فى حياة كل منا نماذج إما أن نفتخر بها أو نتجنب ذكرها .ونموذجنا اليوم هو من النماذج التى قلما نجدها فى حياتنا.وعرضنا لها اليوم إذا كان به من الإفتخار ما نتباهى به. إلا إنه فى الحقيقة رسالة لكى نحتذى بها، وهذا النموذج هو... أمى...... هى نور الفجر..... ومصباح الحياة
وهج الحب ,ورمز الحنان,مصدر السعادة الذى لا ينضب ,صنعت من المعاناة وقسوة الظروف ,نجاحات أقرب إلى الأساطير. وروايات للشرف والكبرياء. حولت الحرمان إلى طاقة تمرد على الظروف .وضحت وكافحت لتقدم أبناءا يفتخر بهم الجميع.
هى الأم التى وضعت حياتها بين يدى أبنائها ودفنت أحلامها فى أعماق قلبها .ونسجت من أحزانها ثياب فرح كست به أيتامها.وصنعت من عوزها غنى لنفس روح صغارها.فقدمت قصة كفاح فريدة إختلطت فيها الدموع بالعرق.
ومشاعر الأرق والضنى بالحب والرضا.لترسم من خلالها ملحمة إنسانية تؤكد أن المراة هى الأصلب فى المحن والشدائد فى مواجهه الأزمات.إن الفقر والجهل والحزن ليسوا مبررات للفشل ولا مدعاه لليأس. بل هو فى الواقع الدافع لكل نجاح. وعلى لسانى.. أنا بنت تلك الأم السيدة( دولت محمد ذكى شادى) سأروى لكم قصة كفاح تلك السيدة مع أبنائها.
كانت أمى جزء من أسرة صغيرة ميسورة الحال ولم تكن فى رغد من العيش .وكان يعول أسرتنا أبى الذى كان مدرسا فى لمدرسة إبتدائية بنفس القرية .حيث توفى عنها وترك لها بنتين وولدا وحيدا .ولم تكن أمى سوى ربه منزل ليس لها وظيفة إلا رعايتنا.
ومن هنا تبدا قصة كفاح الأم منذ أن توفى عنها زوجها وقد ترك فى رقبتها الابنه الكبيرة (علا) فى الصف الخامس الإبتدائى ,والثانية (إيمان)فى الصف الثانى الإبتدائى, بينما الإبن الإصغر(محمد) لايزال فى رياض الأطفال.
ومنذ رحيل الأب عن هذه الأسرة. وأصبحت هذه الأم هى المسئول الأول والأخير عن هؤلاء الأطفال فى كل شيئ. فى وجود معاش ضئيل هو كل ما نملكه فى تلك الحياة .ومع كل تلك الصعوبات وغيرها من مشاكل الحياة التى واجهتها. أصرت على إستكمال المشوار وتربيتنا أحسن تربية.والوصول بنا إلى بر الأمان وأعلى المراتب العلمية .لنصبح أبناءا نافعين لمجتمعنا وفى خدمة أوطننا كلا فى مجاله.فهى لم تستسلم لكل الظروف التى أحاطت بها ككثير من الإمهات التى تفعل ذلك.
بدأت الام مشوارها الطويل مع هؤلاء الأطفال فكانت الفرحة مع الإبنه الكبرى (علا)عندما حصلت على المركز الاول فى مراحل الدراسة الإعدادية
وهكذا صارت (علا )تحصد المركزالاول فى السنة الاولى للثانوية والمركز الثانى للصف الثانى الثانوى أما فى الشهادة الثانوية فقد حصلت على المركز الثالث بمجموع 96.8% من مدرسة إدفينا الثانوية.مما أهلها هذا المجموع لتلتحق بكلية الصيدلة جامعة الاسكندريه ومحافظة على نفس الترتيب من التقديرات حتى حصلت على بكالوريوس الصيدلة فى عام 2011.
