(إلى سناء محيدلي  .. شهيدة الجنوب اللبناني)

كتبتُ على السورِ إسمَكِ ..
فاخضرَّ طوبُ البناءِ وأورَاقْ
سمعتُ مع الريحِ صوتَكِ
يهمسُ أغنيةً من زمانٍ قديمْ
وأحسستُ أنكِ صاعقةً في ثنايا السحابْ
وشارةَ نصرٍ على كتفِ الفاتحينَ العظامْ
فأعطيتُ للأرض نبضي
وأودعتُ في جسمهَا هيكلي

رفيقةَ جرحي
هلمَّي تعالي
نحضَّرُ للجولةِ القادمة
ونغرسُ نصلَ الحقيقةِ في القلبِ
نجرعُ نخبَ الغضَبْ
ونُقسمُ فوق جبينِ الوطَنْ
فمنذ الصغر ..
تعودتُ أن أقبضَ النارَ بين الكفوفْ
وأبتسمَ رغمَ اشتعالِ الشفاهْ
صغيرين كنا ..
وذا جدنا يلعبُ النردَ بين رفاقِ المعاشِ
يدورُ الحديثُ عن الراحلينَ إلى ضفةِ الموتِ
صوبَ الجنوبْ
ونجلسُ في الركنِ
ننصت .. نسألُ أسئلةً عفويَّهْ
صغيرينِ كنا ..
نجوبُ الشوارعَ
نجري ..
نحدقُ في الأوجهِ المستعارةِ
تُدْهشُنا لُعبةُ القصفِ والجثثِ الآدميهْ
صغيرينِ كنا ..
وفي قاعةِ الدرسِ
ندرسُ كيفَ يموتُ الجياعْ
وكيف تسيلُ الدماءُ على عتباتِ المخيمِ
علَّمنا الموتُ كيفَ نغني الغناءَ الحزينْ
وعلَّمنَا البسمةَ الكاذبهْ
ومرتْ سنونٌ ..
وجرحُ الطفولةِ يكبرُ .. يكبرْ
ومازلت فوق الجراحِ أغني
أحاربُ بالبرقِ والحرفِ
يقتلني الصمتُ كلَّ صباحْ
وأنت هناكَ على الجبهةِ الشائكةْ
فتحتِ عيونكِ للاَّجئينَ بيوتاَ
وأسدلتِ رمشَكِ أغطيةً في ليالي الشتاءْ
جعلتِ ضجيجَ المدافع دفاَ رقيقاَ
وأنت العروسُ الجميلةُ تمشينَ في بِزَّةِ الصاعقَهْ
على صدركِ الفرحُ
والموتُ صاراَ الحبيبَ الذي ينتظرهْ
تحولَ جسمُكِ هذا النقيُّ النبيلُ إلى مَبْخَرهْ
تبثُ البخورَ العتيقَ الذي يشعلُ القلب نوراً وناراً
ويفرشُ بالوردِ قلبَ الوطنْ

كتبتُ على السورِ إسمَكِ
فاخضرَّ طوبُ البناءِ وأوراقْ
1985