القاهرة: الأمير كمال فرج.
حظيت فكرة أننا نعيش داخل محاكاة حاسوبية، والتي روّجت لها سلسلة أفلام "الماتريكس"، طالما حظيت باهتمام العلماء والفلاسفة على مدى عقود.
ذكر فيكتور تانغرمان في تقريبر نشرته مجلة Futurism إن "الفيلسوف نيك بوستروم اقترح في عام 2003، في ورقة بحثية بالغة التأثير أنه إذا أصبحت حضارة ما قادرة على خلق أكوان محاكاة، فإنها ستنشئ منها أعداداً هائلة (قد يحتوي الكثير منها على المزيد من الأكوان المحاكاة، وهكذا)، ما يجعل من شبه المؤكد إحصائياً أننا نعيش داخل واحدة منها.
أثارت هذه النظرية مناقشات لا تُحصى واستحوذت على اهتمام شخصيات بارزة تتراوح بين إيلون ماسك ونيل ديغراس تايسون، لكن القناعة بها لم تكن عالمية.
وفي ورقة بحثية حديثة نُشرت في دورية تطبيقات الهولوغرافيا في الفيزياء (Journal of Holography Applications in Physics)، يؤكد مير فيصل، الأستاذ المساعد في جامعة كولومبيا البريطانية أوكاناغان، وزملاؤه أنهم أثبتوا أن الطبيعة الأساسية للواقع لا يمكن ببساطة محاكاتها على أي حاسوب.
باستخدام مبرهنات رياضية، جادل الفريق بأن بعض الحقائق لا يمكن فهمها إلا من خلال إدراك غير خوارزمي.
صرح فايزال قائلاً: "لقد أُشير إلى أنه يمكن محاكاة الكون. ولو كانت مثل هذه المحاكاة ممكنة، فإن الكون المُحاكَى نفسه يمكن أن يُنشئ حياة، والتي بدورها قد تخلق محاكاتها الخاصة".
وأضاف: "هذا الاحتمال التكراري يجعل من المستبعد جداً أن يكون كوننا هو الكون الأصلي، بل هو محاكاة متداخلة داخل محاكاة أخرى. كان يُعتقد في السابق أن هذه الفكرة تفوق قدرة البحث العلمي، لكن بحثنا الأخير أثبت أنه يمكن تناولها علمياً بالفعل".
جادل الفريق بأن عالم أفلاطون Platonic realm - وهو مفهوم يشير إلى مستوى مثالي يقع خارج العالم المادي ويمثل المعلومات النقية - لا يمكنه وصف الواقع باستخدام الحسابات الخوارزمية وحدها.
ويشيرون في ورقتهم إلى أن وصف كل شيء في هذا العالم يتطلب "فهم غير خوارزمي"، لا ينبع من اتباع تسلسل من الخطوات المنطقية (أي ليس شيئاً يمكن برمجته).
وقد استخدم الفريق مبرهنات عدم الاكتمال لكورت غودل، التي تنص على أن أي نظام رياضي متسق يحتوي على عبارات صحيحة لا يمكن إثباتها داخل حدود النظام نفسه.
وأوضح فايزال: "لقد برهنّا أنه من المستحيل وصف جميع جوانب الواقع الفيزيائي باستخدام نظرية حاسوبية للجاذبية الكمومية. ولذلك، لا يمكن اشتقاق أي نظرية كاملة ومتسقة فيزيائياً لكل شيء من الحسابات وحدها".
وأضاف: "بدلاً من ذلك، يتطلب الأمر فهم غير خوارزمي، وهو أكثر جوهرية من القوانين الحاسوبية للجاذبية الكمومية، وبالتالي فهو أكثر جوهرية من الزمكان نفسه".
بمعنى آخر، وفقاً لفايزال، "لا يمكن للكون أن يكون محاكاة، ولن يكون كذلك أبداً، لأن المحاكاة خوارزمية بطبيعتها"، بينما الواقع يستند إلى "فهم غير خوارزمي".
وشرح المؤلف المشارك والفيزيائي النظري لورانس كراوس: "لا يمكن أن تكون القوانين الأساسية للفيزياء محصورة داخل المكان والزمان، لأنها هي التي تُولّدهما. ومع ذلك، كان يُؤمَل طويلاً أن تتمكن نظرية أساسية حقاً لكل شيء في نهاية المطاف من وصف جميع الظواهر الفيزيائية من خلال حسابات ترتكز على هذه القوانين"، واختتم قائلاً: "ومع ذلك، أثبتنا أن هذا غير ممكن".