كما أن الرقص البلدي والشرقي صناعة مصرية، الديسكو صناعة غربية، حيث يقدس الأوربيون هذا النوع من الموسيقى، ففي أميركا مثلاً يعتبرون موسيقى الجاز جزءاً من الشخصية الأميركية وأحد عوامل الإلهام بها. وفي الدنمارك يعتبر الديسكو أحد المظاهر الأساسية في ثقافة هذا الشعب، الموسيقى ليست علماً أو فناً، ولكنها حالة تجري في دمه، مازلت أتذكر الفتاة الصغيرة التي كانت ترقص في الميدان لوحدها على أنغام الفرقة الموسيقية، كانت الفتاة ترقص بجسدها وروحها ومشاعرها، الموسيقى غيبتها تماماً عن الواقع، فأصبحت عصفورة ترقص في النار. ونظراً لأن يوم الأحد هو العطلة الرسمية هناك، فإن ليلة السبت هي الليلة الموعودة، ليلة السهر والأنس والفرفشة، بها يخرج الجميع، الأسر والأحبة والأفراد والمجموعات لقضاء السهرة في البارات والمراقص حتى الصباح ، وأحياناً ما بعد الصباح. الساعة الآن التاسعة من مساء السبت، دعاني صديقان مصريان لقضاء الليلة في الديسكو، الأول "صلاح" شاب ناجح يعمل في إحدى شركات الصيانة متزوج من دنماركية، وله منها طفل جميل، والآخر "أيمن" شاب جامعي متزوج، الأول دون جوان حقيقي، له القدرة الكبيرة على اصطياد النساء، عندما يدخل حلبة الديسكو ويرقص لا يمكن أن تصدق أنه مصري، وكان بحق مرشدنا لأسرع الطرق للتعرف على فتاة، وكنا ننصت إليه أحياناً كالتلاميذ، ونراقبه أحياناً أخرى، ونرى كيف يمكنه الإيقاع بفتاة في دقائق. أما أيمن فكان من النوع الغشيم، قروي من محافظة المنوفية، وجد نفسه فجأة في عالم الأحلام، لذلك فهو حمار في معاكسة النساء، إذا اقترب من إحداهن ليحادثها يفتح فمه، ويرفع رأسه بطريقة لا إرادية فيثير شكله الضحك، ولكن العجيب أنه كان ينجح في الإيقاع بالفتيات، أرزاق ..! يقولون عنه أنه ربع مليونير، لا عمل له إلا العمل، فهو يعمل أكثر من 12 ساعة في مطعم درجة أولى يقع في منطقة شهيرة بجوار التيفولي، وهو متزوج هو الآخر من دنماركية ، ولكنها تقطن في مدينة أخرى، وعندما سألته: "لماذا"، علمت أنها تدرس، وكليتها تقع في مدينة مجاورة، ويلتقيان كل أسبوع، عندما سألته عن تجربة الزواج من دنماركية، أجاب بأسى وقال: "لا أنصحك.." ..!، لم أود الاستطراد معه في ذلك، فمن رده تشعر أنه مر بتجربة مريرة. الآن نتأهب للنزول، صديقي صلاح أشار معترضاً على ملابسي التي كانت عبارة عن بدلة كاملة، واقتراح أن أرتدي زياً مختلفاً حتى أكون على حريتي، واقترح أن ارتدي سويتر حتى أكون مثل مواطن البلاد، وحتى لا يعرف الناس أنني غريب، .. منطق سليم ، فمن زيك سيعرف الناس أنك سائح، ومن الممكن أن يجعلك ذلك هدفاً للنصب أو السرقة، وافقت وغيرت ملابسي بسرعة فهو الأدرى، و"أهل كوبنهاجن أدرى بشعابها" ..، خرجنا ثلاثتنا، في الطريق أخذنا نصفر ، ونغني أغنيات مصرية شعبية .. في القطار المتوجه من "فودوفغا" إلى "السنتر" كانت هناك كثافة غير عادية من الركاب، والسبب معروف، فالجميع متجهون إلى وسط البلد لقضاء ليلة العطلة ..