القاهرة: الأمير كمال فرج.
أحدث صعود برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي من مجرد أداة غير معروفة إلى أداة يستخدمها الملايين تأثيراً عميقاً على الإنترنت. فلقد أغرقت نتائج البحث على الإنترنت بمحتوى مشوه، وأطلقت العنان لفيضان من المحتوى الإباحي الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي، وقلبت مفهوم وسائل الإعلام الرقمية كمصدر موثوق للأخبار.
وبطبيعة الحال، كانت لهذه التطورات عواقب غير مقصودة، ومن أسوأ هذه العواقب استخدام الذكاء الاصطناعي لتغذية نظريات المؤامرة العنصرية، مما يعرض الأقليات والمهاجرين للخطر.
استخدام الذكاء الاصطناعي لنشر الكراهية
كشفت تقارير حديثة لصحيفة The Times أن الاحتجاجات المناهضة للمهاجرين يتم تأجيجها من قبل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين ينشرون صوراً عنصرية بشكل صارخ تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتصور حشوداً من المهاجرين العرب يسيطرون على شوارع لندن.
في حين أن الخطاب المتطرف الذي يتبناه بعض المحرضين البارزين غالباً ما يكون مسؤولاً عن إشعال المظاهرات، فقد وجدت The Times أن المشاركين يتم تحريضهم أولاً من خلال خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج للعنصرية والمعلومات المضللة.
في المملكة المتحدة، حيث تنتشر ظاهرة الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا)، تصور هذه المنشورات عادة ضحية قوقازية (من أصل أبيض) ضعيفة، مثل طفل أو فتاة شابة، تحيط بها حشود من الأقليات. وتكون الضحية في هذه السيناريوهات المزيفة، التي ترتدي غالباً علماً وطنياً مثل علم الاتحاد (Union Jack)، باكية في حين يطلق عليها المهاجمون ألفاظاً عنصرية.
تنامي العنف بدافع العنصرية
يأتي هذا المحتوى الذي ينشئه الذكاء الاصطناعي بالتوازي مع ارتفاع في جرائم الكراهية الموجهة ضد المهاجرين والمسلمين في المملكة المتحدة، حيث أصبحت العنصرية أمراً طبيعياً في جميع أنحاء البلاد.
في عام 2024، ازدادت الاعتداءات التي تحركها ظاهرة الإسلاموفوبيا بنسبة 73% في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
حدثت نحو 1,188 جريمة كراهية بدافع عنصري في إيرلندا الشمالية التي تسيطر عليها بريطانيا، مقارنة بـ 349 جريمة في العام السابق.
العنصرية المنظمة آخذة في الارتفاع أيضاً، وتتجلى في سيل من الاحتجاجات والخطابات المناهضة للمهاجرين في جميع أنحاء المملكة المتحدة. ففي الأسبوع الماضي، اقتحمت حشود عنيفة من أكثر من 100,000 متظاهر مناهض للمهاجرين لندن، مما أسفر عن إصابة أكثر من 24 شخصاً، وفقاً لقناة فرانس 24.
زيادة انتشار المحتوى العنصري بفضل الذكاء الاصطناعي
قالت بياتريس بوارك، الباحثة في السياسة ووسائل التواصل الاجتماعي في كلية لندن للاقتصاد، لصحيفة "ذا تايمز": "عندما تنتشر الصور المتحيزة التي أنشأها الذكاء الاصطناعي على الإنترنت، فإنها لا تعزز فقط التحيز، بل يمكن أن تلهم العنف من خلال وضع الرجال الغربيين البيض في موقع المدافعين الصالحين عن مجتمعاتهم وعائلاتهم".
في دراسة استقصائية لمئات من المنشورات العنصرية على وسائل التواصل الاجتماعي التي قُدمت إلى البرلمان البريطاني، وجدت بوارك وزملاؤها الباحثون أنه على الرغم من أن المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يشكل جزءاً صغيراً من هذا الخطاب، إلا أن متوسط عدد مشاهداته كان أكثر بثلاث مرات من المنشورات العادية. وبعبارة أخرى، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لزيادة الانتشار الفيروسي للمحتوى العنصري بشكل كبير.
مع وجود هذا القدر الكبير من التفاعل الذي يمكن تحقيقه من كلا الجانبين، يبدو أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي سعيدة بالسماح لفيضان المحتوى العنصري الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي بالاستمرار، بغض النظر عن العواقب.