سألني الزميل بصحيفة "عكاظ" على الرباعي "ماذا يعني لك العيد، وماذا تبقى من جمالياته" فأثار علي المواجع، وليت ذلك اقتصر على الذكريات المؤلمة .. ولكن هذا السؤال المدبب كالسكين يثير أيضا الفضائح والمذابح ..، فالعيد الذي يعني في الصورة اللغوية والذهنية الفرح والسعادة، أصبح في كثير من الأحيان مرادفا للموت .
أشياء كثيرة تغيرت في حياتنا، ومن بينها الاحتفال بالمناسبات، وإذا سألت أجيالا مختلفة عن موقع "المناسبة" في حياتهم، وكيف كانوا يقضونها؟، ستجد الإجابات غريبة ومختلفة، وأحيانا متناقضة.
العيد أصبح بطعم الجوع، حيث بات عند بعض الشعوب الترجمة الحرفية للمأساة، ولعل أحد الأمثلة على ذلك اللاجئون في العالم العربي الذين فاق عددهم الـ ١٢ مليون، والذين تركوا بيوتهم وشوارعهم، ليهربوا من القتل والذبح والاغتصاب، ليقبضوا على جمر الاغتراب على الحدود، والتشرد، والمستقبل المجهول.
العيد تغير وأصبح بطعم بالشقاء.. خاصة لدى الملايين في العالم العربي الذين يقضون العام في الركض وراء لقمة العيش، لتأمين احتياجات أسرهم المتواضعة، فيأتي العيد لينكأ الجراح، ويزيد الالتزامات، ويضاعف المشكلات، وأحيانا الجرائم، بسبب تفاقم الحاجة.
العيد تغير وأصبح بطعم الدم .. ففي عالم السياسة المتوحشة .. وعلى يد القتلة والمجرمين الذين لم يرعوا حرمة دين، أو يقدروا مناسبة .. كان العيد فاتحة للقتل، ولعل أحد الأمثلة على ذلك قيام بعض العراقيين بمعاونة الأمريكيين بإعدام الرئيس السابق صدام حسين ليلة العيد، وكأن هؤلاء يريدون أن يلغوا معنى العيد من الثقافة العربية، ويحولونه إلى مرادف للموت.
العيد تغير وأصبح بطعم الاغتراب، والتقنية كان لها دورها كبير في ذلك، فقد غيرت معنى العيد التقليدي الذي يعني التزاور والتقارب، وصلة الرحم، والخروج في الحدائق إلى تهنئة ثلجية باردة عبر الواتس آب.
الخلاصة .. نحن شعوب لا تجيد الفرح والابتسام وابتكار السعادة . حتى في الأيام العادية نحن فاشلون في صناعة أجواء إيجابية، فما بالك بالعيد المفترض أصلا أن يكون مناسبة للفرح والسرور؟،.. لذلك نستسلم للواقع المر دون أدنى مقاومة.
رغم الألم والهزائم المتوالية، يجب أن لا نستسلم، وأن نقدم البديل، وذلك بابتكار أجواء وأدوات خاصة للعيد تواكب العصر . حتى لو تم ذلك على سبيل الاصطناع في البداية، سمها إن شئت اصطناعا، أو تمثيلا .. أم تقليدا، محاكاة ..، أو حتى استنساخا، وفقا لقاعدة "من جاور السعيد يسعد" ، ربما نتعلم بالتدريج، وتأتي أجيال جديدة سوية تعرف معنى الفرح.