، جاءت جلستي كالآتي .. أنا وبجواري إحدى الفتيات، وأمامي الصديق صلاح وبجواره شخص صامت تبدو عليه ملامح القسوة، أما صديقنا أيمن فكان بجوارنا في المقعد الآخر، وبجواره شاب تركي يتحرك كثيراً .. الجالسون في القطار من شباب وفتيات لا يتكلمون، لماذا لست أدري، تلك الملاحظة التي استرعت انتباهي دائماً ..، لطالما أبديت هذه الملاحظة في أكثر من نقاش، وتساءلت لماذا هذا الصمت المطبق على الجالسين في القطار ..؟، ربما لأنني تعودت على ضجيج قطارات مصر، وباعة الكازوزة، والأمشاط، والمناديل، والشحاذون الرواة، وحكاياتهم التي تقطع القلب.. الشاب التركي الذي يتحرك كثيراً يضع يده في جيبه، وينتقل إلى شاب يجلس في المقعد الذي ورائي وبجواره فتاته، يحدثه التركي الشاب ويده في جيبه محاولاً إقناعه بشيء ما، التفت لأرى الشاب التركي، كان يحمل في يده قطعة حشيش كبيرة الحجم، إذا ضبطت مع شخص في مصر سوف يأخذ تأبيدة، وراح التركي يحاول إقناع الشاب بشرائها، تابعت المناقشة. التركي يعرض قطعة الحشيش بـ 600 كرونا ، ويواصل تشويق الشاب وإغرائه من حين لآخر بشم قطعة الحشيش، لكي يثبت له جودة الصنف، عندما لم يجد منه قبولاً أنزل السعر إلى 500 كرونا، فلم يتحمس الشاب، وعندما لم يفلح مع هذا الشاب، انتقل التركي إلى صديقي صلاح الجالس أمامي، وراح يعرضها عليه. أخرج صلاح إحدى يديه من البالطو الأسود الذي يرتديه بهدوء، وتناول قطعة الحشيش وقربها من أنفه، وشمها كالخبير، ثم أعادها بهدوء لصاحبها معتذراً متعللاً بأن هذا الصنف لا يحبه، أعاد الشاب محاولاته، وأنزل سعرها إلى 400 كرونا، ثم 300 كرونا، ثم أنزلها يائساً إلى 200 كرونا، يا بلاش، سعر ضئيل جداً لقطعة من الحشيش تقترب من حجم كف اليد، وعندما رأى صلاح إلحاح التركي أخبره أنه بفضل الكحول، وأكمل حديثه مع الرجل الغامض ذو الملامح القاسية الجالس بجواره محاولاً جره للمناقشة، "ألا تفضل الكحول؟"، فأشار الرجل بإيماءة تعني الجواب. وانتقل صديقي صلاح للحديث معي مخففاً من انزعاجي من هذا الموقف، ليخبرني بكل هدوء أن الكحول أفضل من الحشيش، فأشرت له بالإيجاب، وكأنني خبير في الكحول ومدمن محترف .. انتقل الشاب التركي عارضاً قطعة الحشيش على آخرين، وبعد دقائق توقف القطار في محطة (السنتر) ونزلنا، سارعت إلى صلاح وسألته عن الأمر، وأنا أتابع الشاب التركي وهو يضرب أحد الشباب على كتفه، وهو يمشي بعد أن يئس من بيعه البضاعة، قال لي الصديق المقيم بالدنمارك منذ سنوات أن الشخص الغامض ذو الملامح القاسية، والذي كان جالساً بجواره ما هو إلا تاجر مخدرات، وهو "يسرّح" هذا الشاب التركي ليبيع، أما هو فيراقب من بعيد، وهذا أسلوب معروف في بيع المخدرات. سألته عن كيفية تعامله مع هؤلاء، قال لي " إذا أقمت في هذه البلاد يجب أن تكون يقظاً وإلا ستضيع، يجب أن يكون لك أربعة عيون، تمشي وعينك تلمح بذكاء ما يحدث بجانبك وخلفك". سألته عن الطريقة التي كان يتحدث