تتمتع المملكة هنا بإعلام متطور، ففي مجال الصحافة توجد عشرات الصحف والمجلات التي تصدر يومية وأسبوعية وشهرية، وتتعدد مجالات هذه المطبوعات بين العامة والمتخصصة، كما يوجد نوع جديد من الصحافة هو (صحافة الأحياء)، حيث يصدر كل حي جريدة صغيرة بحجم التابلويد ترسل بالبريد دورياً لسكان الحي، وهي ذات هدف إخباري وتسويقي، وتتميز هذه المطبوعات بالطرح الجيد والإخراج المتميز. وفي مجال الإعلام المرئي يوجد عدد من القنوات التلفزيونية التي تبث برامجها على مدار الساعة، والمواد التي تقدمها هذه القنوات معظمها أميركية، أفلام ومسلسلات وبرامج، من هذه البرامج برنامج المذيعة الأميركية السمراء الشهيرة أوبرا وينفري، حيث يحقق برنامجها أعلى نسبة مشاهدة في الولايات المتحدة الأميركية، ويقدر عدد مشاهدوه بالملايين، وتعتبر هذه المذيعة الأكثر دخلاً في العالم، حيث يصل دخلها السنوي إلى 150 مليون دولار، ويصدّر برنامجها إلى 120 دولة في العالم، هذا بخلاف عدد من البرامج المحلية التي تدور في فلك البرامج الترفيهية والمنوعات. وبما أن الإعلام في الأساس مرآة للمجتمع، فإن الإعلام الدنماركي عموماً إعلام متحرر، يقدم المشاهد العارية، والآراء الصريحة بلا أي تحفظ، مثال هذا البرنامج الذي شاهدته والذي يدور حول "الجنس" ، ويستطلع آراء شباب وفتيات عن هذا الموضوع، ويقدم اعترافاتهم الجريئة والفاضحة، أحدهم تحدث وقال إنه يفضل أن يمارس الجنس مع فتاتين دفعة واحدة!، برنامج آخر يدور حول كيفية تنفيذ تقاليع الشباب مثل وضع حلق في الجفن، أو الوجه، أو في "الصرة"، ووشم أماكن معينة في الجسم برسومات غريبة، تستلقي الفتاه بينما الخبير بمثل هذه الأمور يقوم بغرس الحلقة المعدنية في جلدها بلا ألم، المشكلة أنني اكتشفت أن من بين التقاليع أيضاً وضع حلقة معدنية في أدق منطقة من جسد الفتاه ..!. ومن البرامج التي يتكرر بثها هنا هذا البرنامج الإعلاني الذي تذيعه القناة الثانية، والذي يدور حول (جاميكا)، والبرنامج يهدف إلى الترويج السياحي لهذا البلد، وفيه يقدمون للمشاهد الكثير من اللقطات والمشاهد الفاضحة، والتعليقات المثيرة بصورة تؤكد أن هذه الجزر هي جزر الإباحية المطلقة. قالت لي ماريا "لا تشاهد هذه القناة فهي قناة سيئة"، وهذا يؤكد أن فئة من الدنماركيين يرفضون هذا اللون من الإعلام، ويؤمنون بخطره على الأسرة. ولكن إذا جنبنا المحتوى من التقييم، سنلاحظ أن الإعلام التليفزيوني متطور فنياً، ولعل الدليل على ذلك البرنامج الخاص الذي قدمته إحدى القنوات عن استعدادات نيجيريا لمباريات كأس العالم التي تقام على أراضيها، وكيفية الاستعدادات، مثل مكافحة الحشرات، وإعداد الملاعب والتجهيزات الفندقية رغم تواضع ا لإمكانيات. أيضاً هذا البرنامج الذي يتضمن مسابقة يشارك بها عدد من الشباب من الجنسين، تتخذ المسابقة شكل الرحلة إلى إحدى الأماكن السياحية، وتتابع الكاميرا المتسابقين خطوة خطوة، في غرفهم، أثناء تناول الطعام، في رحلاتهم الخارجية، ويطرح على المجموعة عدة أسئلة، وباستمرار الأسئلة هناك من يتقدم، وهناك من يتراجع، أما الفائز فيحصل على جائزة مالية كبيرة، لفت نظري في هذه المجموعة من المتسابقين وجود شاب أسمر اللون اسمه طاهر ، مما يوحي أنه عربي الأصل، وهذا يؤكد مجدداً انخراط الأعراق المختلفة داخل المجتمع الدنماركي، واستيعاب المجتمع ذلك. أيضاً من الشواهد على التطور التقني في هذا المجال، الإعلانات التليفزيونية التي تقدم على الشاشة، والتي تكشف لنا تطور صناعة الإعلان هناك من حيث الفكرة والتصوير والجرافيك، وغيرها من مقومات الإعلان، ولعلنا نذكر الإعلان الشهير الذي يبث في التليفزيونات العربية عن أحد أنواع الزبد الدنماركي اسمه لورباك LURPAK، والذي يدور حول فكرة تدليل البقرة حتى تعطي أجود الألبان، والتدليل هنا يأخذ شكلاُ كوميدياً مثل مساعدة البقرة على لعب الكرة، وإحراز الأهداف، وذلك بأن يقوم بعض الرجال بتحريك الشباك هنا وهناك حتى تدخل الكرة فيها التي ضربتها البقرة، أو يجعلها تقرأ كتاباً في السرير، وبجوارها شخص يشير لك لكي تخفض صورتك حتى لا تزعجها ..! وفي الوقت التي تفرد القناة الثانية فيه مساحة كبيرة للمواد الإباحية، تلمح تحفظاً واضحاً في القنوات الأخرى، وعددها ثلاث قنوات. في أحد الأيام استرعى انتباهي وجود إذاعة عربية تبث برامجها في الدنمارك باللغة العربية، إذاعة راقية نقية الصوت تقدم على مدار الساعة أغنيات لهاني شاكر، ومحمد عبدالوهاب، وفريد الأطرش، وغيرهم من المطربين العرب، وتتلقى مكالمات المستمعين التي تعبر عن الفرح لوجود هذه الإذاعة العربية التي تبث الدفء في جليد الغربة.