القاهرة: الأمير كمال فرج.
بعد سنوات من التجارب المخيبة والنظارات الذكية التي لم ترتقِ إلى مستوى التوقعات، يبدو أن "ميتا" تُوشك أخيراً على تحقيق الطفرة المأمولة. قد يُمثّل أحدث إصداراتها حلماً يتحقق لنظارات الواقع المعزّز AR.
ذكر ويل جرينوالد في تقرير نشره موقع pcmag "قمت بمراجعة النظارات الذكية لسنوات، ورغم أن العديد منها أظهرت إمكانات واعدة، لم تنجح أي منها حقاً في تقديم معلومات بصرية مفصّلة بطريقة تبدو طبيعية وغير مقيدة. بعض النماذج، مثل نظارات Rokid، اقتربت من ذلك، ولكنها دائماً ما كانت تعاني من قصور تقني، وأدوات تحكّم خرقاء، ونقص في الصقل. قد تكون نظارة Meta Ray-Ban Display الجديدة هي الزوج الذي سيغير كل ذلك".
سنحت لي الفرصة لتجربتها في فعالية عرض في نيويورك، وقد غادرتُ المكان بانطباع إيجابي حقيقي. لا يزال هناك المزيد من الاختبارات للقيام بها قبل أن أتمكن من الجزم بما إذا كانت تستحق سعرها البالغ 799 دولاراً، ولكن بناءً على هذه التجربة العملية الأولية، فإن الإمكانات واضحة.
الشاشة: رؤية الواقع المعزز بالألوان الكاملة
تُعد شاشة الموجّه الضوئي waveguide display في نظارة Meta Ray-Ban Display هي الأفضل من نوعها التي رأيتها حتى الآن. ولتوضيح ذلك، يجب أولاً شرح تقنية شاشات الموجّه الضوئي.
تُقسم شاشات النظارات الذكية إلى فئتين: شاشات المنشور Prism وشاشات الموجّه الضوئي (Waveguide). كلاهما يستخدم أجهزة عرض صغيرة لإرسال صورة إلى العينين، لكنهما تختلفان في كيفية وصول الصورة فعلياً.
شاشات المنشور Prism: تستخدم عدسات مائلة خلف العدسات الأمامية لإعادة توجيه الضوء المُسقط نحو العينين. هذه العدسات ضخمة، وعلى الرغم من إمكانية الرؤية من خلالها، إلا أنها قد تُخفِت الرؤية أو تحجبها حتى عندما تكون الشاشة مطفأة. الميزة هي أنها يمكن أن تعرض صوراً عالية الدقة وكاملة الألوان مع مجال رؤية واسع.
شاشات الموجّه الضوئي Waveguide: تستخدم عدسة واحدة مع أنماط خاصة محفورة عليها. وهي أخف بكثير من شاشات المنشور وشفافة تماماً عند عدم الاستخدام، لكنها تأتي على حساب دقة وضوح أقل بكثير ومجال رؤية أصغر بكثير. وعادةً ما تكون أحادية اللون Monochrome؛ فالنماذج الأخرى التي تم اختبارها كانت تعرض اللون الأخضر فقط.
نظارة Meta Ray-Ban Display حلّت مشكلة واحدة على الأقل من هذه المشاكل، فهي تتميز بشاشة موجّه ضوئي كاملة الألوان، وهو أمر مذهل بالنظر إلى تحديات هذه التقنية. عندما جربت النظارة، بدت الألوان زاهية بشكل مدهش، وكانت الصورة مشرقة جداً في غرفة ذات إضاءة جيدة. وعلى الرغم من أن الدقة تبلغ 600 × 600 فقط ومجال الرؤية ضئيل (20 درجة)، إلا أن القوائم والنصوص والصور ومقاطع الفيديو وحتى الخرائط كانت كبيرة وحادة بما يكفي لقراءتها بسهولة.
أقول "عين واحدة" لأن الشاشة مدمجة فقط في العدسة اليمنى. قد يكون هذا محرجاً للمستخدمين الذين يفضلون العين اليسرى، لكنني لم أواجه أي صعوبة في القراءة. علاوة على ذلك، كان بإمكاني رؤية كل شيء أمامي بوضوح، سواء حول الصورة المُسقطة أو من خلال العدسة الأخرى الشفافة.
لقد استخدمت نظارات ذكية بمنشورات ذات شاشات أكبر وأكثر وضوحاً وألواناً في السابق. ومع ذلك، فإن شاشات المنشور تكون ضخمة وتجعل الرؤية صعبة. نظارة Meta Ray-Ban Display هي فئة مختلفة، وعلى الرغم من أنها لن تكون خياري الأول للعمل عن بُعد أو مشاهدة الأفلام، إلا أنني أرى نفسي بالتأكيد أستخدمها أثناء التنقل.
الموجّه الضوئي في العدسة اليمنى غير مرئي تقريباً، وهو أمر مهم للغاية إذا كنت قد جربت نظارات ذكية منافسة. في Meta Ray-Ban Display، لم أر أي أثر للموجّه الضوئي من الخارج. بناءً على اختباراتي الأولية، هي الأقل وضوحاً من الخارج بين جميع الموجّهات الضوئية التي رأيتها حتى الآن.
أدوات التحكم: استخدام الأصابع (الرباط العصبي)
الجاذبية الأكبر لنظارة Meta Ray-Ban Display، أكثر من شاشتها الملونة، هي أداة التحكم الخاصة بها. تستخدم النظارة ما تسميه "ميتا" بـ الرباط العصبي Neural Band، وهو عبارة عن سوار معصم يستخدم تخطيط العضلات الكهربائي (EMG) لتتبع إيماءات اليد. فبدلاً من أجهزة استشعار مباشرة على اليد أو مصفوفة كاميرات تراقبها باستمرار، يقيس الرباط العصبي الحركات الدقيقة في الذراع لتحديد ما تفعله اليد.
