"أنا حر" تعبير ارتجالي عفوى يكثر على ألسنة الأبناء، إجابة دفاعية جاهزة للرد على نقد الآباء ولوم الأمهات المتكرر، هجرة داخلية ولجوء عاطفي في وقت أحس به المراهق بغربة الوطن "الأب والأم "، تعبير مجازي يجسد الهوة العميقة بين جيل الأمس وجيل اليوم.
"أنا حر" ، بذلك المنطق يتعامل الكثير من المراهقين مع المجتمع، وهو المنطق الذي يقول أن المجتمع في جبهة، والمراهق في جبهة أخرى، حيث يعتقد المراهق أن المجتمع بعناصره : الأب والأم والأقارب والمدرسين والجيران والتقاليد يريدون أن يسلبوه أهم ما يملكه وهو حريته، فتنعكس ردة فعله فيقول "أنا حر"، وكأنه يتشبث بقارب النجاة الأخير، والمشكلة ليست في الحرية، ولكن في معنى هذه الحرية وحدودها.
يجب أن لا يتعامل الآباء مع سلوكيات الأبناء بمبدأ القوالب الجاهزة، بنظرية السجان والسجين، وتوم وجيري، وفرض ما فرض علينا عليهم، فالجيل مختلف والزمان مختلف، يجب أن نرفع عنهم الوصاية، ونتوقف عن المراقبة المنزلية ليل نهار، ونمنحهم مساحة كافية من الضوء والتجريب والتعرف على الصح والخطأ.
يجب أن نمنح أبناءنا بأنفسنا الحرية، ونوضح لهم بالنصح والتوجيه حدودها وتبعاتها، بدلا من أن ينتزعوا هم هذه الحرية، ويتصدون لتفسيرها وتأويلها، فتتحول الحرية من محفز للنجاح إلى محفز للفشل.