"المنحوس منحوس لو علقوا في رقبته فانوس" هذا المثل المصري ينطبق تماما على النسخ العربية التي أطلقتها وسائل إعلام أجنبية، سواء كانت مطبوعة أو على شبكة الإنترنت، مثل موقع "سي إن إن" الأميركي، وموقع "بي بي سي " البريطاني ، ومجلة "فوربس" العربية، ومجلة "نيوزويك" الأمريكية، وموقع "هافينجتون" البريطاني، و"روسيا اليوم" الروسي، وموقع "دويتشه فيله" الألماني، ومجلة "جون أفريك" الفرنسية.
أهم أسباب الفشل هو أن المستهلك واحد، فالقاريء العربي العازف عن القراءة الذي لم يقبل على قراءة صحافة بلده، لم يجدد مبررا لمتابعة صحافة غيره، حتى ولو كانت بلغته .
السبب الآخر هو أن النسخ العربية التي أطلقتها مؤسسات أجنبية عانت من نفس ما تعاني منه الصحافة عربية الأصل، من الضعف الفني التحريري، بعد أن تعاملت المؤسات الأجنبية مع نسخها العربية معاملة "أولاد الغسالة" في غياب دافع مقنع لإصدار مثل هذه النسخ العربية
والدليل على ذلك أن المواقع الأجنبية نفسها تميزت بقوة الطرح والإمكانات الفنية العالية، أما نسخها العربية فكانت "سد خانة" .. حيث عانت من الضعف ، زاد من هذا الضعف أن مهمة هذا النوع من الصحافة كانت في كثير من الأحيان الترجمة عن الوسيلة الأم ، دون بذل جهد لتقديم صحافة عربية تلامس هموم وقضايا المواطن العربي .
النسخ العربية بـ عد الترجمة التي أصرت عليها ـ كانت أشبه بالخواجة الذي يرتدي جلابية، فأصبح غير مقنع لا شكلا أو موضوعا ، فافتقد بذلك المصداقية .
أضف إلى ذلك أن النسخ العربية / الأجنبية كان لها مساويء أخرى لم تكن على البال، ولا على الخاطر ، السبب ربما الاختلاف الثقافي، والقيم المغايرة، والمرجعيات السياسية المتباعدة .
وكان من نتيجة ذلك :
1ـ تقديم منتج صحفي لا يتناسب أحيانا مع القيم العربية المحافظة . 2ـ تبنى وجهات نظر الدولة الأجنبية الناشرة ، دون اعتبار لموقف القاريء العربي . 3ـ تقديم موضوعات في بعض الأحيان لا تهم القاريء العربي.
ومن العوامل المهمة لفشل الصحافة الأجنبية / العربية هو العامل الثقافي ، الذي يلعب دوره في الشخصية العربية، حيث يتوجس المواطن العربي من أي شيء قاد من الغرب حتى ولو كان تقريرا صحفيا، وربما ساهم في دعم هذه الصورة تاريخ الغرب غير المشرف في الوقوف أمام الطموحات العربية .
ولعل الدليل على ذلك وقوف بعض النسخ الأجنبية الناطقة بالعربية أمام إرادة الشعوب ، كما تفعل موقع سي إن إن العربي حاليا عندما يناصر جماعات متطرفة، ويناهض الدولة المصرية في مسيرتها السياسية والتنموية ، وكما يفعل موقع "هافنجتون العربي" الذي أنتج فيلما يمجد فيه أحمد مالك وصديقه شادي أبوزيد اللذين حاولا السخرية من عساكر شرطة بتقديم واقيات ذكرية منفوخة لهم.
الصحافة الأجنبية / العربية عمل إعلامي موجه ، مثل الفضائيات العربية التي تطلقها دول أجنبية مثل "الحرة" الأمريكية، و"روسيا اليوم" الروسية، وموقع "دويتشه فيله" الألماني. . هدفها الأساسي "سياسي"، وكان ذلك أحد أسباب فشلها رغم الملايين التي تصرف عليها سنويا.
أثبتت الصحافة الأجنبية / العربية فشل ما يمكن أن نسميه "الامتياز الصحفي" ، أو الفرانشيز ، وهو ما يعني حصول مؤسسة عربية على امتياز إصدار صحيفة أجنبية باللغة العربية، فقد اهتمت الجهة العربية الناشرة بالوجاهة والعلاقات العامة قبل الصحافة، وأثبت المنتج النهائي أن الخواجة الذي يرتدي الجلابية، ويتحدث عربي مكسر لا يمكن أن يكون قادرا على الإقناع.
وفي النهاية يقودنا ذلك كله إلى أن نتيجة مهمة، وهي أن الصحافة لا تحقق العالمية بمجرد ترجمتها إلى لغة أخرى، ولكن بالتعبير الحي الصادق عن المحلية .
تاريخ الإضافة: 2016-01-31تعليق: 0عدد المشاهدات :1735