بها، قال لي: "إنني كنت "أقلبهم" لأعرف ماذا يريدون بالضبط" ..! روى لي صلاح أنه في أحد المرات قابل مجموعة من المتعصبين الذين لا يحبون العرب، وأرادوا التحرش به والتصادم معه، فما كان منه إلا أن تعامل معهم بثقة كاملة، اقترب منهم، ووضع إحدى يديه في جيب سترته، فظن المتعصبون أنه يحمل سلاحاً ، فانصرفوا بسرعة كالأرانب عندما تسمع وقع الأقدام ..! بعد دقائق من المشي وصلنا إلى ملهى (البارون) أشهر ملهى وبار في العاصمة، تتميز واجهته بوجود تمثالين من الحديد لفارسين يرتديان خوذات القتال وفي أيديهما الأسلحة، وهو يقع مقابل "التيلولي"، شاب مفتول العضلات حليق الشعر أشبه بالبودي جارد يقف على الباب يشرف على تنظيم الدخول، سعر الدخول للفرد 30 كرونا، ما أن أخذنا موقعنا في الصف، وبدأنا نتجاذب الحديث مع فتاة جميلة واقفة معنا حتى فوجئنا بأخونا البودي جارد يخبرنا أن الدخول بالملابس الرسمية، أسقط في أيدينا جميعاً، ونظر كل منا إلى ملابسه، فلا أحد منا يرتدي الملابس الرسمية، وكانت مفاجأة .. الغريب أنني كنت في البداية مرتدياً البدلة الكاملة، ولكني أذعنت لرأي الصديق صلاح فارتديت السويتر ، وقلنا أن أهل كوبنهاجن أدرى بشعابها، تذكرت الفنان حسين فهمي الذي منع في إحدى دورات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الجمهور من الدخول إلا بالملابس الرسمية، وكيف قامت عليه الدنيا ولم تقعد حتى الآن، تذكرت إدارة دار الأوبرا المصرية التي طبقت هذا النظام لفترة، وثارت عليها الأقلام ، وتبارى رسامو الكاريكاتير في السخرية منها، الآن أنظروا .. بار ..مجرد بار ، ويشترط الدخول بالملابس الرسمية ..! التفت إلى الأصدقاء قائلاً .. ما العمل ..؟، اقترح أحدهم أن نعود إلى المنزل لنغير ملابسنا، ولكن الآخر تعلل أن الوقت تأخر والسهرة ستضيــــع، واستــقر الأمر على أن نذهب لملهى آخر ويبعد عن موقعنا بمحطتين، وهو أيضاً ملهى شهير به "إمكانات" عالية. ركبنا الأتوبيس متوجهين إلى الملهى الآخر، وبعد أقل من عشرة دقائق وقف الأتوبيس أمام الملهى، مظهر الملهى من الخارج لا يوحي أنه يعمل، الشارع غير مضاء والأضواء خافتة، حتى أننا لا نعرف أين الباب الرئيسي المخصص للدخول، لا يوجد أي شخص يمكن سؤاله عدا شاب يقف على الباب، سألناه : هل الملهى يعمل أم لا ..؟، فأجاب بالإيجاب، ولكنه أخبرنا أنه اليوم (Full) أي كامل العدد. حاولنا إقناع الشخص بإيجاد تذاكر لنا فاعتذر بأنه لا يستطيع، الإحباط تجسد على وجوه ثلاثتنا، والسهرة ستضيع، قال صلاح موجهاً كلامه إلى الشاب: "سندفع 100 كرونا للتذكرة"، فأشار معتذراً، فأردف بجدية "سندفع 200 كرونا للتذكرة" فأشار الشاب مرة أخرى بإيماءة النفي، أصبنا جميعاً بالخيبة، فانصرفنا يائسين..