القاهرة: الأمير كمال فرج.
سرحت إحدى شركات تكنولوجيا المعلومات متعددة الجنسيات 11 ألف موظف كجزء من خطة تبلغ تكلفتها 865 مليون دولار لـ "رفع مستوى مهارات" من تصفهم بـ "المُجددين".
ذكر جو ويلكنز في تقريره بمجلة Futurism أن "أسابيع قليلة تفصلنا عن الذكرى السنوية الثالثة لظهور أول روبوت محادثة ناجح، وهو ChatGPT من OpenAI. ومع عدم وجود أي مؤشرات على تباطؤ الإنفاق على الذكاء الاصطناعي، قد يتوقع المرء أننا نعيش في خضم ثورة فعلية، وأن هناك نتائج ملموسة تُبرر ثلاث سنوات من الاستثمار التقني غير المقيد".
لكن عندما يتعلق الأمر بتطبيق الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل، فإن قصص نجاح الشركات في دمج هذه التكنولوجيا قليلة بشكل مثير للريبة. في المقابل، يكثر الحديث عن الفشل: فقد اضطرت شركة التكنولوجيا المالية Klarna إلى إجبار مهندسيها على الرد على مكالمات خدمة العملاء بعد تعثر نشر أنظمة الذكاء الاصطناعي لديها، كما تتعرض مكاتب المحاماة للعقوبة بسبب أخطاء محرجة ارتكبتها أنظمة الذكاء الاصطناعي، بينما لجأت شركات أخرى إلى الاستعانة بموظفين مستقلين freelancers لتصحيح الأخطاء الفادحة وغير الدقيقة التي ترتكبها هذه التقنية.
هذا الواقع يجعل قرار شركة Accenture للاستشارات وتقنية المعلومات بتسريح نحو 11 ألف موظف في الأشهر الأخيرة أمرًا لافتًا للنظر، مدفوعًا برهان ضخم مفاده أن الشركات ستعطي الأولوية لتوظيف خبراء الذكاء الاصطناعي من الآن فصاعدًا.
استراتيجية "رفع المهارات" وتسريح العمال
وفقًا لوكالة "رويترز"، فإن عملية تقليص حجم الموظفين القاسية هذه هي جزء من خطة إعادة هيكلة ضخمة تمتد لستة أشهر، ومن المتوقع أن تُكلف الشركة 865 مليون دولار عند الانتهاء منها.
صرحت جولي سويت، الرئيسة التنفيذية لشركة Accenture ، في مكالمة حديثة لمناقشة الأرباح، بأن الأولوية الأولى للشركة هي "رفع مستوى مهارات مُجدديها" upskilling its reinventors. وهذا تعبير مؤسسي يعني توقع أن يحظى الموظفون من الآن فصاعدًا بتدريب محدد في أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل نماذج اللغات الكبيرة.
وقالت سويت خلال المكالمة: "نحن نعيد ابتكار ما نبيعه، وكيف نقدم خدماتنا، وكيف نتشارك، وكيف ندير Accenture باختصار، أصبح الذكاء الاصطناعي المتقدم جزءًا من كل ما نقوم به على أرض الواقع."
تُعد هذه العبارة نمطية في عصرنا الحالي. لكن الرسالة كانت واضحة: إذا فشل موظفو Accenture في تلبية هذه المتطلبات، فسيتم التخلي عنهم. وبدلاً منهم، ستقوم شركة تكنولوجيا المعلومات بتوظيف أشخاص يمتلكون بالفعل "مهارات" الذكاء الاصطناعي اللازمة لإرضاء المساهمين. وهذا يشمل الاستعانة بقوة عاملة "عالمية" متزايدة — وهي طريقة مهذبة للقول إنها ستلجأ إلى "الاستعانة بمصادر خارجية، ونقل الوظائف إلى عمالة غير مدفوعة الأجر بشكل جيد في بلدان الجنوب العالمي."
ووضحت سويت: "استراتيجيتنا الأولى هي رفع مستوى المهارات، نظرًا للمهارات التي نحتاجها، ولدينا خبرة كبيرة في رفع مستوى المهارات. نحن نحاول، في إطار زمني مضغوط للغاية، تسريح الأفراد — حيث لا يوجد مسار عملي لتدريبهم — لكي نتمكن من الحصول على المزيد من المهارات التي نحتاجها."
رهان بمليار دولار
وفي سؤال حول التوقعات المالية بعد انتهاء هذه الإجراءات، أبلغت آنجي بارك، المديرة المالية، المحللين بأنها تتوقع تحقيق وفورات تزيد عن مليار دولار.
وأوضحت بارك: "ستؤدي هذه الإجراءات إلى توفير في التكاليف، سيُعاد استثماره في موظفينا وأعمالنا"، مضيفة أن المديرين التنفيذيين في Accenture يتوقعون زيادة في عدد الموظفين بحلول عام 2026، بعد أن يتم "تطهير" القطيع من الموظفين غير المدربين على الذكاء الاصطناعي.
وعندما سُئلت سويت عن متى سيؤثر الذكاء الاصطناعي على هوامش الربح الإجمالية للشركة (وهو مقياس يحدد الإيرادات مطروحًا منها المصاريف المباشرة)، كانت إجابتها مبهمة، حيث أشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي "يدفع نحو تحقيق الكفاءة"، ما يوحي بأن هذه التقنية تُقلل النفقات بطريقة ما.
ستكشف الأشهر القليلة القادمة ما إذا كانت عمليات التسريح الوحشية ستؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين الهوامش لتبلغ المليارات من الدولارات. ولكن مع استمرار تضخم فقاعة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، ينفد الوقت بسرعة لإثبات جدوى هذا الرهان.