الثقافة كلمة شاملة تنضوى تحتها العديد من العلوم والمعارف ، وهي باب ضخم يؤدي إلى أبواب كثيرة متشعبة، تتفاوت مستوياتها الثقافية، فهناك الثقافة العامة التي يمكن للكثيرين التعاطي معها، وهناك ثقافة أكاديمية تحتاج إلى الاختصاصي أو الأكاديمي الدارس، وهناك على الطرف الآخر البعيد ثقافة متخصصة، بل موغلة في التخصص تحتاج إلى الباحث والعالم.
ولكننا عندما نتحدث عن الثقافة لا نراعي هذا الفروق الجوهرية والاختلافات الواضحة، ونتداول كلمة "الثقافة" ككلمة سهلة، دون تحديد ماهية هذه الثقافة وحدودها، يحدث ذلك رغم تفاوت المستوى المعرفي لمستهلك هذه الثقافة ، حيث يوجد مستويات مختلفة كالأمي ونصف المتعلم والمتعلم والمثقف والدارس والباحث والعالم.
هذا الوضع أنتج لنا حالة من التخبط وعزوف عن التعاطي الثقافي، وتسببت في دخول الكثيرين مجالات ثقافية مخالفة لاحتياجاتهم الثقافية، وأعلى من مستواهم الثقافي، تماما كالأمي الذي يقرأ مسرحية لشكسبير، أو نصف المتعلم الذي اختار أن يقرأ في نظريات الكون.
النتيجة لاشك كانت ضياع الكثير من الوقت في قراءة علوم وكتب ومراجع، دون وجود استيعاب حقيقي، كذلك قراءة علوم لا يحتاج إليها المرء ولا تمس همومه وواقعه اليومي.
من هنا تبرز أهمية تبسيط الثقافة، وذلك بالعمل أولا على تصنيفها وفقا للميول والاتجاهات والمراحل العمرية، وتحديد الاحتياجات الثقافية اليومية والسنوية للإنسان، ثم تبسيط الثقافة بتقديم نوع من الثقافة المبسطة التي يمكن أن يتعاطى معها أكبر عدد من الفئات.
على سبيل المثال ماذا يفيد أن يعرف القاري نظرية "حتى" و"أكلوني البراغيث" والصراع بين المدارس النحوية. تبسيط الثقافة يعنى ببساطة تقديم ثقافة تناسب إمكانيات المتلقي وتتفق مع ميوله وصالحة للاستفادة والتطبيق في الواقع اليومي المعاش.