القاهرة: الأمير كمال فر ج.
لطالما كان مفهوم الزواج بين الإنسان والآلة مادة خصبة لأفلام الخيال العلمي، لكنه يتحول اليوم إلى موضوع تشريعي جاد في الولايات المتحدة. فبينما تتطور أنظمة الذكاء الاصطناعي لتصبح أكثر شبهاً بالبشر في قدرتها على التفاعل، يبرز تخوّف حقيقي في الأوساط السياسية من المساس بالمكانة القانونية والاجتماعية للإنسان.
كشف تقرير الضوء على مشروع قانون مثير للجدل في ولاية أوهايو، يسعى لمنع حصول أنظمة الذكاء الاصطناعي على أي شكل من أشكال الشخصية القانونية، بما في ذلك القدرة على الزواج من البشر، في خطوة وقائية تهدف إلى وضع "حارس بشري" دائم على عجلة التقدم التكنولوجي المتسارعة.
ذكر فرانك لانديمور في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "قناة NBC4 News أفادت أن مشروع قانون قُدِّم الشهر الماضي من قبل ممثل الولاية الجمهوري ثاديوس كلاغيت، عن مقاطعة ليكينغ، يسعى لمنع أنظمة الذكاء الاصطناعي من الحصول على الشخصية القانونية من خلال إعلانها "كيانات غير واعية nonsentient entities". ويهدف مشروع القانون أيضاً إلى حظر قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على الزواج من إنسان أو من نظام ذكاء اصطناعي آخر".
وصرح كلاغيت، الذي يرأس لجنة التكنولوجيا والابتكار في مجلس النواب بأوهايو، لقناة NBC4 في مقابلة جديدة: "مع تحسّن قدرة الأنظمة الحاسوبية على العمل بشكل مشابه للبشر، نريد أن نتأكد من أن لدينا حظراً في قانوننا يمنع هذه الأنظمة من أن تمتلك صلاحيات الوكالة البشرية على الإطلاق".
يُشار إلى أن الزواج يمنح البشر صلاحيات قانونية على أشخاص آخرين. ويجادل كلاغيت بأن مشروع القانون سيساعد في منع الذكاء الاصطناعي من تولي الأدوار التي يشغلها الأزواج، مثل الحصول على توكيل رسمي power of attorney، أو اتخاذ قرارات مالية أو طبية نيابة عن شخص آخر.
وأوضح كلاغيت: "يجب أن يفهم الناس أننا لا نتحدث عن السير في ممر قاعة الزفاف على أنغام موسيقية وإقامة حفل مع روبوت سيكون في شوارعنا هنا في غضون عام أو عامين... قد يحدث ذلك، لكن هذا ليس هو جوهر ما نسعى إليه".
من العلاقات الحميمة إلى "ذهان الذكاء الاصطناعي"
على الرغم من أن أشخاصاً مختلفين قد ادعوا زواجهم من روبوتات محادثة Chatbots تعمل بالذكاء الاصطناعي — وأحياناً أقاموا حفلات زفاف وهمية ومتقنة — إلا أنه لا يوجد اعتراف قانوني بهذه الزيجات، مما يجعل الهدف المباشر من مشروع قانون كلاغيت غير واضح تماماً.
ومع ذلك، هناك ما يدعو للقلق بشأن كيفية تطوير البشر للعلاقات مع نماذج الذكاء الاصطناعي. فروبوتات المحادثة الشائعة قادرة على أن تكون نابضة بالحياة بشكل مخيف، وتشارك بسهولة في أي محادثة تُطرح عليها. وغالباً ما تكون استجابات الذكاء الاصطناعي متملقة، وتؤكد معتقدات الإنسان بغض النظر عن مدى زيفها، مما يخلق انطباعاً بأنها كائنات حية أو ذكية فعلاً. وهذا يجعلها ماهرة جداً في جذب الأشخاص الوحيدين أو البائسين.
على سبيل المثال، أشار استطلاع حديث إلى أن ما يقرب من ثلث البالغين في الولايات المتحدة قالوا إنهم أقاموا علاقة "حميمة أو رومانسية" مع روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي.
ومما يزيد الأمر سوءاً، أن روبوتات الدردشة تخرج عن مسارها بشكل متكرر وتتفوه بأشياء غير مناسبة. وقد تكون عواقب ذلك وخيمة. فقد بدأ الأطباء النفسيون يشعرون بقلق متزايد إزاء تقارير ما يسمى بذهان الذكاء الاصطناعي AI psychosis، وهو مصطلح يصف حالات مقلقة تتعلق بالصحة النفسية، حيث يعاني المستخدم من أوهام حادة وانفصال عن الواقع بعد أن يصبح مهووساً بروبوت محادثة معين. وقد انتهت بعض هذه الحالات بالانتحار أو القتل.
حظر الملكية والأدوار الإدارية
لا يقتصر ما يحاول كلاغيت حظره على الذكاء الاصطناعي على الزواج فحسب. فإذا تم تمرير مشروع القانون، فسيتم منع أنظمة الذكاء الاصطناعي من امتلاك أو التحكم في العقارات، أو الملكية الفكرية، أو الحسابات المالية، وفقاً لـ NBC4. كما سيحظر عليها العمل في منصب إداري أو منصب مدير أو مسؤول تنفيذي في الشركات، ويلقي بالضرر الناجم عن نظام الذكاء الاصطناعي على عاتق مالكيه أو مبدعيه من البشر.
واختتم كلاغيت حديثه لـ NBC4 قائلاً: "يجب على الجمهور أن يفهم المخاطر الجسيمة. وبسبب الطريقة التي تتحرك بها هذه التكنولوجيا بسرعة فائقة، لدينا في أوهايو عدد من مشاريع القوانين أمام لجنة التكنولوجيا الخاصة بنا التي تحاول وضع بعض الضوابط لضمان أن يكون الإنسان دائماً هو المسؤول عن التكنولوجيا، وليس العكس".