في زمان قريب كانت الكتاتيب الوسيلة الوحيدة للتعليم في بلادنا العربية، ورغم تواضع الإمكانات بها، والتي لم تزد عن لوح خشبي وحصيرة يجلس عليها أطفال القرية، و"فلكة" يعاقب بها المذنبون، قدمت الكتاتيب علماء وأدباء ومفكرين، وكانت مراكز إشعاع تعليمية وفكرية.
وما بين زمن الكتاتيب والعصر الحالي فرق شاسع، فقد ظهرت المدارس والمعاهد والجامعات، والمجمعات التعليمية، ومع الانفتاح وسطوة رأس المال ظهرت أنماط مختلفة من التعليم موازية للتعليم الحكومي المجاني، كالتعليم الخاص، والتعليم عن بعد، والتعليم على مزاجك، والتعليم مع توصيل الطلبات، والتعليم السياحي على غرار الزواج السياحي.
وبعد أن كان التعليم في الماضي يتم بالمقايضة، حيث كان الأهالي يقدمون للمعلم الذي كان يعرف بـ "سيدنا" كمية من الغلال أو البيض أو الخبز مقابل تعليم أبنائهم، أصبح التعليم اليوم يحتاج إلى آلاف الدولارات بعد ظهور المدارس والجامعات الخاصة من فئة النجوم الخمس.
يجب أن نعترف أن هناك فجوة كبيرة في التعليم الآن، فهناك أطفال لا يتعلمون، وآخرون يدفع لهم آباؤهم الآلاف من أجل تعليمهم، والأخطر تراجع مخرجات التعليم وقيمته يوما بعد يوم.
نحن بحاجة إلى تجديد صيحة طه حسين الشهيرة "التعليم كالماء والهواء" التي أطلقها مطالبا بمجانية التعليم، وتشديد الرقابة على "بزنس التعليم" الذي حول التعليم من رسالة سامية إلى تجارة.