محمد إدريس
في مقتبل حياتي عندما انتقلت من القرية إلى المدينة ، تعرفت هناك على زملاء الدراسة في رام الله، الذين أصبحوا بمضي الوقت أصدقاء اعزاء، من ضمن هؤلاء الأصدقاء كان عزمي الزين الذي اكتشفت انه كان مطرباً ، يعشق الغناء ويحب الطرب .
ولما كان عزمي يسكن قريبا من بيتنا فقد ازدادت الصداقة بيني وبينه متانة وقوة ، وصرنا نقضي معظم أوقاتنا مع بعضنا البعض .
بالنسبة لي كان عالم الغناء والطرب عالما غريبا لم يسبق لي الخوض فيه ، حيث اقتصرت معرفتي به على أشياء بسيطة لا تسمن ولا تغني من جوع .
المهم مع مرور الزمن ومع ازدياد العشرة ، اكتشفت أشياء عظيمة عن هذا العالم الجميل ، تعرفت من خلال صديقي عزمي الزين على أشهر المطربين والمطربات كامثال ام كلثوم وعبد الوهاب وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش ، كما تعرفت على أشهر الأغاني العربية في ذلك الزمان والتي كان عزمي الزين كثيرا ما يرددها أمامي . حتى أنني حفظت بعضا منها وصرت اقوم بترديدها في في اوقات فراغي .
اكتشفت ان صوت عزمي الزين جميل جدا ، ويستطيع أن يؤدي أصعب الأغنيات ، كما في أغنية الأطلال للسيدة ام كلثوم مثلاً ، وخصوصا ذلك المقطع الصعب والتي تقول فيه " هل رأى الحب سكارى " .
كما اكتشفت ايضا أنني أملك صوتا جميلاً ، يستطيع ان يؤدي بعض الأغاني الخفيفة ، كبعض اغاني عبدالحليم حافظ، كاغنية " انا كل ما اقول التوبة يا بوي " والتي كنت اغنيها بطريقة جميلة ، كثيرا ما أعجبت عزمي الزين نفسه.
دار الزمان وارادت المدرسة أن تحي حفلاً غنائيأ ، واخذوا يبحثون عن طلبة يجيدون فن الغناء والطرب ، فرشحت لهم عزمي الزين ، الذي - عندما عرف بالقصة -غضب مني غضبأ شديدا ، وقال بأنه لن يغني ابدأ في المدرسة مهما كانت المغريات !؟
بعد ذلك عرفت ان عزمي - رغم حلاوة صوته، وقوة آدائه - إلا أنه إنطوائي وخجول ، لا يستطيع مواجهة الناس، ولا يستطيع الإطلال على الجمهور .
عندئذ اضطررت أنا لأن اتولى الموضوع ، واقوم بالغناء أمام الناس، وأمام الجمهور ، وأمري لله .
بعد بعض البروفات مع الفرقة الموسيقية ، استطعت أن أجيد واتقن اغنية عبدالحليم حافظ " انا كل ما اقول التوبة يا بوي ، ترميني المقادير " .
وكانت ليلة ، وكانت حفلة ، أعجب بها الناس ، وأعجب بها الجمهور، حيث صرت مطربأ مشهورا بين ليلة وضحاها، يحتفي بي الطلاب ، وتشهد لي الإدارة، ويحبني المدرسون !