القاهرة: الأمير كمال فرج.
يأخذ الاحتيال الإلكتروني أشكالاً غريبة ومبتكرة تتجاوز حدود العقل، حيث يستغل المحتالون المشاعر الإنسانية مثل الحب والتعاطف لجني الأموال بطرق غير متوقعة. هذه الحيل، التي قد تبدو سخيفة للوهلة الأولى، تستهدف بشكل خاص الفئات الأكثر عرضة للتأثر، مثل كبار السن، وتُظهر مدى قدرة المجرمين على استغلال التكنولوجيا لابتكار قصص لا يمكن تصديقها.
أفادت وكالة الأنباء الفرنسية أن امرأة يابانية مسنة أرسلت آلاف الدولارات إلى محتال زعم أنه رائد فضاء عالق في الفضاء ومعرض لخطر الاختناق. بعد أن أوهم السيدة، بالحب، وأنهما في علاقة عاطفية.
ووفقًا لما ذكرته الشرطة، التقت هذه المرأة البالغة من العمر 80 عامًا، والتي تعيش في سابورو عاصمة جزيرة هوكايدو الشمالية في اليابان، بالمحتال على وسائل التواصل الاجتماعي في شهر يوليو، وصنفت الشرطة الحادثة بأنها عملية احتيال عاطفية.
لم يكتف المحتال بالادعاء بأنه رائد فضاء، بل أخبرها بسرعة أنه "موجود حاليًا في الفضاء على متن سفينة فضائية"، وأنه في حالة طارئة "يتعرض لهجوم وبحاجة إلى الأوكسجين". ولم يكن أمامه خيار سوى مناشدة السيدة التي التقاها للتو عبر الإنترنت للمساعدة.
وبطبيعة الحال، كان المال هو الحل الوحيد لهذه الأزمة المدارية. أقنع المحتال السيدة المسكينة، التي كانت تعيش بمفردها، بإرسال حوالي مليون ين ياباني، أي ما يعادل 6,750 دولارًا أمريكيًا، عن طريق التحويل الإلكتروني لشراء الأوكسجين.
لا أحد يعلم كيف كان من المفترض أن يتم توصيل الأوكسجين على الفور، لكن هذا المبلغ يكفي لتغطية نفقات تشغيل محطة الفضاء الدولية لمدة ثلاث أو أربع دقائق فقط، حيث تبلغ تكاليف صيانتها السنوية حوالي مليار دولار.
وتشير تقارير وكالة الأنباء الفرنسية إلى زيادة حادة في عمليات الاحتيال التي تستهدف الأشخاص الباحثين عن الحب. في الولايات المتحدة وحدها، خسر الضحايا حوالي 1.14 مليار دولار بسبب عمليات الاحتيال العاطفي في عام 2023، وفقًا للجنة التجارة الفيدرالية، وهو ضعف المبلغ المبلغ عنه في عام 2021. ومن اللافت للنظر أن متوسط المبلغ الذي فقده الشخص الواحد تجاوز 2,000 دولار، وهو أعلى مبلغ في أي شكل من أشكال الاحتيال بانتحال الشخصية.
يعتبر كبار السن عرضة بشكل خاص لعمليات الاحتيال عبر الإنترنت، سواء كانت عاطفية أم لا، وتعد اليابان واحدة من الدول التي لديها أعلى نسبة من كبار السن في العالم. وفي حين لم يتطلب الأمر الكثير لخداع هذه المرأة الثمانينية الوحيدة، فإن ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة على نطاق واسع يزيد من قدرة المحتالين على الإقناع.
يستخدم بعض المحتالين تقنية "الخدع العميقة في الوقت الحقيقي real-time deepfakes المدعومة بالذكاء الاصطناعي لإنشاء وجوه وهمية جميلة وواقعية يمكن استخدامها حتى أثناء مكالمات الفيديو الحية. كما أنهم يستخدمون أدوات تركيب الأصوات بالذكاء الاصطناعي لتقليد أصوات أقارب ضحاياهم، فيوهمون كبار السن، على سبيل المثال، بأن حفيدهم قد تم اختطافه وبحاجة إلى فدية.
في المقابل، تسهل روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي على المحتالين الاستمرار في محادثات طويلة عبر الرسائل النصية دون أي جهد.
بكلمات أخرى، فإن أجدادك المدمنين على فيسبوك والذين يعيدون نشر المحتوى المضلل بالذكاء الاصطناعي ليس لديهم أي فرصة للنجاة. ومع تحسن التكنولوجيا، ربما لن تكون لديك أنت أيضًا.