الكتابة غريزة إنسانية كالكلام والجوع والألم، الكتابة بوح وتوثيق وذاكرة، إذا اختفت من حياتنا سندخل في عداد المجانين، لذلك من المهم أن نكتب، لا يهم ماذا نكتب، مقالا ، خواطر عاطفية، مذكرات شخصية، ميزانية المنزل، رسوما لا معنى لها، "شخبطة" على الأوراق.
ولكن في عصر التقنية، انصرف الناس عن الكتابة، وحلت محلها الكتابة الألكترونية، وأصبح الناس يتحاورون بـ "التشات" ، وتراجع استخدام الورقة والقلم بصورة كبيرة.
أتصور بعد سنوات، ومع الانتشار الرهيب للتقنية، ستختفي الأقلام وتنهار صناعة الورق، وتغدو الصحف اختراع بدائي منقرض، ويوضع "القلم" في المتحف مثل ورق البردي وأقلام البوص التي كانت تستخدم قديما في الكتابة، ويشار إليه على اللوح الزجاجي كوسيلة بدائية تقليدية للكتابة كان الأجداد يستخدمونها في القرن العشرين.
بعد سنوات سيختفى الخط العربي، ويصبح الخطاط من المهن الشعبية اليدوية المنقرضة مثل صناعة الفخار ومنتجات الخوص . ينظر إليه السياح بانبهار كمنتجات "الهاند ميد".
الكتابة باليد ستنقرض، وسيحل محلها استخدام " الكيبورد" والتواقيع الألكترونية، وتختفى المشاعر التي كانت تختزنها الأقلام والأحبار، وتختفي الخطوط النابضة بالحنين ، وتنمحي مظاهر كاملة من حياتنا مثل البوسطجي والمظاريف والأختام والهيئات البريدية .
صنعة الكتابة في خطر، ستنقرض بعد سنوات قليلة، لتأخذ مكانها في متحف التاريخ، ويصبح الإنسان آلة تتحركها المجسات الألكترونية والأقمار الصناعية، ويغدو العالم أكثر قسوة ووحشة.
يجب أن نطلق دعوة عالمية للكتابة، يشارك بها كافة الفئات، الأطفال والشباب وكبار السن ، الأمهات والخادمات، العمات والخالات، الرعاة والباعة الجائلون، حتى من لا يجيد القراءة والكتابة. حملة لإنقاذ الكتابة، من طوفان التقنية الذي يجتاح في طريقه كل شيء.