القاهرة: الأمير كمال فرج.
كشف خبراء من جامعة هارفارد أن طرق التحضير غير المفلترة، مثل آلة الفرنش برس French Press، يمكن أن ترفع مستوى الكوليسترول "الضار" بسبب مركبات زيتية معينة.
ذكر تقرير نشرته صحيفة Times of India إن "اختيار القهوة المفلترة، مثل التقطير أو الصب اليدوي، يزيل هذه الديتيربينات الضارة مع الاحتفاظ بمضادات الأكسدة المفيدة، مما قد يؤدي إلى حياة أطول وأكثر صحة. إنه تغيير بسيط يمكن أن تحدثه من أجل قلب أكثر صحة".
لماذا تثير القهوة غير المفلترة تساؤلات؟
بالنسبة للكثير من محبي القهوة، تُعتبر آلة الفرنش برس الطريقة الأنقى والأكثر نكهة لتحضير القهوة. إن رائحتها الغنية وطعمها الممتلئ يجعلانها المفضلة لأولئك الذين يقدرون طقوس التخمير بقدر تقديرهم للقهوة نفسها.
لكن تحت سحر هذه الطريقة التقليدية، بدأ العلم يتساءل عن تأثيرها على صحة القلب. فقد اكتشف الباحثون أن القهوة غير المفلترة، كتلك المُعدَّة في الفرنش برس، تحتوي على مركبات قد ترفع مستويات الكوليسترول بصمت. إن فهم كيف تغير طرق التحضير التركيبة الكيميائية لكوب القهوة وكيف تؤثر هذه التغييرات على جسمك يكشف لماذا تكتسب طريقة التحضير أهمية أكبر بكثير مما يدركه معظم الناس.
هارفارد: قهوتك قد ترفع الكوليسترول
وفقًا للعالمة والطبيبة الدكتورة تريشا من جامعة هارفارد، في فيديو نشرته صحيفة Washington Post، فإن طريقة تخمير القهوة يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على مستويات الكوليسترول لديك.
يكمن السبب الرئيسي في مركبات تحدث بشكل طبيعي تُسمى الديتيربينات diterpenes، وتحديداً الكافستول cafestol والكاوويول kahweol. هذه المواد الزيتية، الموجودة في حبوب البن، يمكن أن ترفع مستوى كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة LDL، وهو النوع "الضار" المرتبط بأمراض القلب.
تسمح آلة الفرنش برس أو آلات الإسبريسو لهذه الزيوت بالمرور بحرية إلى الكوب لأنها تفتقر إلى المرشحات الورقية. في المقابل، تحجز المرشحات الورقية معظم هذه الديتيربينات قبل أن تصل إلى الكوب.
بمرور الوقت، يحدث هذا الاختلاف الذي يبدو بسيطًا تأثيرًا ملموسًا على الصحة. أظهرت دراسات عديدة أن الأشخاص الذين يشربون القهوة غير المفلترة بانتظام يميلون إلى الحصول على مستويات كوليسترول أعلى من أولئك الذين يلتزمون بالقهوة المفلترة. ويبدو أن طريقة التخمير، وليس كمية القهوة نفسها، هي التي تحدث أكبر فرق.
القهوة المفلترة: تحافظ على مضادات الأكسدة وتقلل مخاطر الكوليسترول
الفرق بين القهوة المفلترة وغير المفلترة يتجاوز النكهة؛ إنه يتعلق بما ينتهي به المطاف في مجرى الدم لديك.
تبدو قهوة الفرنش برس سميكة وعطرية لأنها تحتفظ بالجسيمات الدقيقة والزيوت التي تمنحها هذا المذاق الغني. ولكن للأسف، تحمل هذه الزيوت نفسها الديتيربينات التي تتداخل مع قدرة الجسم على تنظيم الكوليسترول.
تستخدم القهوة المفلترة، مثل التقطير Drip أو الصب اليدوي Pour-over، مرشحات ورقية تزيل تقريباً كل هذه المركبات. وقد وجدت أبحاث نشرت في مجلة الطب الباطني Journal of Internal Medicine أن الأشخاص الذين شربوا القهوة المفلترة كانت لديهم مخاطر أقل للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة بمن شربوا القهوة غير المفلترة.
