القاهرة: الأمير كمال فرج.
هل تساءلت يومًا لماذا يميل الأزواج إلى أن يكونوا متشابهين في العديد من الجوانب؟، كشف تقرير علمي حديث، نُشر في مجلة Nature Human Behavior، عن أن هذا التشابه ليس مجرد مصادفة، بل هو ظاهرة واسعة النطاق تتجاوز الثقافات والأجيال. تُعرف هذه الظاهرة علميًا باسم الاقتران الانتقائي assortative mating، وتشير إلى ميل الأفراد إلى اختيار شركاء يتشاركون معهم سمات معينة.
تشابه ليس فقط في المظهر، بل في المشاعر أيضًا
لطالما لاحظنا أن الأزواج قد يتشابهون في الملامح الجسدية، لكن هذه الدراسة الضخمة التي شملت ما يقرب من 15 مليون شخص في الدنمارك وتايوان والولايات المتحدة، ذهبت أبعد من ذلك. وجد الباحثون أن الأزواج غالبًا ما يتقاسمون نفس التشخيصات المتعلقة بالصحة النفسية. هذا النمط ظل ثابتًا لأكثر من نصف قرن، وظهر بشكل خاص في اضطرابات مثل الاكتئاب، القلق، اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، واضطراب تعاطي المخدرات.
الانجذاب بالمعاناة المشتركة: نظرية الفهم والتعاطف
لم تبحث الدراسة في أسباب هذا التشابه، لكن مؤلفها الرئيسي، عالم الوراثة تشون تشيه فان، قدم عدة نظريات مقنعة. أهم هذه النظريات هي أن الأشخاص الذين يمرون بمعاناة نفسية متشابهة قد ينجذبون لبعضهم البعض لأنهم يجدون في الشريك فهمًا عميقًا وتعاطفًا لا يجدهما في شخص لم يمر بنفس التجربة. هذا الشعور المشترك بالمعاناة يولد رابطًا عاطفيًا قويًا ويجعل العلاقة أكثر أمانًا وراحة.
وصمة العار والبيئة كعاملين محفزين
أشار فان أيضًا إلى أن العوامل البيئية تلعب دورًا محوريًا. فالأشخاص الذين ينتمون إلى بيئات متشابهة أو لديهم خلفيات عائلية متقاربة غالبًا ما يطورون سمات شخصية متشابهة. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي وصمة العار المرتبطة بالأمراض النفسية إلى شعور الأفراد بأن خياراتهم في اختيار الشريك محدودة، مما يدفعهم للبحث عن أشخاص يشاركونهم نفس الظروف، وهذا بدوره يعزز من ظاهرة الاقتران الانتقائي.
في النهاية، تُظهر هذه الدراسة أن الانجذاب بين الشريكين ليس مسألة صدفة، بل هو نتيجة لعوامل نفسية واجتماعية وبيئية عميقة. فمن الرائع أن ندرك أن الشريك قد يكون في الواقع مرآة تعكس تجاربنا ومشاعرنا.