كشفت الأزمة المالية العالمية المستعرة حاليا عن عنصر بالغ التأثير في المجتمعات وهو "الخوف"، فعندما حدثت أزمة الرهن العقاري في أمريكا وما أتبعها من أزمات أصيب الكثيرون في كثير من الدول بالخوف على أموالهم، وتسابقوا لبيع أسهمهم في البورصة، فأصيب مؤشرها بالإغماء، وتسابق آخرون لسحب مدخراتهم من البنوك ، خوفا عليها من الضياع، فأصيبت البنوك بالجفاف.
إنها غريزة الخوف التي تصيب الناس دائما عندما يتمكن منهم الخوف على النفس والمال والولد، والمشكلة تتفاقم وتصبح أكثر خطرا عندما يتحول "الخوف" من حالة فردية إلى حالة عامة، وتنتقل ـ كما ينتقل النار في الهشيم ـ من الفرد إلى الجماعة ثم إلى عموم الناس.
لذلك سارعت الدول المتضررة من الأزمة إلى إزالة هذا الخوف بالإعلان عن ضمان مدخرات المودعين بنسب معينة، لإعادة "الثقة" إلى الأسواق.
"الثقة عنصر مهم في التعاملات الاجتماعية والاقتصادية، ففي الماضي كانت المعاملات بين التجار تتم بالثقة بدون عقود أو أوراق، وكان أصحاب المتاجر يتركون محلاتهم مفتوحة خلال ذهابهم لأداء الصلاة دون خوف من اللصوص، كانوا يتعاملون فقط بالثقة والنية الطيبة، فلم تحدث أزمات مالية أو انهيارات. ولكن في العصر الحالي زاد الخوف وقلة الثقة.
الخوف وحش خفي، يضربنا كل يوم وكل ثانية، وهو سيف ذو حدين. من الممكن أن يكون محفزا للحذر والعمل والنجاح، ومن الممكن أن يصيبك بارتفاع ضغط الدم، والإنسان الذكي هو الذي يروض هذا الخوف ويضعه في حجمه الطبيعي بترجيح العقل.