نفتقد في حياتنا الاجتماعية وجود ثقافة أو منهج أو علم عن "حل المشكلة"، والنتيجة حالة الفزع والارتباك التي تنتاب الكثيرين عند ظهور مشكلة ما، وتراكم المشكلات يوما بعد يوم حتى تصبح "كومة"، ونصبح حينها كالتلميذ الخائب الذي لا يحل واجباته المدرسية فتتراكم، وبالتالي يصعب حلها.
السبب لا يكمن فينا، ولكن يكمن في ثقافة اجتماعية تعتمد على البلاغة والإطناب والبيان وتفتقد التخطيط وتوقع الخطر، وقد انعكس ذلك على الكثير من سلوكياتنا، فأصبحنا نتحرك ببطء، نهدر أوقاتا كثيرة في الدراسات والاستشارات والبحوث والتفاصيل، وكل منها يتوالد ويتحول بسرعة إلى جمهرة من المشكلات. أما الحل فيأتي في اللحظة الأخيرة كالبطل في الفيلم الأمريكي الذي ينقذ العالم في آخر لحظة. وهذا بالضبط ما يطلق عليه "الروتين" أحد أسباب تأخر الأمة العربية عن النهضة الصناعية العالمية.
النجاح لا يكمن فقط في الأداء الجيد، ولكن في القدرة على حل المشكلات، والربّان الجيد ليس فقط من يقود السفينة في الربيع، ولكنه القادر على قيادتها بين العواصف والأمواج المتلاطمة.
نريد لغة اجتماعية يومية متوثبة تواكب إيقاع الحياة السريع، تضع الاحتمالات وتتوقع المشكلات، تحدد المشكلة في دقيقة، وتبدأ في حلها الدقيقة التالية، وأجيال مدربة على مواجهة نزع لغم المشكلة قبل الانفجار.
نحتاج إلى تغييرات واسعة في نمط التفكير والأداء، وتدريب الأجيال على علم جديد ومهم هو "علم حل المشكلة"، يجب أن نتخلى عن إيقاع البطة التي تتمايل يمنة ويسرة، ونعمل بسرعة البرق.