تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



إبريق رابع.. سباحة مُغايرة في بحر الكتب


بقلم: لعزيزة بنت البرناوي

لا أعرف لماذا  تذكرت خطواتي الأولى نحو  القراءة لما وصلتني نسخة موقعة من كتاب (إبريق رابع) لمؤلفه أخي العزيز الكاتب والإعلامي محمد بابا حامد، ربما أيقظ هذا الكتاب بداخلي شغف المطالعة و شغل شريط الذكريات البعيدة، فرغم عذوبة المحاولة: كل محاولة، لا يمكن أن تخلو من بعض المرارة في بدايتها، و قد عانيت حقا في بدايتي مع القراءة من صعوبات كثيرة منها ما كان على مستوى الفهم و الإدراك، و لكن أكبرها كان كثافة المادة في مقابل ضيق الوقت المخصص للترفيه، والذي كنت أقضيه بالكامل في قراءات من اختياري، الأمر الذي دفعني مرات عديدة للتساؤل: لماذا لم يبادر أحد بافتتاح مكتبة تبيع ملخصات الكتب ؟ حتى يتسنى لي الحصول على إجابات أكثر خلال أيام عطلتي!!

 

 


كنت أطرح تلك الأسئلة، في سنواتي الأولى من إدمان القراءة، ولم يكن إدماني لها في الحقيقة اختيارا ترفيا، إنما جاء تلبية لحاجة ملحة، حيث وجدت نفسي  وسط إعصار شديد من الفضول، تتقاذفني أمواج عاتية من التساؤل ..التساؤل ..التساؤل، و كان العمر حينها في بدايته، ومجتمعنا بطبيعته يمتنع في الغالب عن إجابة الطفل طبق السؤال، وبسبب ذلك كنتُ أجد في المكتبة شخصي المفقود، الذي يجيبني دون النظر إلى عمري، و دون مصادرة حقي في استقبال المعلومة قبل مرورها ميزان التقدير.

ومن تلك النقطة بدأت علاقتي بالقراءة تتوطد يوما بعد يوم، و تتجذر صفحة تلو الأخرى، حتى تحولت العادة إلى مستوى آخر من الاحتياج، فرغم لمعان أقنعة الهرب و رنين خلاخل الإنكار الراقصة على جراح الزمن، ظلت كوابيس الإدراك تهاجمني من فترة لأخرى لتصلب وعيي الواعي في تخوم اللاوعي العميق، فكنت في  لحظات المواجهة تلك، أهرب إلى قلعة الحروف: فإما تبحر بي  القراءة خارج نطاق الزمان، أو تحتضنني  الكتابة داخل جفن الأمان.

ففي أعماق كل  روح توجد ذاكرة عريضة مخصصة لخرائط التجارب، حقول فسيحة تتوزع في كبدها نسخ متعددة منا، منها ما عشناه حقا في واقعنا، ومنها ما تخيلناه تحت إكراهات الشعور، خلال أفراحنا أو أتراحنا، وفي بعضها عشنا التجارب تحت أنقاض الروايات، و من خلف ثغور الكلمات: بين دفات الكتب، و في مجرى نهر الحبر.. تحت شمس الحقيقة أو في عتمة الخيال، لا فرق بين ذاكرة وأخرى سوى كم و نوع التعبئة، فذاكرة  القارئ النهم مزدحمة بكم هائل من التجارب، و الصور، والكلمات، و الخلاصات، والوجوه، المنسكبة من لحظات مختلفة الأبعاد: تاريخية خالدة،  أو ميثولوجية سابحة بين كوكب الواقع و فضاء السراب.

بينما تعاني ذاكرة المكتفي بتخزين أحداث يومه، وروتين عمره، و ملل استخلاصه الذاتي للتجارب، من صخب صدى الفراغ، و تجهم أكتاف المجهول، و مجهرية مصابيح النور الداخلي، و كما تعلم يا عزيزي محمد بابا، يحتاج موقد الروح بالإضافة لتراكم المعرفة إلى قوة شحنات الوعي و اتقاد شرارات البصيرة، و إلا فلن تكون للقراءة فائدة، بل قد تزيد من كثافة البلاهة و تلبد البلادة.

من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب حيث يعتبر تشجيعه الفرد على تغذية مداركه الفكرية، وتمرين قدراته الاستيعابية من خلال فتح نافذة له على خلاصات عشرات الكتب من مختلف العصور و المجتمعات وفي شتى المجالات، وبطريقة بسيطة و مبتكرة، تمكنه من قراءات متعددة ومتنوعة في كتاب واحد، جهدا عظيما، و خدمة جليلة للإنسان، لكن ما ميز هذا الكتاب، و زاد من متعة مطالعته بالنسبة لي، كان في الأساس ذوق و شاعرية مؤلفه، وتوفيقه في اختيار الاقتباسات و إعادة تشكيل هيكلة النصوص و الكتب التي تناولها، بالإضافة إلى تنسيقه لباقة تنوع المواضيع و حتى تلاعبه أحيانا بعناصر التشويق خلال فقرات تقديمه و فواصل تعليقه و تشييده جسور ربط بين المواضيع، هي في الواقع غير مكتوبة إنما استطاع المؤلف ببصمته الخاصة دفع القارئ لإيجادها في ذهنه لا إراديا.

تاريخ الإضافة: 2025-09-28 تعليق: 0 عدد المشاهدات :646
1      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات