عرف المجتمع البدوي بميزة لا تعرفها المجتمعات الأخرى، وهي وجود "شيخ القبيلة"، وهو شخصية اعتبارية في كثير من الأحيان، يدير شؤون القبيلة، ويحتكم إليه الأفراد في النزاعات، هذا قبل نشوء المجتمع المدني بما تضمن لاحقا من هيئات ومؤسسات شرطية وقضائية، وهو نفس الدور الذي كان يلعبه "العمدة" أو "شيخ الحارة" أو "كبير العائلة". في الخمسينيات.
إذا حدث خلاف أو نزاع يحتكم المختلفين لـ "جلسة عرب" ، وهي جلسة شعبية غير رسمية، ولكن لها قوة القانون، وفيها يدعو كبير العائلة الذي كانوا يطلقون عليه "الكبير" المتنازعين، ويبحث المشكلة، ويصدر فيها حكما يسرى على الجميع.
هذه الصورة الاجتماعية الفريدة كانت نموذجا للحكم الاجتماعي. حيث يقوم كل مجتمع بحكم أفراده بأعراف ومعتقدات قد تختلف في تفاصيلها، ولكنها تتحد في الأهداف العامة وهي إقرار العدل وعقاب المجرم وتأسيس مجتمع آمن ومستقر.
ولكن مع طغيان المدنية الحديثة، وبعد أن انفصمت عرى الوشائج الاجتماعية داخل المجتمع الواحد. تراجع دور كبير العائلة، وأصبح فلكلورا وتاريخا ومادة مشوقة للدراما التلفزيونية. من جهة أخرى ازداد حجم القضايا التي تتابعها الأجهزة الشرطية والقضائية، وتراكمت الملفات وتأخر البت في القضايا.
لماذا لا نعيد مفهوم "كبير العائلة"، ونروج له بأساليب عصرية ليكون في كل أسرة "كبير عائلة" تتوفر فيه الحكمة ورجاحة العقل والمرجعية الأسرية. يرجع إليه الجميع في الخلافات الزوجية أو حالات جنوح المراهقين والنزاعات الأسرية حول الزواج والطلاق والعنف الأسري وعضل الفتيات والميراث وغيرها من المشكلات التي تحدث في كل بيت.
هذا المفهوم سيساعد كثيرا على استقرار الأسر . كما سيعمل على تخفيف الضغط على المحاكم التي تزدحم أروقتها بقضايا بسيطة وأحيانا تافهة تعيق عمل القضاء، وتزيد الشرخ في العلاقات الإنسانية.