القاهرة: الأمير كمال فرج.
في تطور لافت في عالم البرمجيات، أدى الاعتماد المتزايد للمبرمجين الهواة على أدوات الذكاء الاصطناعي لكتابة الأكواد إلى ظهور سوق جديد. فبعد أن ينتج هؤلاء الأفراد برامج تعتمد على ما يُسمى برمجة الشعور vibe coding، تتضح الحاجة الملحة إلى مبرمجين محترفين لإصلاح الأكواد المعيبة، وهو ما خلق فرصة عمل مربحة لفئة من الخبراء.
ولكن نادراً ما تسير العملية بسلاسة كافية. ما زالت الآراء منقسمة حول ما إذا كان المبرمجون المحترفون يستفيدون حقاً من استخدام مساعدي البرمجة المعتمدين على الذكاء الاصطناعي، وتتضح أوجه قصور هذه التقنية بشكل أكبر عندما يعتمد عليها هواة غير مدربين يعترفون صراحة بأنهم يعملون بالاعتماد على "الشعور" فقط.
لا شيء يوضح هذه النقطة الأخيرة أفضل من حقيقة أن بعض المبرمجين المخضرمين يحققون الآن أرباحاً هائلة من إصلاح هذه الكوارث التي "هلوس" بها الذكاء الاصطناعي، كما أبرز موقع "404 ميديا" الذي أجرى مقابلات مع عدد من هؤلاء المحترفين الانتهازيين.
يقول حميد صديقي، وهو مبرمج يعرض خدماته على موقع Fiverr لإصلاح "برمجة الشعور": "بدأت في إصلاح المشاريع التي اعتمدت على برمجة الشعور بعد أن لاحظت عدداً متزايداً من المطورين والفرق الصغيرة الذين يكافحون لتحسين الأكواد التي يولدها الذكاء الاصطناعي، والتي تكون وظيفية ولكنها تفتقر إلى الجودة أو "الشعور" اللازم لتتوافق مع رؤيتهم".
وأضاف صديقي أن هؤلاء العملاء يحتاجون إلى المساعدة في كل شيء، بدءاً من الأكواد سيئة التحسين وصولاً إلى واجهات المستخدم (UIs) التي يولدها الذكاء الاصطناعي بشكل فاشل.
قال صديقي لموقع "404": "أقدم خدمات إصلاح برمجة الشعور منذ حوالي عامين، بدءاً من أواخر عام 2023. حالياً، أعمل مع ما بين 15 إلى 20 عميلاً بشكل منتظم، بالإضافة إلى مشاريع فردية على مدار العام."
تُعرف نماذج الذكاء الاصطناعي بهلوساتها halucinating، وبأنها لا تقوم بما هو مطلوب منها بشكل دقيق. وقد اكتشف أحد الأشخاص ذلك بالطريقة الصعبة بعد أن قام الذكاء الاصطناعي الخاص به بمحو قاعدة بيانات شركته بالكامل.
ومع ذلك، فقد تبنت حتى أكبر شركات التكنولوجيا استخدام مساعدي البرمجة المدعومين بالذكاء الاصطناعي. زعم الرئيس التنفيذي لشركة Google سوندار بيتشاي، أن ما يصل إلى 25% من أكواد الشركة يتم توليدها الآن بواسطة الذكاء الاصطناعي. وزاد رئيس Microsoft ، ساتيا ناديلا، على ذلك وزعم أن النسبة تصل إلى 30% في شركته.
وقد أشارت بعض الأبحاث إلى أن الاعتماد على هذه التقنية يأتي بنتائج عكسية لزيادة كفاءة سير العمل، حيث يضطر المبرمجون إلى مراجعة وتدقيق المخرجات المليئة بالأخطاء التي ينتجها الذكاء الاصطناعي باستمرار. وجدت إحدى الدراسات الحديثة أن المبرمجين الذين استخدموا أدوات مثل "كلود" من Anthropic كانوا أبطأ بنسبة 19%، واستخدموا أقل من نصف اقتراحات الذكاء الاصطناعي.
لذلك، ليس من المستغرب أن صديقي ليس وحده في هذا المجال. فالبحث عن "مصلح برمجة الشعور" vibe code fixer على موقع Fiverr وحده، وهو واحد من العديد من منصات العمل الحر، يعطي أكثر من 230 نتيجة. ويُذكر "إصلاح برمجة الشعور" أو أي صيغة مشابهة بشكل صريح من قبل العديد من هؤلاء المبرمجين عند وصف خدماتهم.
بعض الشركات أيضاً بدأت تدخل هذا المجال. استشهد موقع "404" بشركة برمجيات تُدعىUlam Labs، والتي تقول على موقعها الإلكتروني: "نحن ننظف الفوضى التي تسببها برمجة الشعور. حرفياً."
وهناك حتى موقع إلكتروني كامل مخصص لهذا المجال: VibeCodeFixers.com. قال مؤسسه، سواتانترا سوهني، لموقع 404 إن أكثر من 300 مبرمج مخضرم قد انضموا إليه بالفعل. وقد اشترى النطاق فوراً بعد أن صاغ أندريه كارباثي، عالم الحاسوب البارز والمدير السابق للذكاء الاصطناعي في تسلا، هذا المصطلح في فبراير. كانت الإشارات واضحة جداً.
يقول سوهني: "معظم هؤلاء الذين يمارسون "برمجة الشعور" هم إما مديرو منتجات أو مندوبو مبيعات أو أصحاب أعمال صغيرة، ويعتقدون أن بإمكانهم بناء شيء ما."
وكثيراً ما وجد أن "مبرمجي الشعور" يهدرون المال على رسوم استخدام الذكاء الاصطناعي في المراحل النهائية من التطوير عندما يحاولون إضافة ميزات جديدة تتسبب في تعطل التطبيق، وعند هذه النقطة سيكون البدء من الصفر أرخص.