وفي قلب كوبنهاجن وبالقرب من محطة السكك الحديدية الرئيسية "السنتر" يوجد "شارع الحب"، والتسمية من عندي، وربما تكون كلمة "الحب" هنا غير دقيقة، لأنه المفروض أن يسمى "شارع الجنس"، وحتى لا نظلم الجنس نفسه كظاهرة طبيعية حللها الله، فإنه من المفروض في رأيي أن نسميه "شارع الجنس غير المشروع"، أو "شارع الدعارة"، كما أن عبارات "بيع الحب"، أو "ممارسة الحب" أصبحت مألوفة في كتاباتنا وهي بالطبع تعني "الجنس". وشارع الجنس اسمه Istedgade ، في نقاش مع زميلة دنماركية استغربت وصفي لهذا الشارع بالشارع السيئ، وربما يتفق البعض معها في ذلك، لأنه ليس معنى وجود محلات بيع الجنس به أن يوصم بالسوء إلى الأبد، فضلاً عن ذلك هو شارع رئيسي به العديد من المنشآت الحيوية والمعالم الحضارية، ففيه شركات ومدارس، وبه أيضاً مقر للصليب الأحمر الدنماركي Dansh Rode Kors الذي يجمع التبرعات المالية والعينية للمشردين وضحايا الكوارث في العالم. إذا تتبعت الفترينات في الشارع ستجد فترينات لعروض مسرحية، وفساتين زفاف وتمثال بوذي ذهبي، ومطاعم، وصالونات حلاقة وغيرها ..، كما أننا بالطبع لا يمكن أن نستبعد وجود شرفاء يقطنون به. توجد في الشارع مجموعة من محلات بيع الجنس، في فتارينها كل ما تفتق عنه الذهن الغربي من خلاعة ومجون، إذا تجرأت ونظرت في الفاترينة سترى عجباً.. أدوات للجنس والشذوذ والأفلام والصور الفاضحة، كل ذلك معروض مثلما تعرض أي سلعة في أي محل قطاع عام، من هذه المحلات EXCITING SEX SHOP, DELTA LOVE SHOP. أثناء تجوالي في هذا الشارع انتبهت على صوت امرأة جميلة واقفة على أحد هذه الحملات تبتسم، وتدعوني بإلحاح للدخول، فوجئت بها، واحترت ماذا أقول ؟، بعد لحظات قلت لها: "أنا في انتظار صديقة سوف ندخل معاً"، وانطلقت بسرعة دون أن أنظر خلفي، وأنا أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.. بالمناسبة احذر في حديثك مع هذه النوعية من النساء، لأن العهر وصل بهن إلى أبعد مدى، ربما إلى الحد الذي قد تمد المرأة يدها، وتأتي بحركة تخدش حياءك، وأنت تمشي ضع يديك على أسفل البطن .. أسلم ..! أيضاً توجد محلات لممارسة الدعارة اجتهد أصحابها في جذب الزبائن بالفترينات المثيرة والعناوين والرسوم البراقة، مثال هذا المحل الذي يعلق لافتة محاطة بالقلوب مكتوب عليها (ASIAN BEAUTY) أي (الجمال الآسيوي)، ومن العنوان نفهم أنه يقدم للجمهور الدعارة الآسيوية!، ومما يزيد الطين بله كما يقولون أن هذا الشارع يوجد به مركز للشواذ اسمه (COPNHAGEN CENTER GAY). يضم أعضاء من الشواذ، والعياذ بالله ..! وفي أحد الشوارع المتفرعة من شارع ISTEDGADE توجد شقق صغيرة أرضية عليها عبارة MASSAGE وعبارة "المساج" معناها المستتر هو الجنس، وهي شقق يرتادها راغبو المتعة الرخيصة، بعض هذه الشقق تعلق لافتة Bussy وهي كلمة تقدم المعنى نفسه. ولكن الملاحظة التي لاحظتها أن مثل هذه الأماكن تعاني من الكساد الحاد، ولا تتمتع بالإقبال كما يظن البعض، فهذه الفترينات الفاضحة شيء عادي جداً هناك، ولا يلتفت إليها أحد، ونادراً ما تجد شخصاً يقف أمامها، وإذا حدث ورأيت من يقف أمامها، سوف تكشف أنه لا يتعدى كونه سائحاً منبهراً بهذه الأشياء، وليس من قاطني البلاد. من ذلك يتضح أن إباحة الجنس لم تؤد إلى انتشاره، بل أدت إلى تحجيمه وكساده، وكل ممنوع مرغوب كما نعلم، أتذكر أن هناك مدرسة في الرسم تتبنى هذا الاتجاه، وهو اتجاه تهذيب النفس بالرسوم العارية، في الماضي كتب الكاتب الراحل موسى صبري مقالاً شهيراً نشر بجريدة (أخبار اليوم) طالب فيه بإعادة البغاء متعللاً بأن إباحة الشيء أقصر الطرق لتقليله، وفي أحد السنوات وقف عضو مجلس الشعب في البرلمان مطالباً بإباحة الحشيش، وذلك للقضاء عليه، المهم ليس لنا دعوة ..!. ووصل الشطط في الدنمارك إلى اعتزامهم إقامة مهرجان دولي للجنس، يتطوع فيه شباب وفتيات إلى ممارسة "الحب" علنا أمام الناس ..!، استعراض مفتوح للحب والجنس، للثقافة الجنسية أم الإثارة .. لا أدري ..!! ذهبت إلى شارع الحب، وصورت بيوت الدعارة، وتجرأت وطرقت أحد هذه البيوت، وسألت عن الأسعار، قالت الغانية "15 دقيقة جنس بـ 400 كرونا"، عندما رأتني الغانية الجميلة على وشك الانصراف قالت لي : "لن تجد أرخص مني في المنطقة" ..! عندما انصرفت ظللت أفكر في العبارة الأخيرة التي قالتها الغانية، وتساءلت في نفسي .. ربما الغانيات في هذه المنطقة اجتمعن، وقررن توحيد سعر السوق حفاظاً على الصنعة من الزوال ..؟!. صحيفة دنماركية نشرت أن لجنة المراجعات في قسم الضرائب في الدنمارك اعتبرت أن بائعات الهوى من حقهن أن يستفدن من خفض تكلفة عمليات التجميل لتكبير صدورهن، وذلك باعتبار أن ذلك يدخل ضمن النفقات المهنية ، واعتبرت اللجنة أن امتلاك صدر كبير يعتبر عاملاً مساعداً على الصعيد المهني ..! عندما تبيع المرأة جسدها ... تموت الحضارة ..!