القاهرة: الأمير كمال فرج.
يلجأ كثيرون إلى الشوكولاتة والحلويات المملوءة بمادة السيلوسيبين المكون النشط في الفطر السحري، كبديل أسهل لتجنب المذاق الكريه للفطر الطبيعي. لكن بحثاً علمياً حديثاً يدعو إلى التفكير ملياً، إذ يشير إلى أن المستهلكين قد يتعرضون للاحتيال أو حتى يعرضون صحتهم للخطر.
ذكر فرانك لانديمور في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "البروفيسور ريتشارد فان بريمن وزملاؤه قام في دراسة جديدة نشرت في مجلة JAMA Network Open، باختبار 12 منتجاً من أطعمة الفطر السحري تباع علناً في بورتلاند بولاية أوريغون الأمريكية. وكانت النتيجة مقلقة: لم يعثر الباحثون على أي أثر لمادة السيلوسيبين في أي من هذه المنتجات. والأكثر إثارة للدهشة هو أن أربعة منتجات لم تحتوي على أي مكونات نشطة قادرة على إحداث تأثيرات الهلوسة على الإطلاق.
وصرح فان بريمن، أستاذ العلوم الصيدلانية بجامعة ولاية أوريغون، لمجلة Scientific American: لم نجد أي دليل على مركبات الفطر من أي نوع، أو من أي سلالة.
مواد هلوسة مجهولة
المفاجأة لم تتوقف عند غياب السيلوسيبين، بل عثر الباحثون على مكونات لم تكن مدرجة على ملصقات المنتجات. شمل ذلك مواد هلوسة اصطناعية لم تتم دراسة تأثيراتها على صحة الإنسان بشكل وافٍ. وحذر فان بريمن قائلاً: لا نعرف ما هو الضرر الذي قد تسببه هذه المواد.
فوضى السوق الرمادي
يتم الترويج للسيلوسيبين لآثاره الترفيهية المهلوسة وللحديث عن فوائده الصحية في فتح العقل. ومع أن بعض الولايات، مثل أوريغون ونيو مكسيكو، تحركت مؤخراً لتشريعه أو إلغاء تجريمه (غالباً تحت إشراف طبي)، فإن الثغرات القانونية خارج هذه القنوات الرسمية المكلفة سمحت للمتاجر ببيع المادة بأسعار زهيدة.
هذه الحالة القانونية الغريبة ولّدت صناعة صغيرة تقنياً تعتبر قانونية، تروج لهذه العقاقير مع رقابة قليلة أو معدومة.
ونقلت Scientific American عن ميسون ماركس، أستاذ القانون بجامعة ولاية فلوريدا، قوله: الكثير من الناس لديهم فضول شديد تجاه هذه المواد. وإذا كنت في ولاية، مثل أوريغون، لا تلغي تجريمها بالكامل، فقد يتجه الناس إلى هذه المتاجر ويشترون هذه المنتجات التي تكون إما غير قانونية بشكل صارخ أو تقع في هذه المنطقة الرمادية.
وهذا ما قام به فريق فان بريمن، حيث اشتروا مجموعة من الحلويات المطاطية Gummies والشوكولاتة المهلوسة من محطات الوقود والمتاجر الصغيرة في بورتلاند لدراستها.
وصفات سرية
أظهرت الاختبارات باستخدام مطياف الكتلة وتقنية كروماتوجرافيا السائل أن سبعة من المنتجات تحتوي على مكونات غير معلنة مثل الكافيين ومركب THC (المادة الفعالة في الحشيش/القنب). هذا بحد ذاته اكتشاف خطير، إذ يستهلك الشخص مادة تختلف عما ينوي تناوله.
لكن الاكتشاف الأكثر إثارة للقلق هو وجود مادتين مختلفتين من المواد المهلوسة الاصطناعية التي لم تدرس تأثيراتها على صحة الإنسان قط، وهما: ميبراسيتين و4-هيدروكسي-ثنائي إيثيل تريبتامين. هذا يعني أن الزبائن، الذين يعتقدون أنهم يتناولون سيلوسيبين بالنسب الصحية، قد يتسببون في أضرار غير معلومة لأدمغتهم.
كما كشفت النتائج الأخرى أن اثنين من المنتجات احتوى على مادة بسيلوسين، وهي المادة التي يتحول إليها السيلوسيبين في الجسم. لكن غياب مركبات الفطر الأخرى يشير إلى أن البسيلوسين كان مصطنعاً أيضاً، مما يثير تساؤلات حول سلامة تصنيع هذا العقار.
وأوضح فان بريمن: على مر السنين، اختبرنا العديد من المكملات الغذائية النباتية. نادراً ما تجد 12 منتجاً، لا يحتوي أي منها على ما يفترض أن يحتويه. لذا، فإن عدد العينات كان صغيراً، لكن عدد المنتجات المغشوشة أو ذات الملصقات الخاطئة كان كبيراً.
فوضى تنظيمية
يشبه هذا السيناريو ما حدث في صناعة القنب (الماريجوانا)، حيث أدى غياب التشريع الواسع مع شهية المستهلكين إلى غمر السوق بمنتجات مشبوهة، تبين أن بعضها يحتوي على مبيدات حشرية ومعادن سامة.
ورغم الإيجابية في انخفاض عدد الأشخاص الذين يذهبون إلى السجن بسبب تعاطي المخدرات، فإن تأخر الإطار التنظيمي ترك فراغاً سمح للشركات المشكوك فيها ببيع سلع غير مختبرة لعملاء متحمسين وساذجين.
وفي العام الماضي، بدأت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC التحقيق في تقارير عن مرض شديد بعد تناول علامة تجارية شهيرة من أطعمة السيلوسيبين، حيث سجلت 73 حالة دخول للمستشفى وثلاث وفيات محتملة عبر 34 ولاية حتى أكتوبر 2024.
وفي الختام، أكدت لوري بروس، خبيرة الأخلاق الحيوية بجامعة ييل، للمجلة: إن التضليل في الملصقات الذي أبرزته هذه الدراسة يسبب أضراراً. ومع ارتفاع معدلات الاستخدام في جميع أنحاء الولايات المتحدة، فمن المرجح أن تزيد أيضاً الأضرار الناجمة عن منتجات التجزئة.