تزيل المرشحات الزيوت الضارة لكنها لا تزال تسمح بمرور مضادات الأكسدة المفيدة، مثل أحماض الكلوروجينيك. تدعم هذه المضادات تنظيم أفضل للسكر في الدم وتقليل الالتهاب، المرتبط بالأمراض المزمنة. هذا المزيج يجعل القهوة المفلترة خياراً يومياً أكثر صحة بكثير.
ماذا تكشف التجارب عن القهوة غير المفلترة؟
أشارت إحدى الدراسات التي حققت في تأثيرات القهوة غير المفلترة باستخدام نموذج متلازمة التمثيل الغذائي Metabolic Syndrome، إلى أن القهوة غير المفلترة حسّنت حساسية الأنسولين وساعدت في السيطرة على زيادة الوزن لدى الأشخاص الخاضعين للاختبار. ومع ذلك، احتوت أيضاً على الديتيربينات التي رفعت الكوليسترول، مما عاكس بعض الفوائد الإيجابية.
يُظهر هذا أن التأثيرات الصحية للقهوة تعتمد على تركيبتها الكيميائية المعقدة. بعض المركبات، مثل مضادات الأكسدة، تحسن الصحة الأيضية، في حين أن البعض الآخر، مثل الديتيربينات، يعمل ضدها.
خلص الباحثون إلى أن القهوة نفسها ليست ضارة بطبيعتها، لكن طريقة التخمير هي التي تحدد ما إذا كانت تأثيراتها مفيدة أم خطرة. فتركها غير مفلترة يمكن أن يرجح الكفة نحو الضرر، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يعانون بالفعل من ارتفاع الكوليسترول أو مشاكل في القلب.
هل يمكن أن تظل القهوة مفيدة لك؟
بالتأكيد. تظل القهوة واحدة من المشروبات الأكثر دراسة وفائدة في العالم. إنها غنية بمضادات الأكسدة والبوليفينولات التي تساعد على حماية الخلايا، وتعزز التركيز، وتقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني والتدهور المعرفي.
ومع ذلك، يذكرنا التناقض المتعلق بالكوليسترول بأن القهوة لا تقدم جميعها نفس الفوائد. يمكن للقهوة غير المفلترة أن ترفع كوليسترول LDL بنسبة تصل إلى 8-10% لدى شاربيها المنتظمين، وفقاً لعدة دراسات طويلة الأمد.
بالنسبة للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب، فإن أي ارتفاع بسيط ومستمر في كوليسترول LDL يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل. تقدم القهوة المفلترة بديلاً أفضل؛ فهي تحافظ على مضادات الأكسدة والكافيين مع إزالة معظم الديتيربينات.
وكما لاحظت الدكتورة تريشا، يميل الأشخاص الذين يشربون القهوة المفلترة بانتظام إلى العيش لفترة أطول من كل من غير شاربي القهوة والمفضلين لطرق التخمير غير المفلترة مثل الفرنش برس. باختصار، الأمر لا يتعلق بالتخلي عن القهوة؛ بل بتحضيرها بذكاء أكبر.
ما هي أذكى طريقة لتحضير القهوة من أجل صحتك؟
إذا كنت تستمتع بالقهوة وتهتم بصحة قلبك، فالحل بسيط: استخدم مرشحاً ورقياً.
تحافظ ماكينات القهوة بالتقطير، وأقماع الصب اليدوي ، والقهوة الباردة المفلترة بالورق، جميعها على الكافيين المنشط والمركبات النباتية المفيدة دون الزيوت المسببة لارتفاع الكوليسترول. حتى القهوة سريعة الذوبان تناسب هذا التوصيف الصحي، لأنها تُفلتر أثناء الإنتاج.
إن التحول عن الفرنش برس لا يعني التضحية بالمذاق. تسمح العديد من المرشحات الورقية الحديثة بمرور النكهة والرائحة الكاملة مع جعل قهوتك أكثر نقاءً وأخف وزناً. قد يبدو التغيير بسيطاً، ولكن على مدى أشهر وسنوات، يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في صحة القلب.
بينما تحتفل ثقافة القهوة بالفردية والطقوس، يضيف العلم الآن طبقة مهمة من الوعي. قد يؤثر تعديل بسيط في طريقة تحضيرك للقهوة على رفاهيتك على المدى الطويل أكثر مما تتوقع. لذا، في المرة القادمة التي تتناول فيها آلة الفرنش برس، توقف لحظة واسأل نفسك: هل قهوتك صديقة للقلب قدر الإمكان؟