أما الإبنة الوسطى فى الترتيب(إيمان) والتى تروى لكم تلك القصة .فقد واصلت التفوق على درب أختها الكبرى من تفوق إلى تفوق حتى تحصل على المركز الثالث فى الشهادة الإعدادية .لتلتحق هى الأخرى بالمدرسة الثانوية وهناك أيضا تحصد الترتيب الأعلى فى مدرستها لتختار فرع(الرياضيات) املا منها ورغبة فى الإلتحاق بكلية الهندسة ولكن فى الصف الثالث حصلت على مجموع (93.5%) بعد ان حصلت على الدرجات النهائية فى الرياضيات ولكن خانها التنسيق مع تلك الدرجات لتترك حلم الهندسة على نصف درجة فى المائة وتلتحق بكلية العلوم جامعة دمنهور قسم(الكيمياء الفيزيقية) لتحصد التقديرات العليا ما بين جيد جدا وإمتياز فى الثلاث سنوات الماضية .وهى الأن منتظرة نتيجة البكالوريوس هذا العام.
أما الإبن الاصغر (محمد)فقد أجتهد فى دراسته ألى أن وصل للمرحلة الثانوية قسم أدبى ليحصل على مجموع(86%)ليلتحق بكلية التجارة جامعة دمنهورأيضاومازال بالدراسة فيها.هذا الإبن الذى تركه والده وهو إبن ال6سنوات الان أصبح رجل البيت قادرا على تحمل مسئوليته ولم يلتفت إلى مغريات الحياة ككل الشباب الذين فى سنه منهم من عبر الأمان ومنهم من سقط فى براثن الشيطان.
هذا ومما يلفت الإنتباه أيضا أن هؤلاء الأبناء الثلاثة من حفظة القران الكريم منذ الصغر فقد حصلنا على جوائز عديدة سواء على مستوى القرية و مستوى المحافظة ومستوى الجمهورية حينما تم تكريمنا بعد التفوق فى الحفظ فى مسابقة شيخ الازهر.
هذا جزء من كفاح هذه الأم وهو الجزء الأهم فى تربية أولادها وتعليمهم لأنها كانت تعلم علم اليقين أن هؤلاء الأبناء سيكونوا لهم شأن فى هذا المجتمع يقدمونه إليه. وما أكتبه لكم الأن هو نقطة من بحر التضحيات لتلك الأم الصلبة يحتاج مجلدات ومجلدات لكى تكتمل قصة الكفاح.
وها هى الام الان تعيش مرفوعة الرأس بين سكان قريتها بعد أن نصبوها عليهم بالام المثالية لتلك القرية.وكيف لا وقد حققت الكثير والكثير مالم يقدر على تحقيقه رجال وسيدات كثيرون أيسر منا حالا .وذلك رغم كل الصعوبات التى واجهتها إلا انها تحاملت على كل تلك الصعوبات وحملت على عاتقها أسرة كاملة دون مساعدة من أحد إلى أن وصلت بهم إلى بر الأمان الذى يضمن لهم عيشا مستقرا .فقد أمنت أن الله الذى أخذ منها عائلهم ومصدر رزقهم.لهو قادر على أن يحفظها ويحفظ أبنائها ويرزقهم الرزق الحلال الذى يكفيهم ويحقق أمانيهم ..هكذا كان دستورها فى الحياة....
هذا وجديرا بالذكر فقد حصلت هذه الام على جائزة الام المثالية على مستوى مركزرشيد فى العام الماضى فى المسابقة التى أقامتها أحدى الجمعيات الشهيرة بعد حصولها على المركز الاول فى تلك المسابقة لتلحقنا كما كنا نحصد المراكز الاولى قى الدراسة. أما هى فقد اخذتها نتيجة تفوقها فى إمتحان الحياة.
فبارك الله فى هذه الام وفى أبنائها وجعلهم عوننا لها وعوضا عما قاسته فى تلك الحياة ومشوار الكفاح وجعلهم زخرا للإسلام والمسلمين .ورصيدا لها فى الجنة وحجة لها أمام الله.
أما أنا فأنحنى إجلالا لتلك الأم ولتعلم كل الأمهات المكافحات أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.. وتحية وإجلال لهؤلاء الأبناء الذين كافحوا وتفوقوا دون تذمر من شظف الحياة..
فاين أنتم أيها شباب من تلك الأمثلة التى نتفاخر ونتباهى بها..فمازالت الفرصة أمامكم لتحققوا أمالكم فى تلك الحياة ..نماذج نتشرف ونتباهى بها.