى الرومانسية التي عرفت في العالم العربي، خاصة في أعمال جبران خليل جبران البصرية. وهي أعمال تضمنت عناصر من الكلاسيكية الجميلة التي تنطلق من القواعد التشريحية والجمالية والتداولية البصرية واللونية الواضحة.
واختتم تحليله بأن هذه المدارس الفنية الغربية ظهرت مخلوطة وممتزجة بعناصر مشرقية أصيلة مثل الزخرفة والنمنمة والإطلالات الرقشية. وعليه، فإن المعرض يمثل منظومة كبيرة من التراسلات بين الرؤى الفنية للفنانات الأربع وبين المدارس الأوروبية، الممزوجة بـالبهاء اللوني المشرقي والتباينات اللونية الحادة والعناصر الزخرفية.
عقب افتتاح المعرض، نظمت ندوة نقاشية شاركت فيها الفنانات، حيث استعرضت كل فنانة تجربتها الخاصة، وفي الختام كرّم النادي الثقافي العربي المشاركات.