القاهرة: الأمير كمال فرج.
لطالما كان التساؤل عن وجود حياة ذكية خارج كوكب الأرض أحد أهم الألغاز التي تشغل العقل البشري. ومنذ صياغة معادلة دريك الشهيرة في عام 1961، التي تحاول تقدير عدد الحضارات القابلة للكشف في مجرتنا، سعى العلماء جاهدين لفهم سبب صمت الكون، أو ما يُعرف باسم مفارقة فيرمي.
ذكر فيكتور تانغرمان في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "تقرير جديد، نُشر في مجلة الجمعية البريطانية للملاحة بين الكواكب، يضيف بُعدًا مثيرًا للاهتمام لهذا اللغز. إذ يرى البروفيسور إيليو كيروجا رودريغيز من جامعة الأطلسي الأوسط في إسبانيا، أن الإجابة قد لا تتعلق فقط بعدد الكواكب الصالحة للسكن، بل بوجود قيود فيزيائية قد تمنع الحضارات الفضائية المتقدمة من مغادرة عوالمها أو التواصل معنا، حتى لو كانت لديها الرغبة في ذلك".
الحضارات المقيدة بالجاذبية
تتناول معادلة دريك عوامل متعددة تشمل معدل تكوين النجوم، وكسر النجوم التي تدور حولها كواكب، وكسر الكواكب القادرة على تطوير الحياة واستدامتها. ومع ذلك، يرى رودريغيز أن المعادلة أغفلت احتمالين حاسمين يتعلقان بالقدرة على السفر بين النجوم أو القدرة على التواصل بعيد المدى.
1. فخ الجاذبية على الكواكب فائقة الكتلة
يشير الاحتمال الأول إلى الحضارات التي قد تنشأ على كواكب أكبر بكثير من الأرض، والتي يطلق عليها اسم الأرض الفائقة. في هذه العوالم، تكون قوة الجاذبية هائلة، مما يتطلب سرعات إفلات أعلى بكثير للتغلب عليها.
يُجادل كيروجا بأن هذه الحضارات قد تكون محاصرة فعليًا على كوكبها، موضحًا: "لن يتمكن الكائن الفضائي من مغادرة الكوكب باستخدام أي كمية متصورة من الوقود، كما أن هيكل الصاروخ القابل للتطبيق لن يتحمل الضغوط الهائلة المتضمنة في هذه العملية، على الأقل بالمواد التي نعرفها". بعبارة أخرى، قد تشكل الجاذبية العالية حاجزًا فيزيائيًا لا يمكن اختراقه بأي تكنولوجيا "معقولة" قد نطورها نحن.
2. حضارات البيئات السائلة والاتصال المحدود
يتناول الاحتمال الثاني ما يسميه الباحث "عوالم حوض السمك"، وهي البيئات التي تنشأ فيها الحضارة تحت الماء أو في بيئة سائلة أخرى. في مثل هذه العوالم، ينخفض الدافع لتطوير تكنولوجيات اتصال بعيدة المدى بشكل كبير.
ويعود السبب في ذلك إلى أن الرسائل يمكن أن تنتقل عبر مسافات شاسعة في بيئة سائلة دون الحاجة إلى تضخيم باستخدام تكنولوجيا معقدة. ويوضح كيروجا أن التواصل بين أفراد الأنواع المائية "قد يكون ممكنًا دون الحاجة إلى أجهزة اتصال"، مضيفًا: "مثل هذه الحضارة لن تكون قادرة على التواصل الكوني بالمعنى الذي تبحث عنه معادلة دريك".
الخلاصة هي أن هذه الحضارات قد تكون متقدمة داخليًا، لكنها لا تمتلك الضرورة أو الحافز لتطوير تكنولوجيا إرسال إشارات عبر الفضاء SETI، وبالتالي تظل "صامتة" بالنسبة لنا.
استنتاج
يمثل هذا البحث امتدادًا هامًا للغز الوجودي الذي يواجهنا اليوم. إنه يثير تساؤلات عميقة: هل يمكن أن تكون هناك حضارات متطورة تعيش في أعماق محيطات ضخمة، وهي غافلة تمامًا عن حاجتها للتواصل خارج محيطها؟ أو هل هناك حضارات تبذل جهودًا مضنية للخروج من جاذبية كوكبها الهائلة، لكنها عاجزة عن تحقيق سرعة الإفلات؟
إنها بالفعل "أحجية فكرية" تستحق التأمل. هذا المنظور الجديد يُذكّرنا بأن سعينا للبحث عن حياة ذكية يجب أن يتجاوز مجرد تحديد الكواكب الصالحة للسكن، ليشمل أيضًا التفكير في القيود البيئية والفيزيائية التي قد تشكل حواجز غير مرئية أمام التواصل الكوني. 🪐