القاهرة: الأمير كمال فرج.
شهد تعديل الجينات قفزات هائلة في السنوات الأخيرة، حيث ساهم في علاج اضطرابات الدم الوراثية مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا، التي كانت تتطلب سابقًا عمليات نقل دم مستمرة. ومع ذلك، لا يزال العلماء يخشون من أن يؤدي أي تعديل غير دقيق إلى نتائج غير مرغوبة.
ولكن، يبدو أن هناك حلًا محتملًا. فريق بحثي بقيادة جامعة زيورخ يؤكد أن الذكاء الاصطناعي قد يكون هو المفتاح لتحقيق دقة أكبر.
أداة الذكاء الاصطناعي Pythia
نشرت مجلة Nature دراسة جديدة تشرح كيف قام الباحثون بدمج الذكاء الاصطناعي مع تقنية تعديل الجينات المعروفة بـ CRISPR-Cas، بهدف جعل التعديل أكثر دقة. هذا التقدم قد يفتح الباب أمام علاجات جينية أفضل للمرضى، مع تقليل الآثار الجانبية.
لتحقيق ذلك، طور الفريق أداة جديدة للذكاء الاصطناعي أطلقوا عليها اسم Pythia، تيمنًا بـ "عرافة" معبد أبولو القديمة. يمكن لهذه الأداة التنبؤ بكيفية قيام الخلايا بإصلاح جزء من الحمض النووي بعد تعديل الجينات.
ويوضح توماس نيرت، الباحث الرئيسي في الدراسة من جامعة زيورخ، أن "إصلاح الحمض النووي يتبع أنماطًا محددة، فهو ليس عشوائيًا. لقد تمكنا من وضع نموذج واسع النطاق يوضح أن عملية الإصلاح هذه تتبع قواعد ثابتة يمكن للذكاء الاصطناعي تعلمها والتنبؤ بها".
تجارب ناجحة على الفئران
لاختبار فاعلية Pythia، قام العلماء بتطوير ما أسموه "قوالب لإصلاح الحمض النووي" بناءً على تنبؤات الأداة.
ويشرح نيرت: "لقد طور فريقنا قوالب صغيرة لإصلاح الحمض النووي تعمل مثل الغراء الجزيئي، حيث توجه الخلية لإجراء تغييرات جينية دقيقة".
وقد نجحت هذه القوالب في إجراء إصلاحات دقيقة على مزارع الخلايا البشرية، ثم على فئران التجارب والضفادع الصغيرة، التي تُستخدم عادة في الأبحاث العلمية. لاحظ العلماء أن التعديلات لم تؤثر سلبًا على عملية انقسام الخلايا أو وظائفها اللاحقة.
آفاق مستقبلية واسعة
يمكن أن تتيح تجارب Pythia للعلماء إدخال تغييرات دقيقة أو إدراج سلاسل من الشيفرة الجينية في مواقعها الصحيحة، كما أنها تمنحهم القدرة على العمل مع الخلايا التي لا تنقسم أو تتكاثر، مثل خلايا الدماغ الناضجة.
بالإضافة إلى التعديل الجيني الأكثر دقة، يمكن أن تسمح Pythia للباحثين أيضًا بتمييز الجينات المسؤولة عن إنتاج بروتينات معينة باستخدام ملصقات فلورية تتوهج عند فحصها بالمجهر.
يقول نيرت: "هذا يتيح لنا مراقبة مباشرة لما تفعله البروتينات الفردية في الأنسجة السليمة والمريضة".
يأمل العلماء أن يتمكن باحثون آخرون من الاستفادة من نموذج الذكاء الاصطناعي الذي ابتكروه، مما قد يلهم المزيد من العلاجات للأمراض المستعصية التي تسببها الجينات المعيبة.