القاهرة: الأمير كمال فرج.
بينما تتشكل ملامح المستقبل الرقمي بوتيرة غير مسبوقة، تتصاعد وتيرة النقاش حول الحدود الأخلاقية والتداعيات المجتمعية للابتكارات التكنولوجية. وفي خضم هذا الجدل المحتدم، تعود قضية حساسة إلى الواجهة من جديد لتثير موجة جديدة من المخاوف: استخدام تقنية التعرف على الوجوه في الأجهزة الشخصية القابلة للارتداء.
ذكر تقرير نشره موقع Futurism أنه "بعد فترة وجيزة من الهدوء الحذر الذي أعقب إعلانات التراجع عن مثل هذه التطبيقات المثيرة للجدل، تستعد شركة Meta لإطلاق العنان لإمكانيات هذه التقنية في نظاراتها الذكية، مما يفتح الباب واسعًا أمام سيناريوهات تنذر بتقويض أسس الخصوصية الفردية.
بعد سنوات من التعهد بالتوقف عن العمل على تقنية التعرف على الوجوه، لدى Meta خطة جديدة ماكرة، حيث تتراجع مخاوف الخصوصية إلى الخلفية.
في عام 2021، أعلنت Facebook عن تراجعها عن جهود دمج برمجيات قوية للتعرف على الوجوه في نظاراتها الذكية التي كانت في مراحلها الأولى آنذاك، مشيرة إلى المخاوف الصارخة المتعلقة بالخصوصية والأخلاقيات التي تثيرها هذه التقنية.
وبعد أربع سنوات، وكما ذكرت صحيفة The Information، قامت الشركة العملاقة في وادي السيليكون رسميًا بإحياء هذا الجهد وتعمل مرة أخرى على تحويل نظاراتها الذكية القابلة للارتداء إلى كابوس للخصوصية مشبع بتقنية التعرف على الوجوه.
تعمل Meta داخليًا على ميزة يشار إليها باسم "الاستشعار الفائق" (super sensing). في وضع الاستشعار الفائق، ستظل الكاميرات وأجهزة الاستشعار المدمجة في النظارات قيد التشغيل والتسجيل طوال يوم مرتديها.
وعلى الرغم من أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت بسبب قيود عمر البطارية، إلا أن تصور Meta لهذه التقنية يهدف إلى تمكينها يومًا ما من القيام بأشياء مثل تذكير شخص ما بالمرور على المتجر لشراء مكونات العشاء أو تنبيهه لأخذ مفاتيحه. (لأن كل رئيس تنفيذي في وادي السيليكون يريد حقًا بناء نظام J.A.R.V.I.S. من سلسلة أفلام "الرجل الحديدي").
ومع ذلك، فإن ميزة الاستشعار الفائق ستجمع أيضًا بين الذكاء الاصطناعي والتعرف على الوجوه، وفقًا للصحيفة - وهو خيار تصميمي قد تكون له آثار بعيدة المدى ومقلقة للغاية.
يمكن أن يساعد دمج تقنيتي التعرف على الوجوه والذكاء الاصطناعي في النظارات الذكية في البحث عن ملفات تعريف الأشخاص الذين قابلتهم في فعالية للتواصل المهني على LinkedIn، أو تتبع زملائك في السكن أو عائلتك. وعلى الرغم من أن هذا قد يكون مزعجًا ومريبًا، إلا أنه يعتبر أكثر اعتيادية في السياق العام لتطبيقات التعرف على الوجوه.
لكن سيناريوهات الكابوس لا حصر لها. يمكن لمرتدي النظارات فضح غرباء في الشارع؛ ويمكن لشخص مريب في حانة البحث عن اسم ومعلومات شخصية لامرأة ربما لم تكن ترغب في التحدث إليه؛ ويمكن لمسؤولي إنفاذ القانون المتخفين الذهاب إلى احتجاج سلمي وتسجيل دقيق للحاضرين.
ليس من الصعب تحديد الطرق التي يمكن أن يسوء بها هذا الأمر بسرعة - ومع ذلك، يبدو أن Meta قد قررت المضي قدمًا.
وفقًا للتقرير، تعود جهود Meta المتجددة في مجال التعرف على الوجوه جزئيًا إلى مناخ سياسي أكثر ملاءمة للمراقبة، حيث تتراجع مخاوف الخصوصية بشكل متزايد في عملية صنع القرار لدى الشركات والحكومة الفيدرالية.
وقال روب ليثرن، خبير الخصوصية والمدير السابق للمنتجات في Facebook وGoogle، لـ The Information: "البندول يتأرجح من جانب إلى آخر. نحن نوعًا ما في هذا التأرجح حيث أن بعض الأشياء التي تحدثت عنها شركات مثل Google قبل سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات لم تعد بالضرورة تُرى على أنها بنفس القدر من الأهمية."