في العرض القصير الذي قدمته، عملت أدوات التحكم في الرباط العصبي بشكل أفضل مما كنت أتوقع. الإيماءات بسيطة: حرك إصبع الإبهام لأعلى ولأسفل ولليسار ولليمين على جانب إصبع السبابة لتحريك المؤشر، وقرصة بين الإبهام والسبابة للنقر، وقرصة بين الإبهام والوسطى للعودة إلى الخلف، وقرصتان بين الإبهام والوسطى لتشغيل الشاشة وإيقافها. هناك أيضاً إيماءة سياقية تتمثل في تدوير الإبهام والسبابة معاً (كأنك تدير مقبضاً)، لتعديل مستوى الصوت أو التكبير والتصغير حسب الموقف.
كانت إيماءات النقر الفردية والمزدوجة دقيقة ومناسبة. أما التمرير الاتجاهي، فقد كان أكثر صعوبة بعض الشيء، حيث لم يسجل التمرير دائماً. وكانت إيماءة "تدوير المقبض" هي الأصعب في التعوّد عليها، وشعرت أن التغييرات في مستوى الصوت والتكبير كانت متشنجة ومنفصلة عن حركة المعصم السلسة. ومع ذلك، كانت جميع هذه الإيماءات قابلة للاستخدام، وشعرت أنها ثورية مقارنة بألواح اللمس والأزرار الصغيرة التي تعتمد عليها النظارات الذكية الأخرى.
كما يتيح الرباط العصبي إدخال النصوص عبر الإيماءات. لقد جربت ميزة التعرف على خط اليد (التي لا تزال في المرحلة التجريبية) حيث تمكنت من كتابة الحروف باستخدام إصبع السبابة على أي سطح صلب (مثل فخذي). نجحت العملية نوعاً ما، حيث تعرفت النظارة على حوالي ثلاثة أرباع الحروف التي رسمتها، لكنها لم تكن دقيقة بما يكفي للاعتماد عليها.
الميزات: مساعد الذكاء الاصطناعي، الترجمة الفورية، والملاحة
تجولتُ عبر بعض الوظائف الرئيسية لنظارة Meta Ray-Ban Display وهي: مساعد الذكاء الاصطناعي مع معالجة بصرية، وكاميرا، وترجمة فورية للكلام، ومكالمات فيديو، وملاحة. تركز "ميتا" بشدة على مساعدها للذكاء الاصطناعي، لدرجة أنها تطلق على نظاراتها اسم "نظارات الذكاء الاصطناعي"، لذا فإن استخدام الأوامر الصوتية وسؤال مساعد Meta AI يمثل جزءاً كبيراً من التجربة.
على الرغم من بعض مشاكل الواي فاي التي جعلت الذكاء الاصطناعي بطيئاً، إلا أنه فهم وأجاب على معظم أسئلتي بدقة.
التعرف البصري: طلبتُ من النظارة تحديد مقهى بناءً على الكوب الذي أمامي، فقرأت الشعار وأظهرت موقعه على الخريطة على الفور. نظرتُ إلى مجموعة من الزهور وطلبتُ منها تحديدها، فسردت أسماء التي تعرفت عليها.
الوصف الذاتي: نظرتُ في مرآة وسألت النظارة عما إذا كانت تستطيع أن تخبرني أي شيء عن نفسي، فقدمت وصفاً دقيقاً لي بصوت ونص.
الكاميرا: يبدو أن الكاميرات هي نفسها الموجودة في نظارات Meta Ray-Ban غير المزوّدة بشاشة عرض، بدقة 12 ميجابكسل قادرة على التقاط صور بدقة 4023 × 3024 ومقاطع فيديو بدقة 1920 × 1440 بمعدل 30 إطاراً في الثانية. الميزة الرائعة هي أن الشاشة تساعدك على تأطير الصور، حيث تعرض مركز الإطار، مما يتيح لك محاذاة ما تنظر إليه.
الترجمة الفورية: تُعد الترجمة الفورية للكلام Live Captioning ميزة أساسية في نظارات الموجّه الضوئي. هذه الميزة مفيدة جداً للمستخدمين الذين يعانون من صعوبات في السمع. لقد أثارت نظارة Meta Ray-Ban Display إعجابي بمدى سرعتها ودقتها في التعرف على الكلام وتحويله إلى نص، حيث نجحت في ترجمة محادثة قصيرة مع ممثل "ميتا" دون أخطاء تقريباً.
مكالمات الفيديو: بالنسبة لمكالمات الفيديو، اتصل بي ممثل Meta عبر واتساب من خلال النظارة. أجبتُ على المكالمة بإيماءة، وظهر وجهه على الشاشة، وتمكنت من سماعه بوضوح عبر مكبرات الصوت الخاصة بالنظارة. على الرغم من أنني لم أتمكن من مشاركة صورتي، إلا أنني استطعت مشاركة ما كنت أنظر إليه عبر كاميرات النظارة بلمسة واحدة، وهو أمر مفيد جداً.
الملاحة: جربتُ ميزة الملاحة عن طريق فتح تطبيق خرائط مخصص بواجهة بصرية باستخدام إيماءات اليد. ظهرت خريطة لوسط مدينة نيويورك في مجال رؤيتي، مع موقعي في المنتصف. يمكنني التكبير والتصغير باستخدام إيماءة "المقبض"، كما يمكنني أن أسأل المساعد الصوتي عن موقع ما ليقوم بتحديد مسار على الفور.