الأزمة الغذائية الحالية والتي ظهرت بوادرها في كثير من دول العالم ، تستدعي منا خطوات سريعة للحد من آثارها، ومن أهم الخطوات التي يجب أن تتم عودة البيت المنتج، وهو البيت الذي لا يكتفي بالاستهلاك فقط، وإنما ينتج بعضا مما يستهلكه.
هذا البيت يشبه نموذج البيت الريفي، الذي كان ينتج السمن والحليب والقشدة والخبز والجبن القريش والفطير المشلتت، ويأكل الفلاح من زرع يد ه الأرز والغلال والبطاطس والخضروات، ليس ذلك فقط، ولكن كان هذا البيت يصدر منتجاته إلى المدينة من خلال بائعات يفترشن الأسواق لبيع منتجاتهن التي كانت تحظى على الثقة، وكان الناس يطلقون عليها "منتجات بلدية".
كانت الأسر الفقيرة والمتوسطة تعتمد في حياتها على الإنتاج، وكانت أكثر الأنشطة التجارية شيوعا تربية الثروة اللاحمة كالدواجن والبط والأوز والديوك الرومية، وكانت أسهل مهمة تقوم بها ربة البيت أن تشتري بعض الكتاكيت، وتطلقهم على سطح المنزل أو في الشارع، لتتكون لديها عناصر تجارة مضمونة ورابحة، وكانت إذا ماتت لربة البيت بطة أو أوزة، تبكي كمن فقدت عزيزا.
كانت السيدات يعددن منزليا العديد من الأغذية والأطعمة ومنها الفول المدمس، الذي كان يعد في أنية خاصة تسمى "الدمّاسة"، وكانت السيدات يفصلن للأولاد والبنات بأنفسهن الملابس و"بروفرات" الشتاء، وكانت ماكينة الخياطة وإبر التريكو عنصران لا يغيبان عن معظم الأسر.
أما اليوم أصبح البيت الريفي نفسه مستهلكا شرها لأنواع شتى من المنتجات التي تعلن عنها الفضائيات على مدار الساعة، وغاب مفهوم البيت المنتج، ورفع الجميع راية الاستسلام وسلموا رؤوسهم للمقصلة.
عودة البيت المنتج خطوة مهمة للحد من الأزمة الغذائية الحالية، والقضاء على غلاء الأسعار ، وتوفير الأمن الغذائي.