بينما كنت استعد لإلقاء قصيدة عن الإمارات ، بمناسبة عيدها الوطني ، في حديقة فندق الراديسون بلو في الشارقة، اتصلت بي إحدى الشاعرات من مطار دبي وقالت لي :
أنا في ورطة، لقد فاتتني الطائره ، وأنا لا أملك نقوداً ، فما العمل !
كانت هذه إحدى الشاعرات المصريات التى استضفتها في منتداي الثقافي بالأمس ، سألتها :
- هل هناك طائره اخرى ؟
فقالت أيوه ، بعد ساعتين ، بس غالية شوي .
- كم ؟
- حوالي 1000 درهم .
- ما في مشكله، استديني المبلغ من أي شخص في المطار واحجزي تذكرة , وأنا سأقوم بتسديد المبلغ له غدا -إن شاءالله - فقط دعيه يكلمني لآخذ اسمه وعنوانه .
- شكرا لحضرتك ، وأنا أول ما أوصل مصر سأسدد لك المبلغ .
- لا داعي لذلك ، فليس بين الخيرين حساب .
اتصل بي الاستاذ ناصر - وهو من موظفي مطار دبي الدولي - وقال بأنه وفر لها المبلغ ، وتمت عملية الحجز على طيران الإمارات على خير وسلامة .
الحمدالله ، ما يزال في الدنيا خير ، وما يزال في الدنيا شهامة ، عدا عن قيم العطف والخير والحنان بين الناس .
عندما قصصت هذه القصة على أحد أصدقائي - وهو على فكرة دكتور في الأدب والفلسفة - قال لي :
- اعتقد أنها ضحكت عليك ، كيف تعرف أن قصتها حقيقية ؟ وكيف تعرف بكم واحد اتصلت بهم من قبلك !
لقد زرع الشك في نفسي ، وجعل أفكاري تسافر في كل الاتجاهات ، فعزمت على الذهاب إلى الأستاذ ناصر في المطار في اليوم التالي ، والاستفسار منه عن صحة القصة .
عندما قابلت الأستاذ ناصر في اليوم التالي ، وجدته شخصاً رائعاً ، وموظفاً محترماً ، حيث أكد لي صحة القصة ، وحقيقة الموقف، قال لي بأن الطائره قد فاتتها فعلاً ، وكان الأمن قد قام بختم جواز سفرها بختم الخروج، وبذلك أصبحت رسمياً خارج الدوله، ولولا تعهد حضرتك بتوفير المبلغ لها لما استطعنا حل مشكلتها أبداً .
حمدت الله وشكرته على أن ساق لي مثل هؤلاء الناس الصادقين، والذين ليس لهم علاقة لا بالنصب، ولا بالاحتيال، فكان معروفي في محله، وكان حدسي في مكانه .
فقط أردت أن أقول لهذا الدكتور وأمثاله من المشككين - عبر هذه الحكاية- اتقوا الله قبل أن تطلقوا اتهاماتكم يميناً وشمالاً ، واتقوا الله قبل أن تتهموا الناس في ذممهم ، وفي أخلاقهم .