، بعد أن انصرفنا سألت الصديق: "هل كنت تنوي دفع 200 كرونا في التذكرة"، أجاب: "بالطبع لا ولكن حتى أجعله يتحسر على ضياع مثل هذا المبلغ منه طوال الليل" .. تذكرت أيام الشباب عندما كنا في مسرح رومانس بالقاهرة، حيث كنا نقطع تذكرة المسرحية فئة الخمسين جنيهاً، وبعد دخولنا المسرح، وجلوسنا في مقاعدنا الخلفية، نتفاوض مع عامل الصالة الذي يحمل كشافاً في يديه، ويرشد المتفرجين إلى مقاعدهم، نعطي له خمسة جنيهات، فينقلنا إلى الأماكن المخصصة للتذاكر فئة المائتي جنية، ولكن ذلك يتم بعد المشهد الأول بطريقة التهريب، عندما تظلم الصالة، نتحرك بسرعة إلى المكان الجديد، ونهز رؤوسنا في براءة وكأن شيئاً لم يحدث. استقر الأمر على الذهاب إلى ملهى "قرديحي" والسلام حتى لا تضيع السهرة، ركبنا الأتوبيس مرة أخرى عائدين إلى "السنتر" وفي شارع قريب دخلنا ملهى ، وكان الدخول بلا مقابل، ألم أقل لكم ملهى قرديحي. الملهى في الدنمارك عالم غريب له طقوسه الفريدة، إذا تصدى روائي مثل نجيب محفوظ للكتابة عنه سيكتب رواية كاملة عن شخوصه وأحداثه وأطواره، عند دخولك ستصعد بعض الدرجات لتجد على يسارك طابوراً من الناس شباب وفتيات يقفون أمام شباك صغير يقف به عامل، كل شخص يخلع السويتر أو جاكيت البدلة التي يرتديها، ويعطيها للعامل، فيحفظها لديه في دواليب خاصة ، ويعطيك رقماً معينا، وذلك مقابل عشرة كرونات، عند الخروج تقدم له الرقم لتحصل على السويتر أو جاكيت البدلة الخاصة بك. بعد ذلك تدخل صالة الديسكو، الصالة مزدحمة عن آخرها بالرواد، لا مكان لقدم، الناس يتحركون بصعوبة في الزحام، وموسيقى الجاز الصاخبة تصم الآذان، والجميع يرقصون، ومن لا يستطيع الرقص لعدم وجود المساحة الكافية يرقص بيديه المرفوعة عالياً، أما البار فيبدو من بعيد يقدم لزبائنه كافة المشروبات من المياه العادية إلى الكحول. رغم الزحام الشديد أوجد لي صديقي مكاناً استراتيجياً على "البست" مباشرةً، أما هو وصديقنا الآخر فقد وجدا أمكنة متباعدة، الموسيقى لم تزل صاخبة، شباب وفتيات من جميع الأعمار يرقصون رقصة النار، إيقاع الجاز الصاخب يملأ الهواء، يدخل في الشرايين ويسري في الدم، فتتحول الأجساد إلى كائنات راكبها عفريت، إذا نظرت حولك سترى مشاهد مثيرة، شاب وفتاة تركا هذا الجو الصاخب، وصنعا لنفسيهما جواً خاصاً غاية في الرومانسية، الأجساد متعانقة، والشفاه تتهامس وتتخانق، والإثنان غارقان في دوامة العشق الجسدي، هي تحيطه بيديها، وهو يتجاوز فيحيطها، ويدخل يده في جيبتها من الخلف .. مشهد آخر لشاب منهمك في تقبيل فتاته، يندمجان معاً فيميل بها الشاب على المنضدة أمامي، فتصبح مجبراً على المشاهدة، أين تنظر إذن، في السقف؟، مشهد يضارع ما تقدمه مشاهد السينما العالمية، أحاول غض البصر فلا أستطيع. مشهد ثالث .. فتاة وشاب يتراقصان، ويقبلان بعضهما على الطريقة الفرنسية، الشفاه متلاحمة، والألسن تتصارع الصراع الأخير، والاثنان غارقان في غيبوبة الحب والجنس، وهذا شاب وفتاة نائمان على أحد المقاعد في وضع جنسي فاضح، ولكنهما يرتديان ملابسهما. إذا رأيت مشهداً كهذا في البار، أو محطة الأتوبيس، أو أي مكان عام لا