"السنتر" لفظة يتداولها الجميع، وهي مثل وسط البلد عندنا، وهي تعني المنطقة المركزية في العاصمة التي تتجمع بها أهم المنشآت الإدارية والترفيهية والحضارية، تتوسط (السنتر) محطة KOBNHAGN كوبنهاجن، وهي محطة كبيرة تشبه محطة مصر عندنا، وإن كانت المحطة عندنا أكبر. أمام المحطة تمثال جميل يشبه مسلة مصرية تحيط به أربع فتيات، وفي (السنتر) حدائق ودور السينما وملاهٍ وبارات، ومبنى البريد الرئيسي POST ، ومسارح ومتاحف، ومكاتب، ومعلومات سياحية، وبنوك، ومكاتب صرافة لتغيير العملة، وشركات طيران عربية وعالمية، ومبنى الخطوط الدنماركية SAS ، ومكتب مصر للطيران الذي يقع خلف مبنى (سكالا) ... حتى إسرائيل لها مكتب، على شرفته يافطة ISRAEL .. وهو مكتب سياحي حسب ما اعتقد يطل على المحطة. كما يقع مقر عمدة كوبنهاجن، والذي يعد أشهر مبنى في المنطقة، ويتميز بطابعه المعماري الفريد، يجاوره مبنى فندق (بالاس) الشهير ببرجه العالي الذي يشبه المئذنة، وتعتبر الساحة الموجودة أمام مبنى مقر العمدة، أشهر وأكبر تجمع للسياح والمواطنين والمتنزهين. وتتميز المنطقة بمجسم رائع لنافورة من النحاس يعلوها مجسم لبقرة تصارع كائنا أسطورياً يشبه التنين أو الديناصور .. وهو تمثال ينطق ببراعة الصانع، وبالقرب منه تمثال آخر لرجل جالس على مقعد، وفي يده اليمنى عصا، بينما تمسك يده اليمنى كتاباً ، ويرتدي قبعة طويلة، ويتوالى السائحون لتصوير هذه التماثيل البديعة على مدار اليوم. وتعتبر الساحة المقابلة لمبنى مقر العمدة المسرح المفتوح للمدينة، بها تقام المهرجانات الموسيقية، والانتخابات، وحفلات السمر، والأنشطة الإعلامية الموجهة للجمهور، في أحد الأيام فوجئت بعربات كبيرة تحمل كتلاً كبيرة من القش والعمال ينقلون هذا القش إلى ساحة الميدان، والنجارون يشيدون بيوتاً خشبية تقليدية صغيرة. وفي غضون ساعات تحولت الساحة الأنيقة إلى ما يشبه قرية متواضعة من القش، الأكشاك الصغيرة يجلس بداخلها أطفال صغار يطلون من فتحاتها في براءة ودعة، طفلة أخرى تجلس، وتبيع بعض الحلوى في صناديق متواضعة مصنوعة من الكرتون، عندما سألت فوجئت أن ما يحدث الآن ما هو إلا مظاهرة سلمية طريفة للتضامن مع الفقراء والمشردين، إنهم هنا يحاولون غرس التعاطف مع الفقراء في الأطفال منذ الصغر. وفي "السنتر" مزيج متنوع من البشر، .. سياح من اليابان والصين وإيطاليا وغيرها، شباب من الجنسين بتقاليع غريبة، تتمثل في حلق الشعر بطريقة معينة، أو حلقه تماما، أو ارتداء أكثر من حلق في الأذن، أو وضع حلقة معدنية في الأنف، أو تركيب حلق في الشفاه، أو تركيب دبوس فضي في الجلد أسفل العين، وأحياناً في الجفن، أو تركيب قطعة معدنية في الشفاه السفلى، أو تركيب حلقة بين العينين، أو ارتداء طوق في الرقبة مثل طوق الكلاب به أسنة خارجية مدببة، وارتداء سويترات مليئة بالنتوءات الحديدية الغريبة .. وهكذا عشرات التقاليع التي يقبل عليها الشباب بشغف، وكأنما هذه التقاليع الغريبة هي التي تحقق ذاته ووجوده. إذا تأملت حولك ستلتقط عيناك مشاهد غريبة، فهذا شاب نائم على الأرض بطريقة غريبة، ولا يشعر بكل هذا الضجيج حوله، يبدو من طريقة نومه أنه من مدمني المخدرات، شاب وفتاة يرتديان الجينز يتخاصران، ويمشيان معاً ككتلة واحدة ..، الفتاة الصغيرة تداعب الشاب، وتضربه على مؤخرته، فما كان من الشاب إلا ويعاملها بالمثل، ويضع يده في منطقة حساسة فيها ، فتقفز الفتاة وتضحك، فتاتان صغيرتان جالستان على الأرض، واحدة تصفف شعر الأخرى في حنان غريب، وفخذاها الأبيضان يلمعان في ضوء النهار، يشربان معاً نوعاً من الشاي المثلج. فتاة تراقص شاباً شعره مزيج من جميع الألوان.. فتاة شقراء ترتدي نظارة سوداء، ذراعاها عاريان تحتضن على صدرها كتاباً، وتبتسم من بعيد، كلبان صغيران من نوع "الكانيش" تركا صاحبتهما ، وراحا في لقاء حميم، بينما صاحبتيهما ممسكتان بحبليهما تراقبان الموقف، وتبتسمان، فتيات وشباب يفترشون الأرض .. يتحدثون ويتسامرون، وكأنهم في بيوتهم، بائع شاب يدور بصندوق خشبي، وينحني على الجالسين في الساحة يبيع شيئاً ما.