يتحدث الكثيرون عن المعاقين، ويدعون إلى دعمهم وتأهيلهم ليكونوا قوة مفيدة للمجتمع، وتبذل الكثير من الجهات الجهد وتضع الميزانيات لدعم هذه الفئة، وتطرح الندوات قائمة طويلة من المطالب التي يحتاجها المعاقون، ومنها تأهيل الطرق والأماكن العامة والمؤسسات والشركات لتتناسب مع المعاقين.
ولكن الأمر الذي لا يحظى بالاهتمام بحق هو تأهيل المجتمع نفسه للتعامل مع المعاق، ففي معظم الأحيان يقابل المعاق باللامبالاة، وكأنه غير موجود أو نافع، وإن استرعى انتباهنا فلن نمنحه إلا نظرة إشفاق بخيلة موجعة تجرحه وتؤذيه.
المعاق جزء من المجتمع، ولكن في كثير من الأحيان يظل منزويا في ركن مظلم بعيدا عن المجتمع، الكثير من الأسر تخجل من المعاق فتحبسه داخل المنزل، المشكلة تكمن في النظرة الاجتماعية الخاطئة التي تعتبر المعاق نقيصة تدعو للخجل والإحراج، وغاب المعاق عن "الصورة" واختفى من الكثير من مظاهر الحياة. على سبيل المثال المعاق غائب عن البرامج الفضائية والإذاعية والسينما والمسرح والمسابقات الترفيهية ونشاطات العمل العام، وهو أيضا غائب عن المناصب الإدارية والقيادية والوزارية.
احساس المعاق لا يمكن ان يخيله أحد ، ولا يمكن مهما أوتى المرء من رفاهة الحس أن يشعر به، وقد كانت لإحدى جمعيات رعاية المعاقين بالرياض تجربة فريدة لإشعار الناس بإحساس المعاق ومعاناته ، حيث أطلقت حملة توعوية لرعاية المعاقين بعنوان "جرب الكرسي" وفيها يشارك الناس بالجلوس على كرسي الإعاقة وتجربته ، لكي يشعروا ببعض ما يشعر به المعاق، والجميل أن شارك في هذه الحملة عدد كبير من الناس والشخصيات من جميع الفئات، وكان منهم مسؤولون وأمراء مناطق ووزراء.
المطلوب عملية دمج حقيقية للمعاق بمنحه الفرصة في كافة مناشط الحياة، وأن تتحول النظرة التقليدية التي تخجل من المعاق إلى نظرة تفخر به، خاصة عندما ينجح فيما فشل فيه الأصحاء، ولنا في أوليمبياد بكين 2008 عبرة، عندما عاد فريق مصر للمعاقين بالذهب، وعاد الأصحاء بالصفيح.