تندهش، فمثل هذه المشاهد عادية جداً، إذا أردت الفرجة أنظر على كيفك، ولكن لا تبحلق فيهما حتى لا تخدش حيائهما، فيأتي البوليس ليجذبك من قفاك، فقط تفرج من بعيد .. عالم غريب، كل شخص له عالمه الخاص، فهذا رجل لعبت الخمر برأسه فصعد على أحد الطاولات، وأخذ يرقص رقصات غريبة، وفي يده كأسه الممتليء، وهذه فتاة لم يمنعها الجلوس من الرقص فأخذت ترقص وهي جالسة، وهذه مجموعة من الأصدقاء يقرعون الكؤوس في وقت واحد ثم يشربونها في دفعة واحدة، والبسمة على وجوه الجميع .. كل فترة من العزف تتوقف الفرقة لفترة استراحة، يديرون بها موسيقى مسجلة ثم تعود الفرقة، وكأنك وضعت الزيت على النار، فتشتعل الساحة من جديد، تمنيت حينها لو كان لدي شريط رقص بلدي على واحدة ونص لكي أديره لهم لأرى ردود فعلهم تجاه موسيقانا الشرقية العتيدة، سألني الصديق "ماذا تأخذ"، فأجبت "ساندوتش"، وضحكنا كما لم نضحك من قبل ..! .................. اعتقدت واهما أن البيرة أقل ضررا، بدأت أكواب البيرة تهتز ، وتتضاعف أمامي بعد تناول الكأس الرابع، لم أخرج عن الوعي، ولكن أصبحت أكثر جرأة في الكلام والحركة، تأملت الفتاه الجالسة أمامي ذات الملامح الجادة وسألتها بوقاحة: "لماذا لا تبتسمي؟"، نظرت لي الفتاة وقالت بالدنماركية "... في صحتك!". لم أخرج عن الوعي هكذا أخذت أؤكد لنفسي، بدأ الزملاء يطالبونني بالكف عن الشرب، وأنا أؤكد لهم أنني على ما يرام، وأنني لم أتأثر، وأنني لم أشرب شيئاً، رغم أن ملامحي تؤكد غير ذلك، كنت أظن أن البيرة لا تؤثر على الإنسان، ولكني اكتشفت غير ذلك، إنها تجعلك أكثر حرية وجرأة وانطلاقاً، رغم ذلك فإنك عندما تشربها يظل عقلك الباطن واعياً بالصواب والخطأ، على سبيل المثال، لا يمكن أن تمسك مسدساً وتقتل شخصاً، فذلك مستحيل، ولكن ما يمكن قوله أن البيرة تؤثر على العقل الظاهر من تصرفات الشخص وأقواله، ولكنها لا تؤثر على عقله الباطن الذي يعرف الصواب والخطأ. دعتني الجميلة التي تجلس أمامي للرقص فتماسكت ودخلت معها حلبة الصراع، لا أدري كم من الوقت رقصنا، ولكن كل الذي أدريه أنني كلما دققت النظر في مرافقتي أجد فتاة جميلة، تبتسم وتبذل جهدها لكي تكون سعيداً. بعد ذلك عرفت السر حيث كان صديقي الدون جوان يقوم بعملية توريد الفتيات لي أثناء الرقص، فكما رقص مع واحدة يعطيها لي لترقص معي، ثم يرقص مع أخرى، وهكذا .. تجربة غريبة خرجت منها بالكثير من النتائج، ولكن النتيجة الأهم التي خرجت منها أن شارب البيرة يجب أن يكون غبياً. الرقص يعلو ويشتد ويفور كسائل مجنون في أنبوبة اختبار، الفتيل يشتعل، والكل يحتفي بالانفجار .. كانت النداهة هناك واقفة على شاطئ البحر، في عينيها خضار السواسن، شعرها الكستنائي المبلل بالعطر والماء يتهدل على صدرها المورق بالنداوة واللذة، وفستانها المزين بقوس قزح يلمع من بعيد، تمد إليّ يديها، وأنا تائه في الغابة، أقاوم الصهد والنار كسيزيف .. الصخرة تهوي، أحملها من جديد ..