(دخان كثيف يصاحب إنسحاب هيرو من على خشبة المسرح مع عودة المكتب وما عليه من كتب إلى مكانه وكرسيه،وعودة السيد إلى سريره بعد أن أستبدل الجلابية بالبيجامة،تعود الأضاءة لتقشع أثر الدخان معلنة عن الصباح،حيث يستيقظ السيد وكأنهُ مضروب على رأسه ،يشتكى من ألم مبرح فى كل جسمه).
السيد(متألما): ياله من كابوس..!! كم كنت قزما أمام هذا الوحش!! لقد كاد يصرعنى.. لكن ربنا ستر. سأقصى عليكم هذا الكابوس(مترددآ) لا .. لا..من الأفضل ألا أقصه.. خير أن شاء الله.. خير. (يقف بجانب السرير يجدد دعوته للجمهور لحضور المؤتمر): اليوم جميع الحضور،هو يوم المؤتمر، وأرجو أن تشرفوننى بالحضور.. وا ..وا..وا................... (يشعر بدوار،ويجلس على السرير متذكرا كلمات هيرو التى تدوى فى المكان): فعرض الإنسان لنفسه فى مجلس العظماء ،ومحاولة جذب أنظارهم إليه بسرعه بديهته وجمال ثرثرته فى مباراته مع الآخرين،عمل لايليق فى رأيى بالرجال الشرفاء. (يضع يداه على ُأذنه محاولا الهروب من تلك الكلمات التى تسكت فجأة. يذهب إلى حيث مكان الملف على سطح المكتب فيأتى صوت هيرو مرددا): إنى أشعر بالفخر والكبرياء بإنتصارى على نفسى حين أستسلم أمام حجة محدثى ولن أقول عدوى أكثر مما أشعر بالرضا حين أنتصر على عدو ضعيف الحجة. (يقف السيد واضعآ يداه على المكتب،ناكسآ رأسه،متأملآ لكلام هيرو): إننا لانتريث أمام من يعارضنا عادة لنتأمل إن كان على حق ،بل يكون همنا أن نتخلص منا بإية وسيلة،طيبة كانت أم خبيثة!!. وبدلا من إن نمد إليه أيدينا،فإننا نمد إليه مخالبنا. (يمسك السيد الملف فى يده،محاولا إخفاؤه خجلآ. يتردد صوت هيرو مرةأخرى) قائلآ: إن العجب حقآ ! فى أنكم حتى الأن ، لم يخطر على قلب أحدكم أن ينادى بوضع هذا النهر كرمز على علمكم ،وتتركون لعدوكم هذا الشرف!!
إن العجب حقآ ! أن ترضوا أن يعبث عدوكم بهذا النهر العظيم ،وأن يزرع السدود فى منبعه وأن تشاهدون ذلك وكأن الأمر لا يعنيكم!!
إن التاريخ ليس عبدا للمؤرخ يوجهه حيث شاء. وعلى المؤرخ أن يناقش ويفهم ظروف صاحب الخبر ومذهبه وهواه،والعصر الذى عاش فيه،وإمكانية وقوع ذلك الخبر فى مثل ذلك العهد ثم يحكى ما حصل عليه على أنه لسان معبر عن الحادث لا مساهم فيه ومشارك
(يقوم السيد بتمزيق ملفه البحثى عن هيرو ،رافضا كل ما خطت يداه عن هذا الرجل العظيم،هيرودوت).