بمجرد أن دخلت غرفتي التي أقيم بها، أردت الصلاة، ولكني وقعت في حيرة شديدة، وذلك بسبب عدم معرفتي بالقبلة، أو مواقيت الصلاة، والسؤال هنا غير وارد، فلا أحد هنا يتحدث العربية، أو يعرف شيئاً عن الإسلام، لذلك قررت الصلاة بالنية، أما مواقيت الصلاة فقد اعتمدت أيضاً النية في تحديدها، فقمت بالصلاة بالتقريب مع توقيتات مصر، وابتهل إلى الله أن يغفر لي، ويتقبل عذري. في اليوم الثالث، وبينما كنت أتجول في الحي الذي أقطن به، طالعتني فجأة لافتة مكتوب عليها (NUSRAT DJAHAN MOSKEEN) وتحتها بحروف عربية عبارة (مسجد نصرت جهان) ففرحت، وتتبعت اللافتة من شارع لآخر حتى رأيت مشهداً مهيباً رائعاً، مسجد كبير، المسجد مبني على الطريقة الغربية، فالقبة كبيرة تحيط بكامل السقف، انشرح صدري، وهتفت "الله أكبر". اقتربت من المسجد، كانت هناك عبارة غالية مكتوبة بالخط الكوفي أعلى الباب هي "لا إله إلا الله .. محمد رسول الله"، كانت فرحتي لا توصف، فقد قادني الله إلى ما كنت أتمناه، توجهت ببطء إلى باب المسجد، وكان مغلقاً، مددت يدي وطرقت الباب، بعد لحظات خرج لي شخص على وجهه وملابسه آثار طلاء، عرفته بنفسي فرحب بي ودعاني للدخول. لقد كان عبدالمقصود أحمد إمام المسجد يقوم ببعض الإصلاحات والدهانات في بعض أجزاء المسجد، وهو شاب باكستاني في العقد الثالث، يتحدث الإنجليزية بطلاقة بالإضافة إلى الأوردو لغة بلاده، ولكنه لا يتحدث العربية مطلقاً، دخلت إلى المسجد وصليت ركعتين تحية للمسجد وأنا في قمة السعادة، فها هو الإسلام العظيم يصل بنوره إلى هذه القبة البعيدة، وفي قلب الغرب ترتفع راية "الله أكبر" ..! سألت عبدالمقصود عن المسلمين هنا، ولماذا لم يأتوا للصلاة رغم أن الوقت الآن هو وقت صلاة الظهر، فأخبرني أن عدداً منهم يأتي للصلاة يوم الجمعة فقط، استغربت لذلك، الصلاة يوم الجمعة فقط!، وأردف عبدالمقصود: "يمكنك لقاؤهم ومحاورتهم في ذلك التوقيت"، أخبرني عبدالمقصود باتجاه القبلة ومواقيت الصلاة. تذكرت وصية إبراهيم عليه السلام لبنيه حيث قال: "يا بني إن الله اصطفى لكم الدين، فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون)، فهمست في سري "اللهم توفني مسلماً وألحقني بالصالحين".