القاهرة : الأمير كمال فرج.
شهد الموقع الإخباري الروسي «روسيا اليوم RT» تطورا كبيرا الشهور الماضية، وذلك تزامنا مع زيادة التواجد الروسي العسكري والسياسي في القضايا العربية ، خاصة سوريا التي أصبحت ميدانا للتنافس ليس بين التنظيمات الإرهابية فحسب، ولكن بين القوى العالمية.
والموقع نافذة إخبارية عالمية لقناة «RT Arabic» الفضائية، وهي هيئة إخبارية إعلامية ناطقة باللغة العربية تابعة لمؤسسة «تي في — نوفوستي» المستقلة غير التجارية.
وفيما شهدت القناة الفضائية تواجدا ملحوظا في دول عربية ومنها مصر ، حيث زاد إقبال السياسيين العرب على المشاركة في برامج القناة المختلفة، شهد الموقع الإخباري أيضا نشاطا ملحوظا تمثل في زيادة جرعة الأخبار خاصة التي تختص بالعالم العربي، .. وبمرور الوقت وجدت المؤسسة الإعلامية الأمريكية CNN أخيرا منافسا لها على الأرض العربية . بعد قرون من الاحتكار التام .
«روسيا اليوم» تملك مقومات معنوية للنجاح، أهمها الغضب الشعبي العربي من أمريكا لوقوفها الدائم ضد الحقوق العربية ، وهو ما سيوفر تعصبا تقليديا لغريمتها روسيا . وعلى الصعيد المهني يتميز موقع روسيا اليوم بعناصر متميز كالإنفوجرافيك ، خاصة في الجانب العسكري، ومقاطع الفيديو الحصرية ، والأهم سرعة الاستجابة والمتابعة للقضايا العربية والدولية، خاصة السياسية منها، وكذلك تركيزه على الجانب الترفيهي الذي يستقطب فئات عدة من المستخدمين.
النجاح الدبلوماسي العسكري الروسي الملحوظ في سوريا ، يبدو أنه يرافق بما يبدو كأنه نجاح إعلامي تمثله قناة وموقع روسيا اليوم، ونظرا لقوة الاعلام الأمريكي ، وطبيعة الصراع، فإن القناة الروسية تبدو كالثور الذي يناطح الثور الأمريكي.
العنصر الحاسم في الصراع الاعلامي هو المصداقية ، لذلك سيكون المعيار الذي سيرجح كفة عن أخرى، ونظرا للسجل غير المشرف للمؤسسة الاعلامية الأمريكية في العالم العربي ، فإن فرصة الاعلام الروسي أكبر لاستقطاب المواطن العربي .
مع تسليمنا بأن كل طرف يقدم رؤيته السياسية، ويحاول فرضها ، إلا أن هناك حيز يمكن الرهان عليه وتقييمه ورصد المصداقية أو عدم المصداقية فيه .
وفي هذا الجانب أيضا يبدو أن روسيا اليوم تتقدم، أحد الأمثلة على ذلك أن الموقع الإخباري الروسي نشر فورا خبر مقتل زعيم جماعة "جيش الإسلام" زهران علوش بينما تجاهل الموقع الإخباري الأمريكي ـ حتى اللحظة ـ الخبر رغم أهميته ، حيث سيؤدي إلى تغيير كفة القوى الشرعية وغير الشرعية في سوريا.
ولكن يبدو لي أن تصاعد الإعلام الروسي سيقابل بردة فعل، فقد لاحظت مؤخرا أن موقع "فيسبوك" يفرض إجراءا أمنيا عندما يشارك المستخدم رابطا لخبر خاص بموقع "روسيا اليوم" ، حيث تظهر للمستخدم لوحة تدعي أن "هذا الموقع غير موثوق" وتقدم لوحة تتضمن زهور وساعات، وتطلب من المستخدم تحديد الصور الموجود بها "زهور" .
ومع أن لكل دولة الحق في فرض رؤيتها الاعلامية والسياسية ، لنا أيضا أن نتساءل .. متى يفرض العرب رؤيتهم السياسية والإعلامية؟، وإلى متى يلتمس العربي الحقيقية في راديو لندن ، وشبكة سي إن إن الأمريكية، وبي بي سي البريطانية ، وروسيا اليوم الروسية . ومتى يكون للعرب وسيلة إعلامية يستمع إليها الجميع .. سؤال صعب آن له أن يطرح بقوة.