القاهرة: الأمير كمال فرج.
لطالما اعتُبر الشاي مشروب الصحة وطول العمر، ورمزاً للاسترخاء اليومي. ولكن، هل يمكن لهذه العادة الصباحية أو المسائية المحبوبة أن تحمل ضرراً خفياً يهدد صحة أحد أهم أعضاء الجسم وهو الكبد؟ تكشف دراسة حديثة عن مفاجأة غير متوقعة: لم يعد الشاي مجرد سائل للاستمتاع، بل يجب تناوله بذكاء. فمتى يتحول مشروبك اليومي المفضل من حليف إلى عبء على كبدك، وما هي الجرعة التي تضمن لك الفوائد دون مخاطر؟
ذكر تقرير نشرته صحيبفة Times Of India أن "الشاي، خاصة الأصناف الخضراء والسوداء، يحتوي على مركبات البوليفينول والكاتيكين، وهي مركبات معروفة بخصائصها المضادة للأكسدة والمضادة للالتهابات. يمكن لهذه الجزيئات أن تحمي خلايا الكبد من الإجهاد التأكسدي وتساعد في الحفاظ على وظيفة إنزيمية صحية".
أشارت دراسة نُشرت في مجلة BMC Nutrition إلى أن الأفراد الذين استهلكوا كميات معتدلة من الشاي يومياً أظهروا مستويات محسّنة من إنزيمات الكبد، وتحديداً إنزيم "ناقلة أمين الألانين" ALT و"ناقلة أمين الأسبارتات" AST، وكلاهما يُعد علامة على صحة وظائف الكبد.
ومع ذلك، لاحظ البحث أن استهلاك كميات مفرطة أو قوية جداً من الشاي قد يكون له تأثير معاكس. فالتعرض المفرط لمركبات الكاتيكين والكافيين المركزة يمكن أن يضع ضغطاً إضافياً على مسارات إزالة السموم في الكبد. 
وشدد مؤلفو الدراسة على أن التوازن والاتساق هما المفتاح، حيث تختلف قدرة الكبد على معالجة المركبات النشطة بيولوجياً بناءً على الجرعة ووتيرة التناول.
ما هي الكمية ودرجة التكرار المناسبة لتناول الشاي؟
تتبعت دراسة BMC Nutrition أكثر من 6000 بالغ وحللت العلاقة بين أنماط استهلاك الشاي واختبارات وظائف الكبد الكيميائية الحيوية.
    الكمية المثلى: أظهر المشاركون الذين شربوا ما بين كوبين وأربعة أكواب يومياً أنماطاً صحية لوظائف الكبد، مقارنة بمن امتنعوا تماماً أو استهلكوا أكثر من خمسة أكواب.
    توقيت الشرب: أشارت النتائج أيضاً إلى أن توقيت تناول الشاي يلعب دوراً حاسماً. فتناول الشاي بجانب الوجبات قلل على ما يبدو من الإجهاد الكبدي، حيث يساعد الطعام على تلطيف امتصاص الكافيين والكاتيكين.
    الاستهلاك الخاطئ: في المقابل، أظهر الأفراد الذين استهلكوا عدة أكواب من الشاي شديد التركيز، خاصة على معدة فارغة، ارتفاعات خفيفة في نشاط إنزيمات الكبد. 
وافترض الباحثون أن شرب الشاي القوي دون طعام قد يسبب ارتفاعاً مفاجئاً في الكافيين والمركبات النشطة، مما يجهد عملية التمثيل الغذائي في الكبد مؤقتاً. لوحظ هذا التأثير بشكل أكبر لدى الأشخاص الذين ينقعون الشاي لفترات طويلة أو يفضلون الأصناف الداكنة وشديدة الغليان.
الطريقة الصحيحة لاستهلاك الشاي
يؤكد الدكتور ديباك بانغالي في تصريحاته أن الشاي نفسه ليس ضاراً عند استهلاكه بعناية. ويوضح أن طريقة تحضيره وتناوله هي التي تحدد تأثيره على الجسم:
    التوقيت بعد الطعام: يجب تناول الشاي بشكل مثالي بعد الطعام، وليس أبداً على معدة فارغة، لتجنب تحفيز إفراز الحمض والإجهاد الأيضي.
    فترة الانتظار: ينصح بالانتظار من 30 إلى 45 دقيقة بعد الوجبة قبل شرب الشاي، للسماح ببدء الهضم ومنع تداخله مع امتصاص العناصر الغذائية.
    الاعتدال في الكمية والتركيز: يوصي بالحد من الشاي ليقتصر على كوبين إلى ثلاثة أكواب يومياً بتركيز متوسط، وتجنب التحضيرات المفرطة التركيز أو شديدة السخونة.
    إضافات ومحاذير: يقترح الدكتور بانغالي إضافة كمية صغيرة من الحليب إذا رغبت في ذلك، حيث يمكن أن يخفف من الحموضة، ولكنه يحذر من الإفراط في السكر أو المحليات الاصطناعية.
    شاي "الديتوكس": يجب التعامل بحذر مع أنواع الشاي العشبية وشاي "الديتوكس" (إزالة السموم)، التي تُسوَّق على أنها مفيدة للكبد، حيث قد يحتوي بعضها على أعشاب قوية قد تتداخل مع الأدوية أو ترفع إنزيمات الكبد عند استهلاكها بشكل متكرر.
تتوافق إرشادات الدكتور بانغالي مع نتائج دراسة BMC Nutrition، التي تشير إلى أن الاستهلاك المعتدل والمتوازن للشاي يدعم وظائف الكبد، بينما قد يضر الإفراط في تناوله. ويسلط الضوء أيضاً على أهمية الحفاظ على رطوبة الجسم كعامل مكمل لشرب الشاي، مشجعاً على تناول الماء العادي طوال اليوم للحفاظ على التوازن الأيضي الأمثل.