القاهرة: الأمير كمال فرج.
تواجه مكانة الولايات المتحدة كمركز رائد في أبحاث السرطان تهديدًا وشيكًا. فقد أدت الإدارة الأمريكية الحالية إلى تقليص حاد في التمويل المخصص لأبحاث السرطان، مما لا يهدد فقط الريادة العلمية للبلاد، بل يضع أيضًا مستقبل مرضى السرطان على المحك.
أظهرت تقارير صحيفة New York Times أن "إدارة ترامب قد خفضت ميزانية المعهد الوطني للصحة NIH بمبلغ هائل قدره 2.7 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من ولايته الثانية. ويعتقد الخبراء أن هذه التخفيضات الكبيرة في أبحاث السرطان الفيدرالية ستعيق أي تقدم في إيجاد علاجات فعّالة، وقد أدت بالفعل إلى تسريح جماعي للموظفين وتجميد دراسات حيوية كانت قيد التنفيذ".
بالإضافة إلى ذلك، اقترح ترامب جولة جديدة من التخفيضات للسنة القادمة، حيث يسعى لخفض ميزانية المعهد الوطني للسرطان NCI التابع للمعهد الوطني للصحة من 7.2 مليار دولار إلى 4.5 مليار دولار.
صرح هارولد فارموس، المدير السابق للمعهد الوطني للصحة وحائز على جائزة نوبل، "نحن عظماء في مجال العلوم،" مضيفًا: "لماذا قد نرغب في تدمير أحد أعظم أصولنا؟"
عواقب وخيمة
هذه التخفيضات يمكن أن تكون لها عواقب مدمرة. فوفقًا لدراسة نُشرت في "مجلة علم الأورام السريري"، كل 326 دولارًا يُنفق على أبحاث السرطان يضيف سنة واحدة إلى متوسط العمر المتوقع للمرضى، وهو ما يُعد إنجازًا عظيمًا.
لقد ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات لمرضى السرطان من 49% في السبعينيات إلى 68% حاليًا. هذه الإنجازات لها آثار هائلة، خاصةً وأن ما يقرب من 38.9% من الأمريكيين يُتوقع أن يتم تشخيصهم بالسرطان في مرحلة ما من حياتهم.
دوافع سياسية
يبدو أن الدافع وراء هذه التخفيضات هو عدم الثقة السائد بين العديد من المحافظين تجاه المؤسسات الصحية في البلاد، والتي يعتبرونها فاسدة ومسيّسة، خاصةً في أعقاب جائحة COVID 19. كما أن المحافظين يميلون إلى عدم الثقة في المعلومات المتعلقة بالسرطان التي تصدر عن المنظمات الصحية الحكومية.
علاوة على ذلك، تم استخدام مبادرات التنوع والإنصاف والشمول DEI لتبرير التخفيضات في التمويل، حيث تم رفض بعض طلبات المنح بشكل خاطئ لأنها احتوت على كلمات حساسة مثل "متحول".
وفي سياق متصل، قام روبرت كينيدي الابن، المشكك في اللقاحات ووزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكي، بإلغاء أعمال واعدة على تقنية الحمض النووي الريبوزي mRNA، والتي كان من الممكن أن تؤدي إلى تطوير لقاح شامل ضد السرطان، وفقًا لبعض الخبراء.
علماء يغادرون البلاد
ما يزيد الأمر سوءًا هو أن هذه التخفيضات تأتي في الوقت الذي يقترب فيه العلماء من تحقيق اختراقات علمية مذهلة، مثل علاجات إشعاعية جديدة للسرطان تكون أكثر دقة وأقل ضررًا على الأنسجة السليمة المحيطة.
قالت الأستاذة راشيل سيرياني من كلية الطب بجامعة ماساتشوستس تشان "أعتقد أنني واحدة من المختبرات القليلة جدًا في البلاد المتخصصة في حواجز توصيل الأدوية لأورام دماغ الأطفال،" وتابعت: "عندما تخرجني من المنظومة، فإنك تزيل شيئًا لا يمكن تعويضه."
في هذه الأثناء، بدأ كبار العلماء يفكرون في مغادرة الولايات المتحدة. فقد تلقى فارموس، الحائز على جائزة نوبل في أبحاث السرطان، دعوات من حكومات أجنبية لمواصلة عمله.